شارفها من قبل ، وتتهيّأ له من المتعة الروحيّة والذهنيّة ما لم يتح له مثله ، ممّا يغريه في المضيّ دوماً بغبطةٍ فيّاضةٍ يستلهم العزم في هذا التجاوب الفكري والوجداني .
وبلا شكّ أنّ تلك السعادة ستكون عارمة فيما لو كان هذا التجاوب مع مَن يملك فكرة المؤرخ ، ويقظة المفكّر ، وحصافة المحقّق ، ومثابرة الباحث المتجشّم مشاقّ المطالعة ، والتفكير الدقيق ، والدراسة الشاملة .
والصفحات القليلة التي تضمّنها هذا الأثر الثمين تدلّ بوضوح على حرص علمائنا على عناصر شخصيّتهم الّتي تعرّضت لذرائع المسخ والتشويه ، والفتنة والاستهواء ، فكان سفراً نفيساً جامعاً لسيّداتٍ تسمّين باسمٍ واحدٍ ، أساسه ما صحّ من المادّة التاريخيّة الموثّقة ، وهو غير مسبوقٍ بآخر في موضوعه في مكتبتنا الإسلامية والعربيّة .
ولمّا كان مؤلفه ـ رضوان اللّه عليه ـ من السلالة الطيّبة لأهل البيت سلام اللّه عليهم أجمعين ، فقد أولَى زينبات هذا البيت الطاهر اهتماماً بالغاً ، وبصورة خاصّة زينب الكبرى بنت الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، الّتي أرسَت أساس نهضة فكريّة في زمنٍ تلبّدت فيه أفكار النّاس ، وذلك كنتيجةٍ لما سار فيهم بنو اُميّة ، ممّا أدّى أن يخذلوا الإمام الحسين بن عليّ عليه السلام ويسلّموه وأهله الأبرار إلى الأسنّة والرماح بعد أن طلبوا منه القدوم إليهم ، لكنّ عقيلة البيت النبويّ أرهَقَتهم بمرارة الحسرة والندم ، وجعلت التكفير عن خطيئتهم ميراثاً رهيباً مقدّساً تتوارثه الأجيال جيلاً بعد جيل .

المؤلف

أبو الحسين ^۱ يحيى بن أبي محمّد الحسن بن أبي الحسن جعفر الحجّة