منتخب الانوار في تاريخ الأئمة الأطهار - الصفحه 50

[الباب العاشر : ] عليّ بن موسى الرضا عليه السلام

ولمّا استشهد وليّ اللّه موسى بن جعفر عليه السلام صار أمين اللّه في أرضه ووليّ أمره ابنه عليّ بن موسى عليه السلام ، بوصيّة أبيه إليه . ۱
و يكنّى أباالحسن ؛ ولقبه : الرضا ۲ ، الصابر ، الوفيّ .
وأمّه أمّ ولد ، يقال لها : سكن النوبيّة . ويقال لها : الخيزران المرسيّة . ويقال صقر ، وتسمّى أروى أمّ البنين ، واللّه أعلم بذلك . ۳
وكان مولده بالمدينة سنة ثلاث و خمسين ومائة [من ]الهجرة ؛ بعد وفاة جدّه أبي عبداللّه عليه السلام بخمس سنين ؛ فكان في سني إمامته بقيّة ملك الرشيد ، ثمّ مَلك محمد بن هارون الأمين وهو ابن زبيدة بعد ثلاث سنين وثمانية عشر يوما ، ثم خُلع محمّد بن زبيدة، وأُجلس مكانه عمّه إبراهيم بن شكلة أربعة عشر يوما ، ثمّ أخرج محمّد بن زبيدة ثانية وبويع له، وبقي بعد ذلك سنة وسبعة أشهر ، ثمَّ ملك المأمون عبداللّه بن هارون بعده عشرين سنة وثلاثة وعشرين يوما ، وأخذ البيعة في ملكه للرّضا عليه السلام بعهد المسلمين من غير رضى ؛ وقبض عليه السلام بطوس من أرض خراسان يوم الجمعة في شهر رمضان سنة اثنين و مائتين ، فكان مقامه مع أبيه موسى عليه السلام تسعا وعشرين سنة وستّة أشهر ، وعاش بعد أبيه في أيّام إمامته عشرين سنة ، واستشهد بطوس ، وصار إلى كرامة اللّه تعالى وعمره تسع و أربعون سنة وستة أشهر . ۴
عن عبداللّه بن بشير قال : أمرني المأمون أن أُطوّل أظفاري عن العادة ولا اُظهر لأحد ذلك ففعلت ، ثم استدعاني فأخرَج إليَ شيئا شبهَ التمرِ الهِنديّ وقال لي : اعجِن هذا بيديك جميعا ففعلت ، ثمّ قام وتركني . فدخل علي الرضا عليه السلام فقال له : ماخَبرُك؟ قال : «أرجو أن أكون صالحا» قال له : أنا اليوم بحمد اللّه أيضا صالح ، فهل جاءك أحدٌ من المترفّقين في هذا اليوم؟ قال : «لا» فغضب المأمون وصاح على غلمانه : ثم قال : خُذْ ماء الرمّان الساعة ، فإنّه ممّا لا يُستَغْنى عنه ، ثم دعاني فقال : ائتنا برمّان فأتيتُه به . فقال لي : اعصره بيديك ، ففعلت ، وسقاه المأمون الرضا عليه السلام بيده ، فكان ذلك سبب وفاته ، فلم يلبث إلاّ يومين حتّى مات عليه السلام . ۵
وحدّثني أبوالحسن بإسناده قال : قال الرضا عليه السلام مرّاتٍ : أنا والرشيد كهاتين ـ وضمَّ إصبَعيه: السبّابة والوسطى ـ فلم نَدْرِ ما قال ، ومنعتني هيبته أن أسأله حتّى مات صلوات اللّه عليه ، فدفن في جانب الرشيد . ۶
وفيه يقول دعبل بن عليّ الخزاعي رحمه الله:
قَبرانِ في طُوسَ: خَيْرُ النّاسِ كُلِّهِمُوقَبْرُ شَرِّهِمُ؛ هذا مِن العِبَرِ
ما يَنْفَعُ الرِّجْسَ مِن قُرْبِ الزّكيِّ و ماعلى الزَّكيِ بِقُرْبِ الرِّجْسِ مِن ضَرَرِ۷

الصفحه من 62