لأنّ للجوع في الأرض الآن سنتين وخمس سنين أيضاً لايكون فيها فلاحة ولا حصاد ، فقد أرسلني اللَّه قدّامكم ليجعل لكم بقيّة في الأرض وليستبقي لكم نجاة عظيمة ، فالآن ليس أنتم أرسلتموني إلى هنا بل اللَّه ، وهو قد جعلني أباً لفرعون وسيّداً لكلّ بيته ومتسلّطاً على كلّ أرض مصر .
أسرِعوا واصعدوا إلى أبي وقولوا له : هكذا يقول ابنك يوسف : انزِل إليّ لا تقف فتسكن في أرض جاسان وتكون قريباً منّي أنت وبنوك وبنو بيتك وغنمك وبقرك وكلّ مالك ، وأعولك هناك لأ نّه يكون أيضاً خمس سنين جوعاً لئلّا تفتقر أنت وبيتك وكلّ مالك ، وهوذا عيونكم ترى وعَينا أخي بنيامين أنّ فمي هو الذي يكلّمكم ، وتخبرون أ نّي بكلّ مجدي في مصر وبكلّ ما رأيتم ، وتستعجلون وتنزلون بأبي إلى هنا . ثمّ وقع على عين بنيامين أخيه وبكى ، وبكى بنيامين على عنقه ، وقبّل جميع إخوته وبكى عليهم .
ثمّ قالت التوراة ما ملخّصه : إنّه جهّزهم أحسن التجهيز وسيّرهم إلى كنعان ، فجاؤوا أباهم وبشّروه بحياة يوسف وقصّوا عليه القصص ، فسُرّ بذلك . وسار بأهله جميعاً إلى مصر وهم جميعاً سبعون نسمة ، ووردوا أرض جاسان من مصر . وركب يوسف إلى هناك يستقبل أباه ، ولقيه قادماً فتعانقا ، وبكى طويلاً ،ثمّ أنزله وبنيه وأقرّهم هناك. وأكرمهم فرعون إكراماً بالغاً وآمنهم، وأعطاهم ضيعة في أفضل بقاع مصر ، وعالهم يوسف مادامت السنون المجدبة ، وعاش يعقوب في أرض مصر بعد لقاء يوسف سبع عشرة سنة .
هذا ما قصّته التوراة من قصّة يوسف فيما يحاذي القرآن ، أوردناها ملخّصة إلّا في بعض فقراتها لمسيس الحاجة» .۱
1.الميزان في تفسير القرآن : ۱۱/۲۶۰ .