النبوّة الخاصّة - الصفحه 11

تناسلت بالازدواج ، فأولدت بنين وبنات إخوة وأخوات ، فهل نسل هؤلاء بالازدواج بينهم وهم إخوة وأخوات أو بطريق غير ذلك ؟ ظاهر إطلاق قوله تعالى‏ : (وبَثَّ مِنهُما رِجالاً كثيراً ونِساءً ...) الآية - على‏ ماتقدّم من التقريب - أنّ النسل الموجود من الإنسان إنّما ينتهي إلى‏ آدم وزوجته من غير أن يشاركهما في ذلك غيرهما من ذكر أو اُنثى‏ ، ولم يذكر القرآن لِلبَثِّ إلّا إيّاهما. ولو كان لغيرهما شركة في ذلك لقال : وبثّ منهما ومن غيرهما ، أو ذكر ذلك بما يناسبه من اللفظ . ومن المعلوم أنّ انحصار مبدأ النسل في آدم وزوجته يقضي بازدواج بنيهما من بناتهما .
وأمَّا الحكم بحرمته في الإسلام وكذا في الشرائع السابقة عليه على‏ ما يحكى‏ فإنّما هو حكم تشريعيّ يتبع المصالح والمفاسد لاتكوينيّ غير قابل للتغيير ، وزمامه بيد اللَّه سبحانه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، فمِن الجائز أن يبيحه يوماً لاستدعاء الضرورة ذلك ، ثمّ يحرّمه بعد ذلك لارتفاع الحاجة واستيجابه انتشار الفحشاء في المجتمع .
والقول بأنّه على‏ خلاف الفطرة وما شرّعه اللَّه لأنبيائه دين فطريّ - قال تعالى‏ :(فأقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الّتي فَطَرَ النّاسَ عَلَيها لاتَبْديلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلكَ الدِّينُ القَيِّمُ)۱ - فاسد ؛ فإنّ الفطرة لاتنفيه ولاتدعو إلى‏ خلافه من جهة تنفّرها عن هذا النوع من المباشره - مباشرة الأخ الاُخت - وإنّما تبغضه وتنفيه من جهة تأديته إلى‏ شيوع الفحشاء والمنكر وبطلان غريزة العفّة بذلك وارتفاعها عن المجتمع الإنسانيّ ، ومن المعلوم أنّ هذا النوع من التماسّ والمباشرة إنّما ينطبق عليه عنوان الفجور والفحشاء في المجتمع العالميّ اليوم ، وأمّا المجتمع يوم ليس هناك بحسب ما خلق اللَّه سبحانه إلّا الإخوة والأخوات - والمشيّة الإلهيّة

1.الروم : ۳۰ .

الصفحه من 262