الغَزوة (غزوات النبيّ صلى اللَّه عليه وآله) - الصفحه 12

الخَطَّابِ ، فاجتَمعُوا عَلى البِئرِ فتعلَّقَ دَلوُ ابنِ سيَّارِ بِدَلوِ جَهجاهَ ، فقالَ سيَّارُ : دَلوي ، وقال جهجاه : دلوي ، فضرَبَ جهجاهُ يدَهُ على وَجهِ ابنِ سيَّارٍ فسالَ منهُ الدَّمُ ، فنادى سيَّارُ بالخَزرَجِ ، ونادى جَهجاهُ بِقُريشٍ ، وأخذ الناسُ السِلاحَ وكادت تقعُ الفِتنَةُ ، فسَمِعَ عبدُ اللَّهِ بنُ اُبَيٍّ النِّداءَ فقالَ : ما هذا؟ فَأخبروهُ بالخبَرِ فَغَضِبَ غضَباً شديداً ثم قال : قد كنتُ كارِهاً لهذا المَسيرِ ، إِنِّي لَأَذَلُّ العَرَبِ ، ما ظننت أنِّي أبقى إلى أن أسمَعَ مِثلَ هذا ، فلا يَكُن عِندي تَعييرٌ ، ثُمَّ أقبل على أَصحابِه فقالَ : هذا عَمَلُكُم ، أنزَلتُموهُم منازِلَكُم وواسَيتُموهُم بِأموالِكُم وَوَقيتُموهُم بأَنفُسِكُم وأبرَزتُم نُحورَكم للقَتلِ ، فأرمَلَ نساءَكُم وأَيتَمَ صبيانَكُم ، ولو أخرَجتُموهُم لكانوا عِيالاً على غَيرِكُم ، ثُمَّ قال : لَئِن رَجعنا إلى المدينَةِ ليُخرِجَنَّ الأعزُّ منها الأذَلَّ .
وكان فِي القوم زيدُ بنُ أرقَمَ - وكانَ غُلاماً قد راهَقَ - وكان رسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله في ظلِّ شجَرَةٍ في وقتِ الهاجِرَةِ ، وعندَهُ قومٌ من أصحابهِ من المهاجرينَ والأنصارِ ، فجاءَ زيدٌ فأخبَرَهُ مِمَّا قالَ عَبدُ اللَّهِ ابنُ اُبيّ ، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله : لعلَّكَ وهمتَ يا غُلامُ ؟ فقال : لا واللَّه ، ما وهمتَ . فقال صلى اللَّه عليه وآله : لعلّكَ غَضِبتَ عَلَيهِ ؟ قال : لا ما غَضِبتُ عَلَيهِ . قال صلى اللَّه عليه وآله: فلَعَلَّهُ سَفِهَ عَلَيكَ ، فقال : لا واللَّه ، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله لِشَقرانَ مَولاهُ : أحدِج ، فأحدَجَ راحِلَتَهُ ورَكِبَ ، وتسامَعَ النَّاسُ بذلِكَ فقالوا : ما كان رسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله لِيَرحَلَ في مِثلِ هذا الوَقتِ ، فرحلَ النَّاسُ ولحِقَهُ سعدُ بن عُبادَة فقال : السلامُ عليكَ يا رسولَ اللَّهِ ورحمَةُ اللَّهِ وبركاتُهُ! فقال : وعليكَ السَّلامُ! فقال : ما كنتَ لِتَرحَلَ في هذا الوَقتِ؟ فقالَ : أوَ ما سَمِعتُ قَولاً قالَ صاحِبُكُم ، قالوا : وَأيُّ صاحِبٍ لنا غَيرُكَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قال : عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيّ ، زعَمَ أنّهُ إن رَجَعَ إلى المدينَةِ لَيُخرِجَنَ الأعزُّ مِنها الأَذلَّ ، فقال : يا رسول اللَّه! فَأنتَ وأصحابُكَ الأعَزُّ وهُوَ وَأصحابُهُ الأَذلُّ ، فسارَ رسولُ

الصفحه من 24