113
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام

3 . الترغيب والترهيب‏

بدأ ابن زياد عمله بترغيب الناس وترهيبهم من أجل قلب جوّ الكوفة السياسي والاجتماعي ، والذي كان يخضع بشدّة لتأثير أنصار الإمام عليه السلام ، فقال في اُولى خطبه بعد قدومه إلى الكوفة مخاطباً الأهالي :
إِنَّ أميرَ المُؤمِنينَ - أصلَحَهُ اللَّهُ - وَلّاني مِصرَكُم وثَغرَكُم ، وأمَرَني بِإِنصافِ مَظلومِكُم ، وإعطاءِ مَحرومِكُم ، وبِالإِحسانِ إلى‏ سامِعِكُم ومُطيعِكُم ، وبِالشِّدَّةِ عَلى‏ مُريبِكُم وعاصيكُم ، وأنَا مُتَّبِعٌ فيكُم أمرَهُ ، ومُنَفِّذٌ فيكُم عَهدَهُ ، فَأَنَا لِمُحسِنِكُم ومُطيعِكُم كَالوالِدِ البَرِّ ، وسَوطي وسَيفي عَلى‏ مَن تَرَكَ أمري ، وخالَفَ عَهدي ، فَليُبقِ امرُؤٌ عَلى‏ نَفسِهِ‏ . ۱

4 . تقديم الرشاوي إلى رؤساء القبائل‏

تمثّل خطوة ابن زياد الاُخرى لقمع ثورة الكوفة في تقديم الرشاوي الضخمة إلى رؤساء القبائل ووجهاء الكوفة ، وقد كان هذا التصرّف مؤثّراً للغاية في إخماد نار الثورة ؛ نظراً إلى النظام القبلي للكوفة ، وفي هذا المجال قال مجمع بن عبد اللَّه العائذي ، أحد الذين أخبروا الإمام عليه السلام في الطريق بأحداث الكوفة :
أمّا أشرافُ النّاسِ فَقَد اُعظِمَت رِشوَتُهُم ، ومُلِئَت غَرائِرُهُم ، يُستَمالُ وُدُّهُم ، ويُستَخلَصُ بِهِ نَصيحَتُهُم ، فَهُم إلبٌ واحِدٌ عَلَيكَ ، وأمّا سائِرُ النّاسِ بَعدُ ، فَإِنَّ أفئِدَتَهُم تَهوي إلَيكَ ، وسُيوفَهُم غَداً مَشهورَةٌ عَلَيكَ‏ . ۲

5 . اعتقال عدد من كبار أنصار الإمام عليه السلام‏

من إقدامات ابن زياد الاُخرى ، الاعتقال المؤقّت لجماعة من كبار أنصار الإمام عليه السلام ، وقد ذكر الطبري في هذا المجال قائلاً :

1.راجع : ص ۴۱۱ ح ۳۲۴ .

2.راجع ص ۴۱۵ ح ۳۳۵ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
112

( 8 )

أهمّ عوامل فشل ثورة الكوفة

يمكن القول استناداً إلى ما ذكرناه بشأن التحليل الاجتماعي والنفسي لأهل الكوفة : إنّ أهم عوامل فشل ثورة الكوفة وإعراض أهلها عن التعاون مع الإمام الحسين عليه السلام هي كالتالي :

1 . انعدام التنظيم وضعف الإمكانيّات الاقتصادية لأنصار الإمام عليه السلام‏

أوضحنا فيما سبق أنّ من خصوصيّات أهل الكوفة عدم تقبّلهم للنظام ، ولذلك فإنّ أنصار الإمام الحسين عليه السلام كانوا هم أيضاً يفتقرون إلى تنظيمات خاصّة ، بل كان أكثرهم تابعاً لزعيم القبيلة بسبب سيادة النظام القبلي في الكوفة ، ولذلك فإنّ الأهالي لم يكن بإمكانهم اتّخاذ القرارات في حالة اعتزال رئيس القبيلة أو اعتقاله أو خيانته . وبالإضافة إلى افتقار أنصار الإمام للتنظيم ، فإنّ ضعف الإمكانيات المالية والتجهيزات العسكرية كان له دور أيضاً في فشل ثورة الكوفة .

2 . التنظيم الإداري والقوّة الاقتصادية لأعداء الإمام عليه السلام‏

في مقابل أنصار الإمام عليه السلام كان أعداؤه وأنصار الحكم الاُموي منظّمين في قالب النظام الإداري للكوفة ، وكانوا يستحوذون على الإمكانيات الاقتصادية والتجهيزات العسكرية لهذه المدينة ، ولكنّهم كانوا يواجهون مشكلتين أساسيّتين لمواجهة مسلم عليه السلام : إحداهما : ضعف إدارة النعمان بن بشير ، والاُخرى : الجوّ العامّ المتمثّل في تأييد الأهالي للإمام الحسين عليه السلام ، ولكنّ هاتين المشكلتين حُلّتا بمجي‏ء ابن زياد .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
عدد المشاهدين : 284615
الصفحه من 850
طباعه  ارسل الي