257
نَهجُ الذِّكر 1

الحديث

۷۲۳.الإمام عليّ عليه السلام ـ فِي خُطبَةٍ لَهُ ـ :جَعَلَ اللّهُ العاقِبَةَ لِلتَّقوى ، وَالجَنَّةَ لِأَهلِها مَأوىً ، دُعاؤُهُم فيها أحسَنُ الدُّعاءِ «سُبْحَـنَكَ اللَّهُمَّ» ، دُعاؤُهُمُ المَولى عَلى ما آتاهُم «وَ ءَاخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَــلَمِينَ» . ۱

۷۲۴.الإمام الباقر عليه السلام :إنَّ المُؤمِنَ لَيَكونُ لَهُ مِنَ الجِنانِ ما أحَبَّ وَاشتَهى ، يَتَنَعَّمُ فيهِنَّ كَيفَ يَشاءُ ، وإِذا أرادَ المُؤمِنُ شَيئا أَوِ اشتَهى إنَّما دَعواهُ فِيها إذا أرادَ أن يَقولَ : «سُبحانَكَ اللّهُمَّ» ، فَإِذا قالَها تَبادَرَت إلَيهِ الخَدَمُ بِمَا اشتَهى مِن غَيرِ أن يَكونَ طَلَبَهُ مِنهُم أو أمَرَ بِهِ ، وذلِكَ قَولُ اللّهِ عز و جل : «دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَـنَكَ اللَّهُمَّ وَ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَـمٌ» يَعني الخُدّامَ ،

1.الكافي : ج ۸ ص ۱۷۳ ح ۱۹۳ عن جابر عن الإمام الباقر عليه السلام ، بحار الأنوار : ج ۷۷ ص ۳۵۰ ح ۳۰ .


نَهجُ الذِّكر 1
256

2 / 5

دُعاءُ أهلِ الجَنَّةِ

الكتاب

«دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَـنَكَ اللَّهُمَّ وَ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَـمٌ وَ ءَاخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَــلَمِينَ» ۱ . ۲

1.يونس : ۱۰ .

2.قال العلّامة الطباطبائي قدس سره : قوله تعالى : «دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَـنَكَ اللَّهُمَّ وَ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَـمٌ وَ ءَاخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَــلَمِينَ» أوّل ما يكرم به اللّه سبحانه أولياءه ـ وهم الذين ليس في قلوبهم إلّا اللّه ، ولا مدبّر لأمرِهم غيره ـ أنّه يطهّر قلوبهم عن محبّة غيره ، فلا يحبّون إلّا اللّه ، فلا يتعلّقون بشيء إلّا اللّه وفي اللّه سبحانه ، فهم ينزّهونه عن كلّ شريك يجذب قلوبهم إلى نفسه عن ذكر اللّه سبحانه ، وعن أيّ شاغل يشغلهم عن ربّهم . وهذا تنزيه منهم لربّهم عن كلّ ما لا يليق بساحة قدسه من شريك في الاسم ، أو في المعنى ، أو نقص أو عدم ، وتسبيح منهم له لا في القول واللفظ فقط ، بل قولاً وفعلاً ولسانا وجنانا وما دون ذلك ، فإنّ له شوبا من الشرك ، وقد قال تعالى : « وَ مَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَا وَ هُم مُّشْرِكُونَ» (يوسف :۱۰۶) . وهؤلاء الذين طهّر اللّه قلوبهم عن قذارة حبّ غيره الشاغلة عن ذكره ، وملأها بحبّه فلا يريدون إلّا إيّاه ، وهو سبحانه الخير الذي لا شرّ معه ، قال : «وَ اللَّهُ خَيْرٌ» (طه :۷۳) . فلا يواجهون بقلوبهم التي هي ملأى بالخير والسلام أحدا إلّا بخير وسلام ، اللّهمّ إلّا أن يكون الذي واجهوه بقلوبهم هو الذي يبدّل الخير والسلام شرّا وضرّا ، كما أنّ القرآن شفاء لمن استشفى به لكنّه لا يزيد الظالمين إلّا خسارا . ثم إنّ هذه القلوب الطاهرة ، لا تواجه شيئا من الأشياء إلّا وهي تجده وتشاهده نعمة للّه سبحانه ، حاكية لصفات جماله ومعاني كماله ، واصفة لعظمته وجلاله ، فكلّما وصفوا شيئا من الأشياء وهم يرونه نعمة من نعم اللّه ، ويشاهدون فيه جماله تعالى في أسمائه وصفاته ، ولا يغفلون ولا يسهون عن ربّهم في شيء ، كان وصفهم لذلك الشيء وصفا منهم لربّهم بالجميل من أفعاله وصفاته ، فيكون ثناءً منهم عليه وحمدا منهم له ، فليس الحمد إلّا الثناء على الجميل من الفعل الاختياري . فهذا شأن أوليائه تعالى وهم قاطنون في دار العمل ، يجتهدون في يومهم لغد ، فإذا لقوا ربّهم فوفى لهم بوعده ، وأدخلهم في رحمته ، وأسكنهم دار كرامته ، أتمّ لهم نورهم الذي كان خصّهم به في الدنيا . كما قال تعالى : «نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمَـنِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا» (التحريم :۸) . فسقاهم شرابا طهورا ، يطهّر به سرائرهم من كلّ شرك جليّ وخفيّ ، وغشيهم بنور العلم واليقين ، وأجرى من قلوبهم على ألسنتهم عيون التوحيد ، فنزّهوا اللّه وسبّحوه أوّلاً ، وسلّموا على رفقائهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين ، ثمّ حمدوا اللّه سبحانه وأثنوا عليه بأبلغ الحمد وأحسن الثناء . وهذا هو الذي يقبل الانطباق عليه ـ واللّه أعلم ـ قوله في الآيتين : [ ۱] « تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَـرُ فِى جَنَّـتِ النَّعِيمِ» (يونس :۹) وفيه ذكر جنّة الولاية وتطهير قلوبهم . [ ۲] «دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَـنَكَ اللَّهُمَّ» وفيه تنزيهه تعالى وتسبيحه عن كلّ نقص وحاجة وشريك ، تنزيها على وجه الحضور ، لأنّهم غير محجوبين عن ربّهم . «وَ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَـمٌ» وهو توسيم اللقاء بالأمن المطلق ، ولا يوجد في غيرها من الأمن إلّا اليسير النسبي «وَ ءَاخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَــلَمِينَ» (يونس :۱۰) وفيه ذكر ثنائهم على اللّه بالجميل بعد تسبيحهم له وتنزيههم ، وهذا آخر ما ينتهي إليه أهل الجنّة في كمال العلم . وقد قدّمنا في تفسير قوله تعالى : «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَــلَمِينَ» (الفاتحة : ۲) أنّ الحمد توصيف ولا يسع وصفه تعالى لأحد من خلقه إلّا للمخلصين من عباده الذين أخلصهم لنفسه وخصّهم بكرامة من القرب لا واسطة فيها بينهم وبينه ، قال تعالى : «سُبْحَـنَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ * إِلَا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ» (الصافّات : ۱۵۹ و۱۶۰) ... . والآية تدلّ على أنّ اللّه سبحانه يلحق أهل الجنّة من المؤمنين بالآخرة بعباده المخلصين ، ففيها وعد جميل وبشارة عظيمة للمؤمنين (الميزان في تفسير القرآن : ج ۱۰ ص ۱۷) .

  • نام منبع :
    نَهجُ الذِّكر 1
    المساعدون :
    الافقي، رسول
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1428 ق / 1386 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 199824
الصفحه من 604
طباعه  ارسل الي