247
نَهجُ الذِّكر 1

«وَ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ»۱ .
بل إنّ كل الأشياء في عالم الخلق تحمد اللّه ـ تعالى ـ إلى جانب تسبيحه :
«وَ إِن مِّن شَىْ ءٍ إِلَا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لَـكِن لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ»۲ .
وتوضيح ذلك أن التسبيح هو تنزيه اللّه ـ تعالى ـ في الذات والصفات والأفعال من كل نقص والتحميد ، هو الثناء على اللّه ـ تعالى لتمتعه بجميع الكمالات في الذات والصفات والأفعال ، ولا شك في أن وجود جميع الكمالات فيه ـ سبحانه ـ راجع إلى تنزيهه من جميع النقائص .
على هذا ، فإنّ التحميد هو في الحقيقة نوع من التسبيح ، باختلاف في جهة واحدة وهي أنّ التسبيح ثناء على اللّه بصفات الجلال والتحميد ، ثناء عليه بصفات الجمال ، واقتران التسبيح بالتحميد ، يعني الثناء على اللّه ـ تعالى ـ بصفات الجلال والجمال معا .
بعبارة اُخرى ، فإنّ التحميد ملازم للتسبيح كما أنّ الصفات الثبوتية للحق ـ تعالى ـ تستلزم صفاته السلبية وبذلك يتم اقتران تنزيه اللّه ـ تعالى ـ من جميع النقائص ووصفه بجميع الكمالات ، من خلال اقتران التحميد بالتسبيح .
الملاحظة الأخرى هي أنّ التحميد ليس بمفرده نوعا خاصّا من التسبيح ، بل إنّ التهليل والتكبير نوعان من التسبيح أيضا ، لأنّ التهليل هو تنزيه الخالق ـ سبحانه ـ من الشرك ، والتكبير تنزيهه من وصف الجاهلين وتحديدهم له ، لذلك فقد سأل الإمام الصادق عليه السلام الشخص الذي كبّر في حضوره عليه السلام قائلاً : اللّهُ أكبَرُ مِن أيِّ شَيءٍ؟
فأجاب ذلك الشخص بقوله : من كلّ شيء .
فقال الإمام : حَدَّدتَهُ .
فقال الرجل : فكيف أقول؟

1.الرعد : ۱۳ .

2.الإسراء : ۴۴ .


نَهجُ الذِّكر 1
246

إنّ ما جاء في هذه الأحاديث في بيان معنى «التسبيح» وتفسيره يدل عموما على أن مفهوم هذا الذكر ، هو التنزيه المقترن بتعظيم اللّه ـ تعالى ـ .

المسبّح الحقيقي

استنادا إلى ما وردت الإشارة إليه في تفسير «التسبيح» ، فإنّ صفة «المسبّح» لا يستحقها كل من أتى بهذا الذكر ، فالمسبّح الحقيقي هو الذي آمن أنّ اللّه ـ تعالى ـ لا يعتريه أي نقص في الذات والصفات والأفعال وأدرك عظمة هذا المعنى ، وعلى هذا فإنّ الذي يعترض على التقديرات الإلهيّة حتى في قلبه ، لا يمكن أن يكون صادقا حينما ينطق بالتسبيح .

سرّ التلازم بين «التسبيح» و«التحميد»

من خلال التأمّل في المفهوم الحقيقي ل «التسبيح» يتضح لنا سر التلازم بين هذا الذكر وذكر «التحميد» في القرآن ۱ والأدعية الشريفة ولماذا تأتي الملائكة بحمد اللّه مع تسبيحه :
«وَ تَرَى الْمَلَـئِكَةَ حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ»۲ .
ويأمر اللّه ـ تعالى ـ النبيّ صلى الله عليه و آله قائلاً :
«وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِىِّ وَ الْاءِبْكَـرِ»۳ .
ويقول أيضا :
«وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ»۴ .
كما ذكر القرآن بشأن ذكر «الرعد» :

1.راجع : البقرة : ۳۰ ، الرعد : ۱۳ ، الحجر : ۹۸ ، الإسراء : ۴۴ .

2.الزمر : ۷۵ وراجع : غافر : ۷ ، الشورى : ۵ ، البقرة : ۳۰ .

3.غافر : ۵۵ .

4.الطور : ۴۸ .

  • نام منبع :
    نَهجُ الذِّكر 1
    المساعدون :
    الافقي، رسول
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1428 ق / 1386 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 199849
الصفحه من 604
طباعه  ارسل الي