19
نَهجُ الذِّكر 1

الحقيقية والذكر الحقيقي ، واما الذي يذكر اللّه بلسانه ، ولكن فعله لا ينسجم مع قوله فإنّه يعد غافلاً وناسيا لا ذاكرا ، كما روي عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :
مَن أطاعَ اللّهَ فَقَد ذَكَرَ اللّهَ ، وإن قَلَّت صَلاتُهُ وصِيامُهُ وتِلاوَتُهُ . ومَن عَصَى اللّهَ فَقَد نَسِيَ اللّهَ ، وإن كَثُرَت صَلاتُهُ وصِيامُهُ وتِلاوَتُهُ لِلقُرآنِ .۱
إنَّ هذا التفسير للذكر يوضح لنا أنّ حقيقة الذكر هي التوجه القلبي الصادر عن المعرفة الحقيقية للّه المقترن بالاحساس بالمسؤولية .

أصعب الفرائض

إنّ الملاحظة التي تستحقّ التأمّل هيَ أنّ أحاديث أهل البيت عليهم السلام تعتبر الذكر بالمفهوم الذي ذكرناه أصعب فريضة ۲ ، فأداؤها ضروري في كل حال بمعنى أنّ المؤمن يجب أن يربي نفسه بشكل بحيث يصبح الذكر ملكة لديه ، أي أن ينفذ ذكر اللّه بشكل في روحه بحيث يمنعه ذكر اللّه من ارتكاب الذنب الذي يعرض له ، وأنواع الذكر هي مقدمة لحصول هذه الحالة المعنوية .

أنواع الذكر

يمكن تقسيم الذكر باعتبارات مختلفة فينقسم إلى ذكر اللسان وذكر القلب وذكر النفس وذكر الروح وذكر العقل وذكر المعرفة وذكر السرّ ، كلّ ذلك باعتبار آلته وما يتحقّق به .
كما ينقسم إلى «الذكر الخالص» ـ وهو ما كان القلب موافقا للسان في الذكر ـ و «الذكر الصارف» الذي ينفي ذكر الأغيار ولا يرسخ ذكر اللّه في أعماق

1.راجع : ج ۱ ص ۶۷ ح ۱۶۶ .

2.راجع : ج ۱ ص ۶۷ (حقيقة الذكر) .


نَهجُ الذِّكر 1
18

فَقالَ : لَم يَجعَلِ اللّهُ عزّوجلّ لَهُ حدّا يَنتهيَ إلَيهِ .
قالَ : وكانَ أبي عليه السلام كَثيرَ الذِّكرِ ، لَقَد كُنتُ أمشي مَعَهُ وإنَّهُ لَيَذكُرُ اللّهَ ، وآكُلُ مَعَهُ الطَّعامَ وإنَّهُ لَيَذكُرُ اللّهَ ، ولَقَد كانَ يُحدِّثُ القَومَ وما يَشغَلُهُ ذلِكَ عن ذِكرِ اللّهِ ، وكُنتُ أرى لِسانَهُ لازِقا بِحَنَكِهِ يَقولُ : لا إلهَ إلَا اللّهُ . وكانَ يَجمَعُنا فَيَأمُرُنا بِالذِّكرِ حتّى تَطلُعَ الشَّمسُ . ويَأمُرُ بِالقِراءَةِ مَن كانَ يَقرأُ مِنّا ومَن كانَ لا يَقرَأُ مِنّا أَمرَهُ بِالذِّكرِ . 1

معنى الذكر

إنّ حقيقة الذكر هي توجه القلب إلى خالق العالم والإحساس بأن العالم في محضر اللّه وأن الإنسان في حضوره . وهذا المعنى لا يتحقق إلّا بشرطين هما المعرفة الحقيقية للّه ـ تعالى ـ والتوجّه إليه .
بعبارة أوضح ، فإن الإنسان ما لم يعرف الخالق الحقيقي للعالم فإنه لا يستطيع أن يذكره ، وعلى هذا الأساس فإن الذين يعبدون شيئا غير المعبود الحقيقي ، فإنّهم لا يذكرونه في الحقيقة ، بل يذكرون ظنونهم :
«إِنْ هِىَ إِلَا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَ ءَابَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَـنٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَا الظَّنَّ وَ مَا تَهْوَى الْأَنفُسُ» . ۲
فعندما يعرف الإنسان إلهه الحقيقي ، ويرى نفسه في محضره ، فإنّ أوّل آثار ذكر اللّه ـ تعالى ـ هو طاعته ولذلك ، فكلما زادت معرفة الإنسان وذكره لخالقه ، ازدادت طاعته له .
على هذا ، فإنّ أداء الواجبات الإلهيّة وترك المحرّمات ، هما علامة المعرفة

1.راجع : ج ۱ ص ۳۲ ح ۳۱ .

2.النجم : ۲۳ .

  • نام منبع :
    نَهجُ الذِّكر 1
    المساعدون :
    الافقي، رسول
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1428 ق / 1386 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 199530
الصفحه من 604
طباعه  ارسل الي