125
الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي

منهج العلاّمة في تصحيح الطرق

وسيأتي في العنوان التالي .

لا نحتاج إلى السند

أوضح الشارح هذا المعنى ومنهج العلاّمة في تصحيح بعض الطُرق الّتي ظاهرها الضعف على منهج المتأخّرين في موضعين :
أ ـ قوله في شرح رجال الفقيه عند ترجمة أحمد بن الحسين بن عبد الملك الأودي : «والظاهر أنّه لا يحتاج إلى الطريق أصلاً ؛ لأنّه لا ريب في أنّه كان أمثال هذه الكتب الّتي كان مدار الطائفة عليها كانت مشتهرة بينهم زائداً على اشتهار الكتب الأربعة عندنا ، ولاريب في أنّ الطريق لصحَّة انتساب الكتاب إلى صاحبه فإذا كان الكتاب متواتراً فالتمسك بأخبار الآحاد الصحيحة كان كتعرف الشمس بالسراج .. . ولكن لما أرادوا أن يخرج الخبر بظاهره عن صورة الإرسال ذكروا طريقاً إليه تيمناً وتبركاً ، وهؤلاء مشايخ الإجازة المحض . فلهذا ترى العلاّمة وغيره يصفون الخبر بالصحَّة ولو كان في أوائل السند مجاهيل كأحمد بن محمّد بن الحسن ، وأحمد بن محمّد بن يَحيى ، وماجيلويه ، ومحمّد بن إسماعيل ، وغيرهم .
ومن لم يكن له اطّلاع على ذلك فتارة يعترض عليه ، وتارة يحكم بثقة هؤلاء مع أنّ الظاهر أنّه لو كان لهؤلاء توثيق في الكتب لكنّا نطلع عليه ؛ لأنّه لم يكن للعلاّمة كتاب غير هذه الاُصول الّتي في أيدينا ، ولو كان له غيرها لكان يذكر مرّة أنّه ذكر فلان في الكتاب الفلاني أنّ فلاناً ثقة ، لكن الأصحاب نظروا إلى أنّه لو كان لم يعتبر مشايخ الإجازة وضعفهم لكان يحكم بصحَّة الجميع ، لأنّهم جميعاً منهم مع أنّه ليس كذلك دأبه . لكن لم يلاحظوا أنّه فرق بين مشايخ الإجازة ، فبعضهم لم يكن له كتاب ولا رواية أصلاً وكان لبعضهم كتاب ورواية وإن لم يكن يروي هذا الخبر إلاّ من صاحب الكتاب ،


الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي
124

نعم ، وافقه بعض الأجلّة عند البحث عن دلالة قول الرجالي «ضعيف» على القدح في نفس الراوي ، حيث قال : «نرى الأكثر يفهمون منه القدح في نفس الرجل ، ويحكمون به بسببه ، ولا يخلو من ضعف ؛ لما سنذكر في داوود بن كثير ، و .. . جعل كثرة الإرسال ذمّاً وقدحاً ، وفي جعفر بن محمّد بن مالك الرواية عن الضُعَفاء والمجاهيل من عيوب الضُعَفاء .. . ثمّ اعلم أنّه فرق بيّن ظاهر بين قولهم :
«ضعيف» ، وقولهم : «ضعيف في الحديث» ، فالحكم بالقدح منه أضعف» . ۱
ثمّ لا يخفى أنّه لو فسّرنا وقبلنا أنّ السبب في قول الرجالي «ضعيف في الحديث» رواية الراوي أحياناً عن الضُعَفاء ، لابُدّ لنا أن نقبل أنّ تلك العبارة لا يمكن أن تفيد الذمّ حتّى في رواية الراوي فضلاً عن دلالته على القدح في نفس الراوي ؛ لأنّ المتأخّرين ـ كما قال الشارح ـ ينظرون إلى كلّ واحد من رجال السند ، فإذا روى الراوي الّذي قيل في ترجمته تلك العبارة عن الثقة يأخذون منه ، وإذا روى عن المجروح لا يأخذون منه . فتلك العبارة لا تفيد شيئاً عند المتأخّرين .

المعتمد هو الكتاب

قد تقدّم في العنوان السابق أنّ سيرة القُدَماء هي تصحيح الكتب ، ولو كان الراوي ممّن يروي عن الضُعَفاء لصار هذا موجباً لعدم اعتماد الأصحاب على كتابه . ثمّ إنّه لو انعكس الأمر بأن كان الراوي ضعيفاً في نفسه وصحيحاً في نقله ، فقد يُستفاد من ثاني العبارات الّتي نقلناها هناك أنّ ذلك لا يضرّ بشيء عندهم ، فهم يصححون الكتاب ويعتمدون عليه ولو كان مؤلّفه ضعيفاً في نفسه ، وقد صرّح الشارح بذلك المعنى في باب «الحرية» من كتاب العتق ـ بعد نقل الصَدوق خبر أبي البختري ـ حيث قال : «.. . كتابه معتمد وإن كان ضعيفاً في نفسه فإنّ مدار القُدَماء كان على الكتاب» . ۲

1.فوائد الوحيد البهبهاني ، ص ۳۷ ـ ۳۸ .

2.روضة المتّقين ، ج ۶ ، ص ۳۶۳ ـ ۳۶۴ .

  • نام منبع :
    الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي
    المساعدون :
    جدیدی نجاد، محمدرضا ، المسعودی، عبدالهادی
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1385
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 93632
الصفحه من 296
طباعه  ارسل الي