نعم ، وافقه بعض الأجلّة عند البحث عن دلالة قول الرجالي «ضعيف» على القدح في نفس الراوي ، حيث قال : «نرى الأكثر يفهمون منه القدح في نفس الرجل ، ويحكمون به بسببه ، ولا يخلو من ضعف ؛ لما سنذكر في داوود بن كثير ، و .. . جعل كثرة الإرسال ذمّاً وقدحاً ، وفي جعفر بن محمّد بن مالك الرواية عن الضُعَفاء والمجاهيل من عيوب الضُعَفاء .. . ثمّ اعلم أنّه فرق بيّن ظاهر بين قولهم :
«ضعيف» ، وقولهم : «ضعيف في الحديث» ، فالحكم بالقدح منه أضعف» . ۱
ثمّ لا يخفى أنّه لو فسّرنا وقبلنا أنّ السبب في قول الرجالي «ضعيف في الحديث» رواية الراوي أحياناً عن الضُعَفاء ، لابُدّ لنا أن نقبل أنّ تلك العبارة لا يمكن أن تفيد الذمّ حتّى في رواية الراوي فضلاً عن دلالته على القدح في نفس الراوي ؛ لأنّ المتأخّرين ـ كما قال الشارح ـ ينظرون إلى كلّ واحد من رجال السند ، فإذا روى الراوي الّذي قيل في ترجمته تلك العبارة عن الثقة يأخذون منه ، وإذا روى عن المجروح لا يأخذون منه . فتلك العبارة لا تفيد شيئاً عند المتأخّرين .
المعتمد هو الكتاب
قد تقدّم في العنوان السابق أنّ سيرة القُدَماء هي تصحيح الكتب ، ولو كان الراوي ممّن يروي عن الضُعَفاء لصار هذا موجباً لعدم اعتماد الأصحاب على كتابه . ثمّ إنّه لو انعكس الأمر بأن كان الراوي ضعيفاً في نفسه وصحيحاً في نقله ، فقد يُستفاد من ثاني العبارات الّتي نقلناها هناك أنّ ذلك لا يضرّ بشيء عندهم ، فهم يصححون الكتاب ويعتمدون عليه ولو كان مؤلّفه ضعيفاً في نفسه ، وقد صرّح الشارح بذلك المعنى في باب «الحرية» من كتاب العتق ـ بعد نقل الصَدوق خبر أبي البختري ـ حيث قال : «.. . كتابه معتمد وإن كان ضعيفاً في نفسه فإنّ مدار القُدَماء كان على الكتاب» . ۲