15
حکم لقمان

تأتي الخطوة الأخيرة من الانطلاق صوب منزلة الانسان الكامل ، ـ وهي الحكمة الحقيقية ـ وهذه المرحلة يتكفّل اللّه تعالى نفسه بالتمهيد لها .
وفي ما يلي نعرض شرحا موجزا لهذه الأنواع الثلاثة من الحكمة :

1 . الحكمة العلمية

المُراد بالحكمة العلمية : هو جميع أنواع العلوم والمعارف الضرورية للارتقاء إلى مقام الإنسان الكامل . وبعبارة اُخرى : العلم المتعلّق بالمعتقدات يُعدّ «حِكمَة» وكذا العِلم المتعلّق بالأخلاق ، والعلم المتعلّق بالأعمال . ولذلك نلاحظ أنّ القرآن الكريم بعدما يبيّن تعاليما وإرشادات شتّى في الميادين الاعتقادية والأخلاقية والعملية يُسمّي كلاًّ منها حِكمَة ويقول :
«ذَ لِكَ مِمَّآ أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ» . ۱
وهذا المفهوم للحكمة هو الغاية الأولى من بعثة الأنبياء ، وقد أكّد القرآن الكريم على هذا المعنى في العديد من آياته الشريفة ، منها ما جاء في الآية :
«لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءَايَـتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَـبَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِى ضَلَـلٍ مُّبِينٍ» . ۲

2 . الحكمة العملية

الحكمة العملية : هي عبارة عن المنهج العملي لبلوغ مرتبة الإنسان الكامل . ومن وجهة نظر القرآن والأحاديث الشريفة كما يُسمى العلم الّذي يعتبر مقدّمة لتكامل الإنسان حكمة ، كذلك يُسمّى العمل الّذي يُعتبر مقدّمة لتكامله حِكمة أيضا ، مع فارق واحد وهو أنّ العلم هو الخطوة الأولى للتكامل ، والعمل خطوته الثانية .

1.الاسراء : ۳۹ .

2.آل عمران : ۱۶۴ . وكذلك راجع : البقرة : ۱۲۹ و۱۵۱ ؛ الجمعة : ۲ .


حکم لقمان
14

الحكمة في القرآن والحديث

وردت كلمة «الحكمة» في القرآن الكريم عشرين مرّة ، وقد مجّد الباري عزّ وجلّ نفسه في كتابه الكريم بصفة الحكيم 91 مرّة . ۱
يتجلّى من خلال التأمّل في موارد استعمال هذه الكلمة في النصوص الإسلامية أنّ الحكمة من وجهة نظر القرآن والأحاديث هي المقدّمات المتّقنة لنيل الأهداف الإنسانية السامية على الصعيد العلمي والعملي والنفسي . وما جاء في الأحاديث الشريفة في تفسير «الحكمة» إنّما يمثّل في الواقع مصداقا من مصاديق هذا التعريف العام .

أقسام الحكمة

في ضوء ما ذكرناه من التعريف الكلّي للحكمة ، فهي تُقسّم من منظار القرآن والحديث إلى ثلاثة أنواع : الحكمة العلمية ، والحكمة العملية ، والحكمة الحقيقية .
علما أنّ هذا التقسيم وهذه التسميات مُستقاة من النظر والتأمّل في استعمالات كلمة الحكمة في القرآن والأحاديث الشريفة . إنّ كلّ واحدة من مراتب الحكمة العلمية ، والعملية والحقيقية تمثّل درجة على سُلّم يمكن المرء توظيفها للارتقاء إلى ذرى الكمال الإنساني .
ومن الملفت للنظر أن نعلم أنّ الدرجة الأولى من هذا السُلّم وهي الحكمة العلمية قد بنى صرحها المُرسلون ، وأمّا الدرجة الثانية منه وهي الحكمة العملية فيجب أن يبنيها الإنسان نفسه ، ومن بعد استكمال بناء الخطوة أو الدرجة الثانية ،

1.وردت كلمة «حكيم» في القرآن ۳۶ مرّة مع صفة «عليم» ، و۴۷ مرّة مع صفة «عزيز» ، و۴ مرّات مع صفة «خبير» ، ومرّة واحدة مع صفات «توّاب» و«حميد» و«عليّ» و«واسع» .

  • نام منبع :
    حکم لقمان
    المساعدون :
    غلامعلی، مهدی
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 95818
الصفحه من 200
طباعه  ارسل الي