609
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

الشّرْحُ:

كان يقال : إذا اشتدّ المَضِيق ، اتّسعَتْ الطريق ، وكان يقال : توقَّعوا الفَرَج عند ارتتاجِ الَمخرَج . وفي الأثر : تَضايَقِي تَنْفرجِي ، سَيَجعل اللّه بعدَ العُسر يُسْراً . والفَرْجة بفتح الفاء : التفصِّى من الهمّ . فأمّا الفُرْجة بالضّم ، ففُرْجة الحائط وما أشبَهَه .

358

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام لبعض أصحابه : لاَ تَجْعَلَنَّ أَكْثَرَ شُغُلِكَ بِأَهْلِكَ وَوَلَدِكَ ، فَإِنْ يَكُنْ أَهْلُكَ وَوَلَدُكَ أَوْلِيَاءَ اللّهِ ، فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَوْلِيَاءَهُ ، وَإِنْ يَكُونُوا أَعْدَاءَ اللّهِ ، فَمَا هَمُّكَ وَشُغْلُكَ بأَعْدَاءِ اللّهِ!

الشّرْحُ:

قد تقدّم القولُ نحوَ هذا المعنى ، وهو أمر بالتّفْويض والتوكُّل على اللّه تعالى فيمن يَخلُفه الإنسانُ مِن وَلده وأهله ، فإن اللّه تعالى أعلم بالمصلحة ، وأرأف بالإنسان من أبيه وأُمِّه ؛ ثم إن كان الوَلَد في عِلم اللّه تعالى وليّا من أولياء اللّه سبحانه ، فإنّ اللّه تعالى لا يضيِّعه ، قال سبحانه : «ومن يتوكّل على اللّه فهو حَسْبُه»۱ . وكلُّ وليٍّ للّه فهو متوكِّل عليه لا محالَة ، وإن كان عدوّا للّه لم يَجُز الاهتمامُ له والاعتناء بأمره ؛ لأنّ أعداءَ اللّه تجب مُقاطعتهم ، ويَحرُم تولِّيهم ، فعلى كلِّ حال لا ينبغي للإنسان أن يَحفِل بأهله وولدِه بعد موتِه . واعلم أن هذا كلامُ العارفين الصّدّيقين ، لا كلامُ أهل هذه الطبقات التي نعرِفها ، فإن هذه الطبقات تقصُر أقدامُهم عن الوصول إلى هذا المقام .

1.سورة الطلاق ۳ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
608

وعاشِرُها : من عَلِم أنّ كلامَه مِن عَمله قلَّ كلامُه إلاّ فيما يَعنيه ؛ لا رَيْبَ أنّ الكلامَ عَملٌ من الأعمال ، وفِعلٌ من الأفعال ، فكما يُستهجَن من الإنسان ألاّ يزال يُحرِّك يدَه وإن كان عابثا ، كذلك يُستهجَن ألاّ يزال يُحرِّك لسانَه فيما هو عَبَث ، أو يَجرِي مَجرَى العَبَث .

356

الأصْلُ:

۰.لِلظَّالِمِ مِنَ الرِّجَالِ ثَـلاَثُ عَلاَمَاتٍ :
يَظْلِمُ مَنْ فَوْقَهُ بِالْمَعْصِيَةِ ، وَمَنْ دُونَهُ بِالْغَلَبَةِ ، وَيُظَاهِرُ الْقَوْمَ الظَّلَمَةَ .

الشّرْحُ:

يُمكِن أن يفسَّر هذا الكلامُ على وجهين .
أحدُهما : أنّ كلَّ من وُجِدَت فيه إحدى هذه الثلاث فهوَ ظالم ، إمّا أن يكون قد وجبتْ عليه طاعةُ مَن فوقَه فعصاه ، فهو بعصيانه ظالم له ، لأنّه قد وضعه في غير موضعه ، والظُّلم في أصل اللّغة ؛ هو هذا المعنى ، فكذلك من عَصَى مَن فوقَه فقد زَحزَحه عن مَقامه إذا لم يُطِعه . وإمّا أن يكون قد قهر مَن دُونَه وغلبَه . وإمّا أن يكون قد ظاهَر الظَلَمة .
والوجه الثاني : أنّ كلّ ظالم فلابدّ من اجتماع هذه العلامات الثلاثِ فيه ؛ وهذا هو الأظهر .

357

الأصْلُ:

۰.عِنْدَ تَنَاهِي الشِّدَّةِ تَكُونُ الْفَرْجَةُ ، وَعِنْدَ تَضَايُقِ حَلَقِ الْبَلاَءِ يَكُونُ الرَّخَاءُ .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 112957
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي