595
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

وصار ذلك العدد معلوما عندهم محصور الكميّة ، نقصوا بقتل محمد من ذلك العدد واحدا ، فإنّ النقص ليس من عدد أصحابهم ، بل من عدد أعدائهم الذين كانوا يتربّصون بهم الدوائر ، ويتمنَّوْن لهم الخُطوب والأحداث ، كأنّه يقول : استراحوا من واحدٍ من جملة جماعةٍ كانوا ينتظرون موتهم .

332

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام : الْعُمْرُ الَّذِي أَعْذَرَ اللّهُ فِيهِ إِلَى ابْنِ آدَمَ سِتُّونَ سَنَةً .

الشّرْحُ:

أعذَرَ اللّه فيه ؛ أي سَوَّغ لابن آدم أن يَعتذر ، يعني أنّ ما قبل الستّين هي أيّام الصِّبا والشبيبة والكُهولة ، وقد يُمكن أن يُعذر الإنسانُ فيه على اتّباع هَوَى النفس لغَلَبة الشّهوة ، وشَرَه الحَداثة ، فإذا تَجاوَز الستّين دخَل في سِنّ الشَّيْخُوخة ، وذهبتْ عنه غُلَواء شِرَّتِه ، فلا عُذرَ له في الجهل .

333

الأصْلُ:

۰.مَا ظَفِرَ مَنْ ظَفِرَ الاْءِثْمُ بِهِ ، وَالْغَالِبُ بِالشَّرِّ مَغْلُوبٌ ۱ .

1.والمراد ، إذا كانت الوسيلة لظفرك بخصمك ركوب إثم ، واقتراف معصية ، فإنك لم تظفر حيث ظفرت بك المعصية فألقت بك إلى النار (عن محمد عبده) ، وأمّا قوله عليه السلام : «الغالب بالشرّ مغلوب» أي فمن غلب غيره بالشرِّ والمعصية ، فهو مغلوب لا غالب . إذاً لا يجتمع الظفر والإثم ، ولا الغلبة والشرّ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
594

330

الأصْلُ:

۰.اتَّقُوا مَعَاصِيَ اللّهِ فِي الْخَلَوَاتِ ، فَإِنَّ الشَّاهِدَ هُوَ الْحَاكِمُ .

الشّرْحُ:

إذا كان الشاهد هو الحاكم استغنَى عمّن يشهد عنده ؛ فالإنسان إذن جديرٌ أن يتّقي اللّه حقّ تُقَاته ؛ لأنّه تعالى الحاكم فيه وهو الشاهد عليه .

331

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام لما بلغه قتل محمد بن أبي بكر ۱ رضى الله عنه :
إِنَّ حُزْنَنَا عَلَيْهِ عَلَى قَدْرِ سُرُورِهِمْ بِهِ ، إِلاَّ أَنَّهُمْ نَقَصُوا بَغِيضاً ، وَنَقَصْنَا حَبِيباً .

الشّرْحُ:

قد تقدّم ذكر مقتل محمد بن أبي بكر رضى الله عنه .
وقال عليه السلام : إن حزننا به في العِظَم على قدر فَرَحِهم به ؛ ولكنْ وَقع التفاوت بيننا وبينهم من وجه آخر ؛ وهو أنّا نقصنا حبيباً إلينا ، وأمّا هم فنقصوا بغيضا إليهم .
فإن قلت : كيف نقصوا ، ومعلوم أن أهل الشام ما نقصوا بقتل محمّد شيئا ؛ لأنّه ليس في عددهم!
قلت : لمّا كان أهل الشام يعدُّون في كل وقت أعداءهم وبغضاءهم من أهل العراق ،

1.انظر الخطبة ۳۵ .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 112940
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي