547
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

وقال بعضُ الحُكمَاء : اِحذر النِّعم المتواصِلة إليك أن تكون استدراجا ، كما يحذر المحارِب من اتباعِ عدوِّه في الحربِ إذا فرَّ من بين يديه من الكمِين ، وكم من عدوٍّ فرَّ مستدرَجاً ثمّ إذ هو عاطِفٌ ، وكم من ضارِعٍ في يديك ثمّ إذ هو خاطف .

258

ومن كلامه عليه السلام المتضمِّن ألفاظا منَ الغريبِ تحتاجُ إلى تفسير

الأصْلُ:

۰.قولهُ عليه السلام في حديثه : فَإِذَا كَانَ ذلِكَ ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّينِ بِذَنَبِهِ ، فَيَجْتَمِعُونَ إِلَيْهِ كَمَا يَجْتَمِعُ قُزَعُ الْخَرِيفِ .

قال الرضيُّ رحمه الله :
يَعسُوبُ الدِّينِ : السيدُ العظيمُ المالكُ لأمورِ الناسِ يومئذٍ ، والقُزَعُ : قِطَعُ الغيمِ الَّتِي لا ماءَ فيها .

الشّرْحُ:

أصاب في اليَعْسوب ، فأمَّا القُزَع فلا يُشترط فيها أن تكون خاليةً من الماء ، بل القُزَع قِطَعٌ من السحاب رقيقة ، سواء كان فيها ماء أو لم يكن ، الواحدة قَزَعة بالفتح ، وإنما غرّه قولُ الشاعر يصف جيشا بالقِلّة والخفّة .
* كأنّ رعالة قُزَع الجهامِ *
وهذا الخبر من أخبار المَلاحِم الّتي كان يُخبِر بها عليه السلام ، وهو يَذكُر فيه المهديَّ الّذي يُوجَد عند أصحابنا في آخر الزمان ۱ . ومعنى قوله : «ضَرَب بذَنَبه» أقام وثبت بعد أضطرابه ،

1.بل هو موجود ، ويظهر في آخر الزمان بعد غيبته وخوفه ، ويجتمع اليه المؤمنون سراعاً كاجتماع قُزَع الخريف ، فيبسط سلطانه ويملأ الأرض قسطا وعدلاً كما ملئت ظلما وجورا . وقد استعار عليه السلام له لفظة اليعسوب ، وهو السيد العظيم .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
546

256

الأصْلُ:

۰.الْوَفَاءُ لِأَهْلِ الْغَدْرِ غَدْرٌ عِنْدَ اللّهِ ، وَالْغَدْرُ بَأَهْلِ الْغَدْرِ وَفَاءٌ عِنْدَ اللّهِ .

الشّرْحُ:

معناه أنه إذا اعتِيدَ من العدوّ أن يغدِر ولا يفي بأقوالهِ وأَيْمانه وعهوده ، لم يجزْ الوفاء له ، ووَجَب أن ينقض عهوده ولا يوقَف مع العهد المعقود بيننا وبينه ، فإنّ الوفاء لمن هذه حالُه ليس بوفاء عند اللّه تعالى ، بل هو كالغَدْر في قُبْحه ، والغدر بمن هذه حاله ليس بقبيح ، بل هو في الحسن كالوفاء لمن يَستحِقُّ الوفاء عند اللّه تعالى .

257

الأصْلُ:

۰.كَمْ مِنْ مُسْتَدْرَجٍ بِالاْءِحْسَانِ إِلَيْهِ ، وَمَغْرُورٍ بِالسَّتْرِ عَلَيْهِ ، وَمَفْتُونٍ بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِيهِ ، وَمَا ابْتَلَى اللّهُ سُبْحَانَهُ أَحَداً بِمِثْلِ الإمْلاَءِ لَهُ ۱ .

قال الرَّضي رحمه الله :
وَقَدْ مَضَى هذا الكلامُ فيما تقدَّمَ ، إلاّ أنَّ فيه هاهنا زيادةً جيدةً مُفِيدةً .

الشّرْحُ:

قد تقدّم الكلامُ في الاستدراج والإملاء ۲ .

1.تقدم هذا الكلام في الحكمة (۱۱۲) بالحرف الواحد .

2.انظر شرح الخطبة (۳۱) الجزء ۲ : ۱۷۰ ـ ۱۷۳ ، وانظر أيضاً شرح الحكمة (۲۵) .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 113955
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي