55
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

الشّرْحُ:

بَضْعة من الإنسان : قطعة منه ، والهاء في «يسعده» ترجع إلى اللسان . والضمير في « امتنع» يرجع إلى الإنسان، وكذلك الهاء في«لا يمهله» يرجع إلى اللّسان. والضمير في « اتسع» يرجع إلى الإنسان ، وتقديره : فلا يُسعِد اللسان القول إذا امتنع الإنسان عن أن يقول ، ولا يمهل اللسان النطق إذا اتّسع للإنسان القول ، والمعنى : إن اللسان آلةٌ للإنسان ، فإذا صرفه صارفٌ عن الكلام، لم يكن اللسان ناطقا، وإذا دعاه داعٍ إلى الكلام نطق اللّسان بما في ضمير صاحبه.
وتنشّبت عروقه ، أي علِقت ، وروي : «انتشبت» ، والرواية الأُولى أدخل في صناعة الكلام ؛ لأنّها بإزاء تهدّلت ، والتهدّل : التدلّي ۱ ، وقد أخذ هذه الألفاظ بعينها أبو مسلم الخراساني ، فخطب بها في خطبةٍ مشهورة من خطبه .
واعلم أنّ هذا الكلام قاله أمير المؤمنين عليه السلام في واقعة اقتضت أن يقوله ، وذلك أنّه أمر ابن أخته جَعْدة بن هُبيرة المخزوميّ أن يخطب الناس يوماً ؛ فصعد المنبر ، فحصِر ولم يستطع الكلام ، فقام أمير المؤمنين عليه السلام فتسنّم ذرْوة المنبر ، وخطب خطبة طويلة ، ذكر الرضيّ رحمه اللّه منها هذه الكلمات .

229

الأصْلُ:

۰.ومن كلام له عليه السلام
روى ذُعْلب اليماني ، عن أحمد بن قتيبة ، عن عبداللّه بن يزيد ، عن مالك بن دِحْية ، قال : كنّا عند أميرالمؤمنين عليه السلام ، فقال وقد ذكر عنده اختلاف الناس :
إِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمْ مَبَادِئُ طِينِهِمْ ، وَذلِكَ أنَهُمْ كَانُوا فِلْقَةً مِنْ سَبَخِ أَرْضٍ وَعَذْبِهَا ، وَحَزْنِ

1.كلّ اللّسان : نبا عن الغرض . عارم : شرِس الخلُق . المماذق : من يخرج الودّ بالغش ، فلا يخلص في ودّه شأن المنافقين .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
54

الشّرْحُ:

هو عبد اللّه بن زَمَعة بن الأسود بن المطّلب بن أسد بن عبد العُزّى بن قُصَيّ . كان الأسودمن المستهزئين الّذين كفى اللّه رسوله أمرهم بالموت والقتل ، وابنه زَمَعة ابن الأسود، قُتِل يوم بدر كافرا .
وكان عبد اللّه بن زَمَعة شيعةً لعليّ عليه السلام . ومن أصحابه ؛ ومن ولد عبد اللّه هذا أبو البختريّ القاضي ؛ وكان منحرفا عن عليّ عليه السلام ، وهو الذي أفتى الرشيد ببطلان الأمان الذي كتبه ليحيى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وأخذه بيده فمزّقه .
قوله عليه السلام : «وجَلْب أسيافهم» ، أي ما جلبتْه أسيافهم وساقته إليهم ، والجلَب : المال المجلوب . وجَناة الثمر ما يُجْنَى منه ، وهذه استعارة فصيحة ۱ .

228

الأصْلُ:

۰.ومن كلام له عليه السلامأَلاَ وَإِنَّ اللِّسَانَ بَضْعَةٌ مِنَ الاْءِنْسَانِ ، فَـلاَ يُسْعِدُهُ الْقَوْلُ إِذَا امْتَنَعَ ، وَلاَ يُمْهِلُهُ النُّطْقُ إِذَا اتَّسَعَ ، وَإِنَّا لَأُمَرَاءُ الْكَـلاَمِ ، وَفِينَا تَنَشَّبَتْ عُرُوقُهُ ، وَعَلَيْنَا تَهَدَّلَتْ غُصُونُهُ .
وَاعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللّهُ أَنَّكُمْ فِي زَمَانٍ الْقَائِلُ فِيهِ بِالْحَقِّ قَلَيلٌ ، وَاللِّسَانُ عَنِ الصِّدْقِ كَلِيلٌ ، وَاللاَّزِمُ لِلْحَقِّ ذَلِيلٌ ، أَهْلُهُ مُعْتَكِفُونَ عَلَى الْعِصْيَانِ ، مُصْطَلِحُونَ عَلَى الاْءِدْهَانِ ، فَتَاهُمْ عَارِمٌ ، وَشَائِبُهُمْ آثِمٌ ، وَعَالِمُهُمْ مُنَافِقٌ ، وَقَارِؤهُمْ مُمَاذِقٌ ، لاَ يُعَظِّمُ صَغِيرُهُمْ كَبِيرَهُمْ ، وَلاَ يَعُولُ غَنِيُّهُمْ فَقِيرَهُمْ .

1.الفيء : في اللغة الرجوع ، وعند الفقهاء الخراج ، والغنيمة التي حازها المسلمون بالجهاد . شَركتهم : شاركتهم .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 111244
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي