فَاحْذَرُوا الدُّنْيَا فَإِنَّهَا غَدَّارَةٌ غَرَّارَةٌ خَدُوعٌ ، مُعْطِيَةٌ مَنُوعٌ ، مُلْبِسَةٌ نَزُوعٌ ، لاَ يَدُومُ رَخَاؤهَا ، وَلاَ يَنْقَضِي عَنَاؤهَا ، وَلاَ يَرْكُدُ بَلاَؤهَا .
الشّرْحُ:
عِتْقٌ من كلِّ مَلكة ، هو مثل قوله عليه السلام : «التوبة تجبُّ ما قبلها» ، أيْ كلّ ذنب موبِق يملك الشيطان فاعله ويستحوذ عليه ، فإنّ تقوى اللّه تعتِق منه ، وتكفّر عقابه ، ومثله قوله : « ونَجَاةٌ من كلّ هَلَكة» .
قوله عليه السلام : «والعمل ينفع» ، أي اعملوا في دارِ التَّكْليف ، فإنّ العمل يوم القيامة غير نافع . «والحال هادئة» ، أي ساكنة ليس فيها ما في أحوال الموقف من تلك الحركات الفظيعة ، نحو تطاير الصحف ، ونطق الجوارح ، وعنف السياق إلى النار . «والأقلام جارية» ، يعني أنّ التكليف باقٍ ، وأنّ الملائكة الحفَظة تكتب أعمال العباد ، بخلاف يوم القيامة ، فإنه يبطل ذلك ، ويُستغنى عن الحفظة لسقوط التكليف . قوله : «عمرا ناكساً» ، يعني الهرَم ، من قوله تعالى : «وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الخَلْقِ»۱ ، لرجوع الشيخ الهرِم إلى مثل حال الصبيّ الصغير في ضعف العقل والبنية .
والموت الخالس : المختطِف . والطِّيّات : جمع طِيّة بالكسر ، وهي منزل السفر . والواتر : القاتل ، والوِتْر ، بالكسر : الذَّحْل . وأعلقتكم حبائله : جعلتكم معتلقين فيها ، ويروى : «قد عَلِقَتْكم» بغير همز . وتكنّفتكم غوائله : أحاطت بكم دواهيه ومصائبه . وأقصدتكم : أصابتكم . والمعابل : نصال عِرَاض ، الواحدة مِعْبَلة ، بالكسر . وعَدْوته ، بالفتح : ظُلْمه . ونَبْوَته : مصدر نَبَا السَّيف ، إذا لم يؤثِّر في الضريبة . ويوشِك ، بالكسر : يقرب . وتَغْشاكم : تحيط بكم . والدّواجي : الظُّلَم ، الواحدة داجية . والظُّلل : جمع ظُلّة ، وهي السحاب . والاحتدام : الاضطرام . والحنادس : الظلمات . وإرهاقه : مصدر أرهقته ، أي أعجلته ، ويروى : «إزهاقه » بالزاي . والأطباق : جمع طَبَق ، وهذا من باب الاستعارة ، أي تكاثف ظلماتِها طبق فوق طبق . ويروى : «وجُشوبة مذاقه» بالجيم والباء ، وهي غلظ الطعام . والنّجِيّ : القوم يتناجوْن . والنديّ : القوم يجتمعون في النادي . واحتلبوا دِرّتها : فازوا بمنافعها ، كما يحتلب الإنسان اللَّبَن .