451
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

المحقَّق ، فكانت قبيحةً لوقوعها غير موقعها ، وسمّـاها عليه السلام كُفْرا لمشارَكَتها الكُفْرَ في القُبْح فأجرى عليها اسمَه .
وأيضا فإن المرأة قد تؤدِّي بها الغيرةُ إلى ما يكون كُفْرا على الحقيقة كالسِّحْر ، فقد وَرَد في الحديث المرفوع أنه كُفْر ، وقد يُفضى بها الضَّجَر والقَلَق إلى أن تَتسَخّط وتَشْتُم وتتلفّظ بألفاظٍ تكون كُفرا لا محالة .

120

الأصْلُ:

۰.لَأَنْسُبَنَّ الاْءِسْلاَمَ نِسْبَةً لَمْ يَنسُبْهَا أَحَدٌ قَبْلِي: الاْءِسْلاَمُ هُوَ التَّسْلِيمُ ، وَالتَّسْلِيمُ هُوَ الْيَقِينُ ، وَالْيَقِينُ هُوَ التَّصْدِيقُ ، وَالتَّصْدِيقُ هُوَ الاْءِقْرَارُ ، وَالاْءِقْرَارُ هُوَ الْأَدَاءُ ، وَالْأَدَاءُ هَوَ الْعَمَلُ .

الشّرْحُ:

خلاصةُ هذا الفَصْل تقتضي أنّ الإسلام والإيمان عبارتان عن معبّر واحد ، وأنّ العمل داخلٌ في مفهومِ هذه اللفظة ، ألا تراه جَعَل كلَّ واحدة من اللَّفَظات قائمةً مقامَ الأُخرى في إفادة المفهوم ، كما تقول : اللّيث هو الأسَدُ والأسد هو السّبع ، والسبع هو أبو الحارث ! فلا شُبهةَ أن اللّيث يكون أبا الحارث ، أي أنّ الأسماء مترادفة ، فإذا كان أوّل اللَّفظَات الإسلام ، وآخرها العَمل ، دَلّ على أنّ العمل هو الإسلام ؛ وهكذا تقول أصحابُنا : إنّ تارك العمل وتارك الواجب لا يسمَّى مسلما .
فإن قلت : هَبْ أنّ كلامَه عليه السلام يدلّ على ما قلت ، كيف يدلّ على أن الإسلام هو الإيمان ؟
قلت : لأنّه إذا دَلّ على أن العمل هو الإسلام وَجَب أن يكون الإيمان هو الإسلام ؛ لأنّ كلّ من قال : إنّ العمل داخل في مُسمَّى الإسلام ، قال : إنّ الإسلام هو الإيمان ، فالقول بأنّ العمل داخلٌ في مسمَّى الإسلام ، وليس الإسلام هو الإيمان ، قول لم يَقُل به أحد ؛ فيكون الإجماع


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
450

نَرَى مِنَ الْأَمْوَاتِ سَفْرٌ عَمَّا قَلِيلٍ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ ! نُبَوِّئُهُمْ أَجْدَاثَهُمْ ، وَنَأْكُلُ تُرَاثَهُمْ ، كَأَنَّا مُخَلَّدُونَ بَعْدَهُمْ ! ثُمَّ قَدْ نَسِينَا كُلَّ وَاعِظٍ وَوَاعِظَةٍ ، وَرُمِينَا بِكُلِّ فَادِحٍ وَجَائِحَةٍ .
طُوبَى لِمَنْ ذَلَّ فِي نَفْسِهِ ، وَطَابَ كَسْبُهُ ، وَصَلَحَتْ سَرِيرَتُهُ ، وَحَسُنَتْ خَلِيقَتُهُ ، وَأَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ ، وَأَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ لِسَانِهِ ، وَعَزَلَ عَنِ النَّاس شَرَّهُ ، وَوَسِعَتْهُ السُّنَّةُ ، وَلَمْ يُنْسَبْ إِلَى بِدْعَةِ ۱ .
قال الرضي رحمه الله : أقولُ : ومِنَ الناس من ينسب هذا الكلام إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وكذلك الذي قبله .

الشّرْحُ:

الأشهر الأكثَر في الرّواية أنّ هذا الكلام من كلام رسولِ اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ومِثل قوله : «كأن الموت فيها على غيرنا كُتِب» قولُ الحسن عليه السلام : «ما رأيت حَقّا لا باطلَ فيه أشبَه بباطلٍ لا حَقّ فيه من المَوْت» . والألْفاظ التي بعده واضحة ليس فيها ما يُشْرَح ، وقد تقدّم ذِكرُ نظائرها.

119

الأصْلُ:

۰.غَيْرَةُ الْمَرْأَةِ كُفْرٌ ، وَغْيْرَةُ الرَّجُلِ إيمَانٌ .

الشّرْحُ:

المرجع في هذا إلى العَقْل والتماسك ، فلمّا كان الرجل أعقَل وأشدّ تماسُكا كانت غَيْرَته في موضعها ، وكانت واجبةً عليه ؛ لأنّ النهي عن المنكَر واجب ، وفعل الواجبات من الإيمان ، وأمّا المرأة فلما كانت أنقَصَ عقْلاً وأقلَّ صَبْرا كانت غَيْرَتها على الوَهْم الباطل والخيال غير

1.سَفْر : أي مسافرون . نُبوِّئهُمْ : ننزلهم . أجداثهم : قبورهم . الجائحة : البليّة والتهلكة .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 111227
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي