437
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

الشّرْحُ:

قال صاحبُ الصّحاح : نَوْفُ البَكاليّ كان صاحبَ عليّ عليه السلام . وقال ثعلب : هو منسوبٌ إلى قبيلة تُدعَى بَكالة ، ولم يذكر من أيّ العرب هي ، والظاهر أنّها من الَيمَن .
قوله : أم رامق ، أي أم مستيقِظٌ تَرمُق السماءَ والنجومَ ببَصَرِك .
قوله : قَرَضوا الدّنيا ، أي تَرَكوها وخَلّفوها وراءَ ظهورِهم ، قال تعالى : «وَإذَا غَرَبَت تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمالِ»۱ أيتَترُكهُم وتَخلفُهم شمالاً ، ويقول الرجل لصاحبه : هل مَررتَ بمكانِ كذا ، يقول : نَعَم قرَضْته ليلاً ذاتَ الَيمين .

102

الأصْلُ:

۰.إِنَّ اللّهَ افْتَرَضَ عَلَيْكُمُ فَرَائِضَ ، فَـلاَ تُضَيِّعُوهَا ؛ وَحَدَّ لَكُمْ حُدُوداً ، فَـلاَ تَعْتَدُوهَا ؛ وَنَهَاكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ ، فَـلاَ تَنْتَهِكُوهَا ؛ وَسَكَتَ لَكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ وَلَمْ يَدَعْهَا نِسْيَاناً ، فَـلاَ تَتَكَلَّفُوهَا ۲ .

الشّرْحُ:

قال اللّه تعالى : «لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤكُمْ»۳ . وجاء في الأثر : أبهِموا ما

1.سورة الكهف ۱۷ .

2.قوله عليه السلام : « وسكت لكم عن أشياء ... » ، هذا ردّ على المجادلين الذين يكلّفون أنفسهم معرفة ما لم يكلّفْهم اللّه تعالى به . وأراد بالسكوت أنّه لم يذكر ولم يأمر بالبحث عنه . فلا تتكلّفوها ، أي لا تطلبوا حكمها وحقيقتها . معارج النهج للبيهقي ص۸۱۳ .

3.سورة المائدة ۱۰۱ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
436

الشّرْحُ:

هذا الفصل بَيّنٌ في نفسِه لا يَحتاج إلى شَرْح ، وذلك لأنّ عَمَل كلّ واحدة من الدارين مُضادٌّ لِعَمل الأُخرى ، فعَمَل هذا : الاكتساب ، والاضطراب في الرزق ، والاهتمام بأمر المعاش ، والولد والزوجة ، وما ناسَبَ ذلك . وعمل هذه : قَطْعُ العلائق ، ورفض الشهوات ، والانتصاب للعبادة ، وصَرْف الوجه عن كلّ ما يصدّ عن ذِكرِ اللّه تعالى ؛ ومعلومٌ أنّ هذين العَمَلين متضادّان ، فلا جَرَم كانت الدّنيا والآخرة ضرّتين لا يجتمعان!

101

الأصْلُ:

۰.وعن نوف البكّائي ـ وَقِيلَ البَكالِيّ باللاّمِ ؛ وَهُوَ الأصَح ـ قَالَ :
رأيت أمير المؤمنين عليه السلام ذات ليلة، وقد خرج من فراشه ، فنظر إلى النجوم ، فقال لي :
يَا نَوفُ ، أرَاقِدٌ أَنْتَ أمْ رامِقٌ ؟ فقلت : بل رامِقٌ يا أمِيرَ المُؤمِنِينَ ؛ قال : يَا نَوْفُ ، طُوبَى لِلزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا ، الرَّاغِبِينَ فِي الآخِرَةِ ، أُولئِكَ قَوْمٌ اتَّخَذُوا الْأَرْضَ بِسَاطاً ، وَتُرَابَهَا فِرَاشاً ، وَمَاءَهَا طِيباً ، وَالْقُرْآنَ شِعَاراً ، وَالدُّعَاءَ دِثَاراً ، ثُمَّ قَرَضُوا الدُّنْيَا قَرْضاً عَلَى مِنْهَاجِ الْمَسِيحِ . يَانَوْفَ ، إِنَّ دَاوُودَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَامَ فِي مِثْلِ هذِهِ السَّاعَةِ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ : إِنَّهَا لسَاعَةٌ لاَ يَدْعُو فِيهَا عَبْدٌ إِلاَّ اسْتُجِيبَ لَهُ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَشَّاراً ، أَوْ عَرِيفاً ، أَوْ شُرْطِيّاً ، أَوْ صَاحِبَ عَرْطَبَةٍ ـ وَهِيَ الطُّنْبُورُ ـ أَوْ صَاحِبَ كَوْبَةٍ ، وَهِيَ الطَّبْلُ .
وَقَدْ قِيلَ أيضا : إنَّ العَرْطَبَةَ الطَّبْلُ ، والكَوْبَةُ الطُّنْبُورُ ۱ .

1.العشّار : من يتولّى أخذ أعشار الأموال ، وهو المكّاس . العريف : من يتجسس على أحوال الناس وأسرارهم ليكشفها لأميره . الشرطي : الذي يعاون الحاكم في ظلمه وينفّذ أمره . والعَرطَبَة : الطنبورُ بلغة الروم . الكوبة : الطبل الصغير المخصّر ، غنى بهما صاحب الملاهي .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 111157
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي