393
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

الشّرْحُ:

هذا الكلام يُمكن أن يُحمَل على حقيقته ، ويمكن أن يُحمَل على مَجازه ، فإنْ حُمِل على حقيقته فقد ذهب إلى هذا المذهب كثيرٌ من الفقهاء ، وهو مَذهَب الإماميّة ، وهو أنّه لا يصحّ التنفّل ممّن عليه قضاءُ فريضة فاتتْه لافي الصلاة ولا في غيرها ؛ وأمّا إذا حُمِل على مَجازه ، فإنّ معناه يجب الابتداء بالأهمّ وتقديمُه على ما ليس بأهمّ ، فتَدخُل هذه الكلمة في الآداب السلطانيّة والإخوانيّة ، وحَمْلُ الكلمة على حقيقتها أولَى ؛ لأنّ اهتمام أميرِ المؤمنين عليه السلام بالأمور الدينيّة والشرعيّة في وصاياه ومنثور كلامِه أعظمُ .

40

الأصْلُ:

۰.لِسَانُ الْعَاقِلِ وَرَاءَ قَلْبِهِ ، وَقَلْبُ الْأَحْمَقِ وَرَاءَ لِسَانِهِ .

قال الرضي رحمه الله :
وهذا مِنَ المَعَاني العَجيبةِ الشريفةِ ، والمُرَاد بهِ أنَّ العاقلَ لا يُطْلقُ لسانَهُ ، إلاّ بَعْدَ مشاورةِ الرَّويَّة ومؤامرةِ الفكرةِ ، والأحمقُ تَسبقُ حذفاتُ لسانِهِ وفلتاتُ كلامهِ مراجعةَ فِكرِهِ ، ومماخَضَةَ رأيهِ . فكأنّ لسانَ العاقلِ تابعٌ لقلبِهِ ، وكأنَّ قلبَ الأحمقِ تابعٌ للِسانِهِ .
قال : وقد روي عنه عليه السلام هذا المعنى بلفظ آخر ، وهو قوله : « قَلبُ الْأَحْمَقِ فِي فِيهِ ، وَلِسَانُ الْعَاقِلِ فِي قَلْبِهِ» ومعناهما واحد .

الشّرْحُ:

قد تقدّم القولُ في العَقل والحُمق ، ونذكر هاهنا زِياداتٍ أُخرى . قالوا : كلّ شيء يَعِزّ إذا قَلّ ، والعقل كلَّما كان أكثرَ كان أعزّ وأغلى .
قيل لبعضهم : ما جِماعُ العَقل ؟ فقال : ما رأيتُه مجتمِعا في أحد فأصِفَه ، وما لا يوجد


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
392

38

الأصْلُ:

۰.قال عليه السلام لابنه الحسن عليه السلام :يَابُنَيَّ ، احْفَظْ عَنِّي أَرْبَعاً ، وَأَرْبَعاً ، لاَ يَضُرَّكَ مَا عَمِلْتَ مَعَهُنَّ : إِنَّ أَغْنَى الْغِنَى الْعَقْلُ ، وَأَكْبَرَ الْفَقْرِ الْحُمْقُ ، وَأَوحَشَ الْوَحْشَةِ الْعُجْبُ ، وَأَكْرَمَ الْحَسَبِ حُسْنُ الْخُلُقِ .
يَا بُنَيَّ ، إِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْأَحْمَقِ ، فَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَنْفَعَكَ فَيَضُرَّكَ ، وَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْبَخِيلِ ، فَإِنَّهُ يَقْعُدُ عَنْكَ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَيْهِ ، وَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْفَاجِرِ ، فَإِنَّهُ يَبِيعُكَ بِالتَّافِهِ ؛ وإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْكَذَّابِ ، فَإِنَّهُ كَالسَّرَابِ يُقَرِّبُ عَلَيْكَ الْبَعِيدَ ، وَيُبَعِّدُ عَلَيْكَ الْقَرِيبَ ۱ .

الشّرْحُ:

هذا الفصل يتضمّن ذِكرَ العقلِ والحُمق ، والعُجب وحُسن الخُلُق ، والبُخل والفُجور ، والكَذِب ، وقد تقدّم كلامُنا في هذه الخصال أجمَع .

39

الأصْلُ:

۰.لاَ قُرْبَةَ بِالنَّوَافِلِ إِذَا أَضَرَّتْ بِالْفَرَائِض .

1.العجب : ظن الإنسان في نفسه استحقاق منزلة هو غير مستحقّ لها . التافه : الشيء القليل . السراب : ما يتراءى في الصحراء ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئا .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 111155
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي