7
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1

مقدّمة الكتاب

بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد للّه رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين ، وبعد :
إن كتاب « نهج البلاغة » ، أو ما اختاره الشريف الرضي (359 ـ 406 ه) أبو الحسن محمّد بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن ابراهيم ابن الإمام موسى الكاظم عليه السلام ، أحد علماء الإمامية الأفذاذ وأشعر شعراء قريش ؛ أروع ما أُثر عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من خطب وكتب ومواعظ وأدب ، ممّا يتضمّن عجائب البلاغة ، وغرائب الفصاحة ، وجواهر العربية ، وثواقب الكلم الدينيّة والدنيوية ؛ هو أجلّ نتاج أدبي وفكري بشري عرفه التأريخ ، وأكثرها ثباتاً ودواماً وانتشاراً بعد كتاب اللّه العزيز ، والسنّة النبوية الشريفة « وأعظمها فنّاً وفكراً وعمقاً ، ففنيّاً قدّم النهج نموذجاً فنّياً عالياً ، بحيث أنّ ما عداه من النتاج الأدبي هو دونه أو تقليد له ، وأمّا فكريّاً فهو حصيلة ما أودعه رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلممن المعرفة لدى الإمام علي عليه السلام « أنا مدينة العلم وعلي بابها » ، هذه المعرفة التي سبقت عصرها الى تخوم العصور » ۱ .
وجاءت تسميته « بنهج البلاغة » ليدلّ على أنّه النموذج الأسمى لبلاغة التعبير ، والأعلى لسمو الفكر ، وتنوّع الفنون ، والأغراض والأهداف ، فالنهج كتاب لا نظير له بين آثار بني البشر ؛ لأنّه يُعنى بشؤون الإنسان الروحية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية ،

1.تاريخ الأدب العربي في ضوء المنهج الإسلامي ، د . محمود البستاني ، ص۲۰۹ بتصرّف .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
6

تناول هذا الشرح دراسة كتاب نهج البلاغة من أربعة جوانب وجعلها نَصب عينيه في شرحه وهي كالآتي:
الجانب الأول : شرح كلمات الإمام عليّ عليه السلام في الخطب والرسائل والحكم .
الجانب الثاني : الردّ على كتاب الشافي في الإمامة وهو من تأليف الشريف المرتضى الّذي كتبه ردّا على كتاب المغني للقاضي عبد الجبّار المعتزلي .
الجانب الثالث : سرد مقاطع من تاريخ الإسلام عموما ومن تاريخ الإمام عليّ عليه السلام خصوصا، وقد أقحم هذا السرد التاريخي بين ثنايا شرحه.
الجانب الرابع : بحوث استطرادية لغوية، وأدبية، وأخلاقية، وحكمية، وغيرها. وقد أورد آراء المعتزلة بشكل خاصّ في مواضع مناسبة.
ومن الطبيعي أنّ ما يطمح إليه معظم القرّاء عند قراءتهم لكتاب شرح نهج البلاغة، ويَصبون إلى أن يضعه في متناول أيديهم هو الجانب الأول، ونادرا ما تحدوهم رغبة إلى الانسياق وراء ما تتضمّنه الجوانب الثلاثة الأُخرى.
هذا الكتاب الّذي بين أيديكم يمثّل ثمرة لأتعاب ومساعي رجل فاضل وهو السيّد عبد الهادي الشريفي الّذي عنى باستخراج شرح عبارات نهج البلاغة من كتاب ابن أبي الحديد، واستبعد من ذلك البحوث الزائدة الكلامية والتاريخية وغيرها، وشذّب الكتاب منها. وها هو كتابه هذا تهذيب شرح نهج البلاغة يقدّم للقارئ الكريم شرحا خالصا في بيان كلمات سيّد الفصحاء وإمام البلغاء. ولابدَّ من الإشارة إلى أنّ المُهَذِّب المحترم لهذا الكتاب قد ضبط حركات نصّ كلمات الإمام عليّ عليه السلام ، ونقّح شرحها وحذف الحشو والزوائد منها، وجعلها في سياق متناسق يروي ظمأ المتطلّعين إلى استنطاق معاني البلاغة المكنونة في نهج البلاغة. نسأل اللّه تعالى أن يوفّيه خير الجزاء على جميل مساعيه.
معاونية قسم البحوث والدراسات
مركز بحوث دار الحديث
ربيع الثاني 1326

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 86632
الصفحه من 712
طباعه  ارسل الي