535
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1

أنّ الشِّعار ما كان إلى الجسد والدّثار ما كان فوقه . ومطايا الخطيّات : حوامل الذنوب . وزوامل الآثام : جمع زاملة ، وهي بعير يستظهر به الإنسان يحمل متاعه عليه .
وتنخّمت النُّخامة : إذا تنخعتَها ، والنُّخامة : النُّخاعة . والجديدان : الليل والنهار ؛ وقد جاء في الأخبار الشائعة المستفيضة في كتب المحدّثين أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم أخبر أنّ بني أميَّة تملك الخلافة بعده ، مع ذمٍّ منه عليه السلام لهم ، نحو ما روي عنه في تفسير قوله تعالى : « وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتي أَرَيْنَاكَ إلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الملْعونةَ فِي الْقُرآنِ »۱ فإنّ المفسرين قالوا : إنّه رأى بني أميّة ينزون على منبره نَزْوَ القردة ، هذا لفظ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمالذي فسّر لهم الآية به ، فساءه ذلك ثم قال : الشجرة الملعونة بنو أميّة وبنو المغيرة ؛ ونحو قوله صلى الله عليه و آله وسلم : « إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً اتّخذوا مال اللّه دُوَلاً وعباده خَوَلاً » ، ونحو قوله صلى الله عليه و آله وسلم في تفسير قوله تعالى : « لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ » قال : ألف شهر يملك فيها بنو أُمية ، وورد عنه صلى الله عليه و آله وسلممن ذمّهم الكثير المشهور ، نحو قوله : « أبغض الأسماء إلى اللّه الحكم وهشام والوليد » ، وفي خبر آخر : « اسمان يبغضهما اللّه : مروان والمغيرة » .
فإن قلت : كيف قال : « ثم لا تذوقها أبداً » وقد مَلَكوا بعد قيام الدولة الهاشميّة بالمغرب مدّة طويلة؟
قلت : الاعتبار بملك العراق ، والحجاز ؛ وما عداهما من الأقاليم لا اعتداد به .

160

الأصْلُ :

۰.ومن خطبة له عليه السلاموَلَقَدْ أَحْسَنْتُ جِوَارَكُمْ ، وَأَحَطْتُ بِجُهْدِي مِنْ وَرَائِكُمْ . وَأَعْتَقْتُكُمْ مِنْ رِبَقِ الذُّلِّ ، وَحَلَقِ الضَّيْمِ ، شُكْراً مِنِّي لِلْبِرِّ الْقَلِيلِ وَإِطْرَاقاً عَمَّا أَدْرَكَهُ الْبَصَرُ ، وَشَهِدَهُ الْبَدَنُ ، مِنَ الْمُنْكَرِ الْكَثِيرِ .

1.سورة الإسراء ۶۰ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
534

مرفعوعاً ، وأيضا فإنّ العرب تستعمل « بين يديه » بمعنى « قبل » ، قال تعالى : «بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ »۱ ، أي قبله .

الأصْلُ :

۰.منها :فَعِنْدَ ذلِكَ لاَ يَبْقَى بَيْتُ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ إِلاَّ وَأَدْخَلَهُ الظَلَمَةُ تَرْحَةً ، وَأَوْلَجُوا فِيهِ نِقْمَةً . فَيَوْمَئِذٍ لاَ يَبْقَى لَهُمْ فِي السَّمَاءِ عَاذِرٌ ، وَلاَ فِي الْأَرْضِ نَاصِرٌ . أَصْفَيتُمْ بِالْأَمْرِ غَيْرَ أَهْلِهِ ، وَأَوْرَدْتُمُوهُ غَيْرَ مَوْرِدِهِ ، وَسَيَنْتَقِمُ اللّهُ مِمَّنْ ظَلَمَ ، مَأْكَلاً بِمَأْكَلٍ ، وَمَشْرَباً بِمَشْرَبٍ ، مِنْ مَطَاعِمِ الْعَلْقَمِ ، وَمَشَارِبِ الصَّبِرِ وَالْمَقِرِ ، وَلِبَاس شِعَارِ الْخَوْف ، وَدِثَارِ السَّيْفِ . وَإِنَّمَا هُمْ مَطَايَا الْخَطِيئَاتِ وَزَوَامِلُ الاْثَامِ .
فَأُقْسِمُ ، ثُمَّ أُقْسِمُ ، لَتَنْخَمَنَّهَا أُمَيَّةُ مِنْ بَعْدِي كَمَا تُلْفَظُ النُّخَامَةُ ، ثُمَّ لاَ تَذُوقُهَا وَلاَ تَطْعَمُ بِطَعْمِهَا أَبَداً مَا كَرَّ الْجَدِيدَانِ!

الشّرْحُ :

التَّرْحة : الحزن ، قال : فحينئذٍ لا يبقى لهم ، أي يحيق بهم العذاب ؛ ويبعث اللّه عليهم مَنْ ينتقم ، وهذا إخبارٌ عن مُلْك بني أميّة بعده ؛ وزوال أمرهم عند تفاقم فسادهم في الأرض . ثم خاطب أولياء هؤلاء الظَّلَمة ، ومَنْ كان يؤثر ملكَهم ، فقال : « أصفيتُم بالأمر غير أهله » ، أصفيتُ فلاناً بكذا : خصصتَه به ، وصفيّة المغنم : شيء كان يصطفيه الرئيس لنفسه من الغنيمة . واوردتموه غير ورْده : أنزلتموه عند غير مستحقّه . ثم قال : سيبدّل اللّه مآكلَهم اللذيذة الشهيّة بمآكلَ مريرة علقميّة . والمِقر : المرّ . ومأكلاً منصوب بفعل مقدّر ، أي يأكلون مأكلاً ، والباء هاهنا للمجازاة الدالة على الصّلة ، كقوله تعالى : « فَبِما نَقْضِهِم مِيثاقَهُمْ»۲ . وجعل شعارَهم الخوف ؛ لأ نّه باطن في القلوب ، ودِثارهم السَّيْف ؛ لأ نّه ظاهر في البدن ، كما

1.سورة سبأ ۴۶ .

2.سورة النساء ۱۵۵ .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 86544
الصفحه من 712
طباعه  ارسل الي