465
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1

140

الأصْلُ :

۰.ومن كلام له عليه السلام في النهي عن غيبة الناسوَإِنَّمَا يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْعِصْمَةِ وَالْمَصْنُوعِ إِلَيْهمْ فِي السَّلاَمَةِ أَنْ يَرْحَمُوا أَهْلَ الذّ نُوبِ وَالْمَعْصِيَةِ ، وَيَكُونَ الشُّكْرُ هُوَ الْغَالِبَ عَلَيْهِمْ وَالْحَاجِزَ لَهُمْ عَنْهُمْ ، فَكَيْفَ بِالْعَائِبِ الَّذِي عَابَ أَخَاهُ وَعَيَّرَهُ بِبَلْوَاهُ ! أَمَا ذَكَرَ مَوْضِعَ سَتْرِ اللّهِ عَلَيْهِ مِنْ ذُ نُوبِهِ مِمَّا هُوَ أَعْظْمُ مِنَ الذَّنْبِ الَّذِي عَابَهُ بِهِ ! وَكَيْفَ يَذُمُّهُ بِذَنْبٍ قَدْ رَكِبَ مثْلَهُ! فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَكِبَ ذلِكَ الذَّنْبَ بِعَيْنِهِ فَقَدْ عَصَى اللّهَ فِيَما سِوَاهُ ، مِمَّا هُو أَعْظَمُ مِنْهُ .
وَايْمُ اللّهِ لَئِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَاهُ فِي الْكَبِيرِ ، وَعَصَاهُ فِي الصَّغِيرِ ، لَجُرأَتُهُ عَلَى عَيْبِ النَّاس أَكْبَرُ . يَا عَبْدَ اللّهِ ، لاَ تَعْجَلْ فِي عَيْبِ أَحَدٍ بِذَنْبِهِ ، فَلَعَلَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ ، وَلاَ تَأْمَنْ عَلَى نَفْسِكَ صَغِيرَ مَعْصِيَةٍ ، فَلَعَلَّكَ مُعَذَّبٌ عَلَيْهِ .فَلْيَكْفُفْ مَنْ عَلِمَ مِنْكُمْ عَيْبَ غَيْرِهِ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ عَيْبِ نَفْسِهِ ، وَلْيَكُنِ الشُّكْرُ شَاغِلاً لَهُ عَلَى مُعَافَاتِهِ مِمَّا ابْتُلِيَ بِهِ غَيْرُهُ . ۱

الشّرْحُ :

ليس في هذا الفصل من غريب اللّغة ما نشرح .

1.أهل العصمة : هم المتقون الذين وفّقهم اللّه لطاعته ، وقهروا نفوسهم وملكوها . المصنوع إليهم : من اصطنع اللّه عنده السلامة من الذنوب . ورحمتهم لأهل الذنوب : كفّهم عن عيبهم وهدايتهم للعصاة ، وإعانتهم على الخروج من ذنوبهم بصالح القول . فكيف بالعائب ... : إذا وجب على المطيعين أن لا يعيّرون العصاة بذنوبهم ، فبالأولى أن لا يعير المذنب من هو على شاكلته . وينبغي على أهل السلامة أن يشتغلوا بشكر اللّه على هذه النعمة .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
464

في كلّ ما تفعله ، فاستظهرَ عليهم بهذه الوصية ، وقال لهم : إذا ابتذلت الدولة ، فالزموا الكتاب والسنَّة ، والعهد الذي فارقتُكم عليه .

139

الأصْلُ :

۰.ومن كلام له عليه السلام في وقت الشورىلَنْ يُسْرِعَ أَحَدٌ قَبْلِي إِلَى دَعْوَةِ حَقٍّ ، وَصِلَةِ رَحِمٍ ، وَعَائِدَةِ كَرَمٍ . فَاسْمَعُوا قَوْلِي ، وَعُوا مَنْطِقِي؛ عَسَى أَنْ تَرَوْا هذَا الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِ هذَا الْيَوْمِ تُنْتَضَى فِيهِ السُّيُوفُ ، وَتُخَانُ فِيهِ الْعُهُودُ ، حَتَّى يَكُونَ بَعْضُكُمْ أَئِمَّةً لِأَهْلِ الضَّلاَلَةِ ، وَشِيعَةً لِأَهْلِ الْجَهَالَةِ .

الشّرْحُ :

هذا من جملة كلام قاله عليه السلام لأهل الشورى بعد وفاة عمر .
[ ثم إنّ ابن أبي الحديد أورد من حديث الشورى العمريّة ممّا لم يذكره سابقا ، وهو من رواية عوانة ، عن اسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي في كتاب « الشورى » و « مقتل عثمان » ، ونحن نكتفي بهذا المقطع الذي يلخص قصة الشورى] :
قال الشعبيّ : واجتمع أهلُ الشورى عَلى أن تكونَ كلمتُهم واحدة على مَنْ لم يبايع ، فقاموا إلى عليّ ، فقالوا : قم فبايع عثمان ، قال : فإنْ لم أفعل ، قالوا : نجاهدُك ، قال : فمشى إلى عثمان حتى بايَعه ؛ وهو يقول : صدق اللّه ورسوله . فلما بايع أتاه عبدُ الرحمن بن عوف ، فاعتذَر إليه ؛ وقال : إن عثمان أعطانا يده ويمينه ، ولم تفعل أنت ، فأحببتُ أن أتوثّق للمسلمين ، فجعلتُها فيه ، فقال : إيها عنك ! إنّما آثرتَه بها لتنالها بعده ، دقّ اللّه بينكما عطرَ مَنْشِم .
العائدة : الصلة والمعروف والمنفعة ، وعوا : أمرٌ مفرده من وعى الحديث إذا حفظه وتدبّره تنتضي : تسل .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 86594
الصفحه من 712
طباعه  ارسل الي