175
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1

تغليظا وتشديدا في الزجر عنه .
وقوله عليه السلام : « أوجد النّاس مقالاً » ، أيْ جعلَهم واجدين له .
والوالي المشار إليه عثمان .

44

الأصْلُ :

۰.ومن كلام له عليه السلام لما هرب مَصْقَلة بنُ هبيرة الشيباني إلى معاوية ، وكان قد ابتاع سَبْيَ بني ناجية من عامل أمير المؤمنين عليه السلام وأعتقه ، فلما طالبه بالمال خاس به وهرب إلى الشام ، فقال :قَبَّحَ اللّهُ مَصْقَلَةَ ! فَعَلَ فِعْلَ السَّادَةِ ، وَفَرَّ فِرَارَ الْعَبِيدِ ! فَمَا أَنْطَقَ مَادِحَهُ حَتَّى أَسْكَتَهُ ، وَلاَ صَدَّقَ وَاصِفَهُ حَتَّى بَكَّتَهُ ، وَلَوْ أَقَامَ لَأَخَذْنَا مَيْسُورَهُ ، وَانْتَظَرْنَا بِمَالِهِ وُفُورَهُ.

الشّرْحُ :

خاس به يَخِيس ويخوس ، أي غَدَرَ به ، وخاسَ فلان بالعهد ، أي نكَث . وقَبّح اللّه 0فلانا ، أي نحاه عن الخَيْر ، فهو مقبوح . والتبكيت ، كالتقريع والتعنيف . والوُفور : مصدر وَفَر المال ، أي تَمّ ، ويجيء متعدّيا . ويُروى « موفوره » ، والموفور : التامّ .

45

الأصْلُ :

۰.ومن خطبة له عليه السلامالْحَمْدُ للّهِ غَيْرَ مَقْنُوطٍ مِنْ رَحْمَتِهِ ، وَلاَ مَخْلُوٍّ مِنْ نِعْمَتِهِ ، وَلاَ مَأْيُوسٍ مِنْ مَغْفِرَتِهِ ،


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
174

خَيْرٍ إِنْ أَرَادُوهُ . وَلكِنْ قَدْ وَقَّتُّ لِجَرِيرٍ وَقْتا لاَ يُقِيم بَعْدَهُ إِلاَّ مَخْدُوعا أَوْ عَاصِيا . وَالرَّأْيُ عِنْدِي مَعَ الْأنـَاةِ فَأَرْوِدُوا ، وَلاَ أَكْرَهُ لَكُمُ الاْءِعْدَادَ .
وَلَقَدْ ضَرَبْتُ أَنْفَ هـذَا الْأَمْرِ وَعَيْنَهُ ، وَقَلَّبْتُ ظَهْرَهُ وَبَطْنَهُ ، فَلَمْ أَرَ لِي فِيهِ إِلاَّ الْقِتَالَ أَوِ الْكُفْرَ بِمَا جَاءَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ .
إِنَّهُ قَدْ كَانَ عَلَى الْأُمَّةِ وَالٍ أَحْدَثَ أَحْدَاثا ، وَأَوْجَدَ النَّاسَ مَقَالاً ، فَقَالُوا ، ثُمَّ نَقَمُوا فَغَيَّرُوا .

الشّرْحُ :

أرْوِدوا ، أي ارْفُقوا ، أرْوَد في السّير إروادا ، أي سار برِفْق . والأناة : التثبّت والتأنّي . ونهيه لهم عن الاستعداد ، وقوله بعد : « ولا أكره لكم الإعداد » غيرُ متناقض ؛ لأنّه كَره منهم إظهار الاستعداد والجَهْر به ، ولم يكره الإعداد في السّر ، وعلى وجه الخفاء والكتمان ؛ ويمكن أن يقال إنّه كرِه استعداد نفسه ، ولم يكره إعداد أصحابه ؛ وهذان متغايران . وهذا الوجهُ اختاره القطب الراونديّ .
ولقائل أن يقول : التعليلُ الذي علّل به عليه السلام يقتضي كراهيَة الأمْرين معا ، وهو أن يتّصل بأهل الشام الاستعداد ، فيرجعوا عن السلّم إلى الحرب ؛ بل ينبغي أن تكونَ كراهته لإعداد جيشه وعسكره خيولَهم وآلات حربهم أوْلَى ؛ لأنّ شياع ذلك أعظمُ من شياع استعداده وحْدَه ، لأنّه وحدَه يمكن أن يكتُم استعداده ، وأمّا استعداد العساكر العظيمة ، فلا يمكن أن يُكْتَم ، فيكون اتّصالُه وانتقاله إلى أهل الشام أسرَع ، فيكون إغلاق الشام عن باب خيرٍ إن أرادوه أقرب ؛ والوجه في الجمع بين اللفظتين ما قدمناه .
وأمّا قوله عليه السلام : « ضربت أنفَ هذا الأمر وعينَه » ، فمَثل تقوله العرب إذا أرادت الاستقصاء في البحث والتأمّل والفِكْر ؛ وإنما خَصّ الأنف والعين ، لأنهما صورة الوجه ، والذي يتأمّل من الإنسان إنما هو وجهه .
وأمّا قوله : « ليس إلاّ القِتَالُ أو الكفر » ؛ فلأنّ النهيَ عن المنكَر واجبٌ على الإمام ، ولا يجوز له الإقرار عليه ، فإن تركَه فَسَق ، ووجبَ عزلهُ عن الإمامة .
وقوله : « أو الكفر » من باب المبالغة ؛ وإنما هو القتال أو الفِسْق ، فسمّى الفِسْق كفرا

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 86608
الصفحه من 712
طباعه  ارسل الي