159
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1

لَكُمْ ، وَتَوْفِيرُ فَيْئِكُمْ عَلَيْكُمْ ، وَتَعْلِيمُكُمْ كَيْلا تَجْهَلُوا ، وَتَأْدِيبُكُمْ كَيْمَا تَعْلَمُوا . وَأَمَّا حَقِّي عَلَيْكُمْ فَالْوَفَاءُ بِالْبَيْعَةِ ، والنَّصِيحَةُ في الْمَشْهَدِ وَالْمَغِيبِ ، وَالاْءِجَابَةُ حِينَ أَدْعُوكُمْ ، وَالطَّاعَةُ حِينَ آمُرُكُمْ .

الشّرْحُ :

أُفٍّ لكم : كلمة استقذار ومَهانة ؛ وفيها لغات . ويرتج : يغلَق . والحوار : المحاورة والمخاطبة . وتَعْمَهون : من العَمَه وهو التحيّروالتردد ، الماضي عَمِه بالكسر .
وقوله : « دارت أعينكم » من قوله تعالى : « يَنْظُرُونَ إلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ المَوْتِ »۱ ، ومن قوله : « تَدُورُ أعْينُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ المَوْتِ »۲ .
وقلوبكم مألوسة : من الأَلْس ، بسكون اللام ، وهو الجنون واختلاط العقل .
قوله : « مَا أَنْتُمْ لِي بِثِقَةٍ سَجِيسَ اللَّيَالِي » كلمة تقال للأبد ، تقول : لا أفعلُه سَجِيسَ اللَّيالي ، وسَجيس عُجَيْس ، وسَجِيسَ الأوْجَسِ ، معنى ذلك كله الدهر ، والزمان ، وأبداً .
قوله : « ما أنتم بركنٍ يُمَالُ بكم » ، أي لستم بركن يُسْتَند إليكم ، ويُمال على العدوّ بعزّكم وقوّتِكم .
قوله : « ولا زوافر عزّ » ، جمع زافرة ، وزافرة الرجل : أنصاره وعشيرته ؛ ويجوز أن يكون زَوافِر عِزّ ، أي حوامل عِزّ ، زفرتُ الجملَ أزفره زفراً ، أي حمّلته .
قوله : « سُعْر نار الحرب » جمع ساعر ، كقولك : « قوم كُظْمٌ للغيظ » ، جمع كاظم ، وتمتعضون : تأنفون وتَغْضَبُون . وحَمِص الوَغَى : اشتدّ ، وأصلُ الوغى الصوت والجَلَبة ، ثم سُمِّيت الحربُ نفسها وَغى ، لما فيها من الأصوات والجَلَبة . واستحرّ الموت ، أي اشتدّ .
وقوله : « انفرجتم انفراج الرأس » ، أي كما ينفلق الرأس فيذهب نصفه يَمْنَةً ونصفه شَامَة . والمشرفيَّة : السيوف المنسوبة إلى مَشارِف ، وهي قرى من أرض العرب تدنو من الريف ، ولا يقال : مشارفيّ ، كما لا يقال : جعافريّ ، لمن ينسب إلى جعافر . وفراش الهام : العظام الخفيفة تلى القَحْف .

1.سورة محمد ۲۰ .

2.سورة الأحزاب ۱۹ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
158

34

الأصْلُ :

۰.ومن خطبة له عليه السلام في استنفار الناس إلى أهل الشامأُفٍّ لَكُمْ ! لَقَدْ سَئِمْتُ عِتَابَكُمْ ! أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ عِوَضا ؟ وَبِالذُّلِّ مِنَ الْعِزِّ خَلَفا ؟ إِذَا دَعَوْتُكُمْ إِلَى جِهَادِ عَدُوِّكُمْ دَارَتْ أَعْيُنُكُمْ ، كَأَنَّكُمْ مِنَ الْمَوْتِ في غَمْرَةٍ ، وَمِنَ الذُّهُولِ في سَكْرَةٍ .
يُرْتَجُ عَلَيْكُمْ حَوَارِي فَتَعْمَهُونَ ، وَكَأَنَّ قَلُوبَكُمْ مَأْلُوسَةٌ ، فَأَنْتُمْ لاَ تَعْقِلُونَ .
مَا أَنْتُمْ لِي بِثِقَةٍ سَجِيسَ اللَّيَالِي ، وَمَا أَنْتُمْ بِرُكْنٍ يُمَالُ بِكُمْ ، وَلاَ زَوَافِرُ عِزٍّ يُفْتَقَرُ إِلَيْكُمْ . مَا أَنْتُمْ إِلاَّ كَإِبِلٍ ضَلَّ رُعَاتُهَا ، فَكُلَّمَا جُمِعَتْ مِنْ جَانِبٍ انْتَشَرَتْ مِنْ آخَرَ .
لَبِئْسَ ـ لَعَمْرُ اللّهِ ـ سُعْرُ نَارِ الْحَرْبِ أَنْتُمْ ! تُكَادُونَ وَلاَ تَكِيدُونَ ، وَتُنْتَقَصُ أَطْرَافُكُمْ فَلاَ تَمْتَعِضُونَ ؛ لاَ يُنَامُ عَنْكُمْ وَأَنْتُمْ في غَفْلَةٍ سَاهُونَ ، غُلِبَ وَاللّهِ الْمُتَخَاذِلُونَ ! وَايْمُ اللّهِ إِنِّي لَأَظُنُّ بِكُمْ أَنْ لَوْ حَمِسَ الْوَغَى ، وَاسْتَحَرَّ الْمَوْتُ ، قَدِ انْفَرَجْتُمْ عَنِ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ انْفِرَاجَ الرَّأْسِ .
وَاللّهِ إِنَّ امْرَأً يُمَكِّنُ عَدُوَّهُ مِنْ نَفْسِهِ يَعْرُقُ لَحْمَهُ ، وَيَهْشِمُ عَظْمَهُ ، وَيَفْرِي جِلْدَهُ ، لَعَظِيمٌ عَجْزُهُ ، ضَعِيفٌ مَا ضُمَّتْ عَلَيْهِ جَوَانِحُ صَدْرِهِ .
أَنْتَ فَكُنْ ذَاكَ إِنْ شِئْتََ ؛ فَأَمَّا أَنَا فَوَاللّهِ دُونَ أَنْ أُعْطِيَ ذلِكَ ضَرْبٌ بِالْمَشْرَفِيَّةِ تَطِيرُ مِنْهُ فَرَاشُ الْهَامِ ، وَتَطِيحُ السَّوَاعِدُ وَالْأَقْدَامُ ، وَيَفْعَلُ اللّهُ بَعْدَ ذلِكَ مَا يَشَاءُ .
أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ لِي عَلَيْكُمْ حَقَّا ، وَلَكُمْ عَلَيَّ حَقٌّ : فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَيَّ فَالنَّصِيحَةُ

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 86628
الصفحه من 712
طباعه  ارسل الي