215
جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)

وَالمَعنَى الثّاني : «اللّهُ أكبَرُ» أيِ العَليمُ الخَبيرُ عَلَيهِم ۱ بِما كانَ ويَكونُ قَبلَ أن يَكونَ .
وَالثّالِثُ : «اللّهُ أكبَرُ» أيِ القادِرُ عَلى كُلِّ شَيءٍ ، يَقدِرُ عَلى ما يَشاءُ ، القَوِيُّ لِقُدرَتِهِ ، المُقتَدِرُ عَلى خَلقِهِ ، القَوِيُّ لِذاتِهِ ، قُدرَتُهُ قائِمَةٌ عَلَى الأَشياءِ كُلِّها ، إذا قَضى أمرا فَإِنَّما يَقولُ لَهُ : كُن ، فَيَكونُ .
وَالرّابِعُ : «اللّهُ أكبَرُ» عَلى مَعنى حِلمِهِ وكَرَمِهِ ، يَحلُمُ كَأَنَّهُ لا يَعلَمُ ، ويَصفَحُ كَأَنَّهُ لا يَرى ، ويَستُرُ كَأَنَّهُ لا يُعصى ، لا يُعَجِّلُ بِالعُقوبَةِ كَرَما وصَفحا وحِلما .
وَالوَجهُ الآخَرُ في مَعنى «اللّهُ أكبَرُ» ؛ أيِ الجَوادُ جَزيلُ العَطاءِ كَريمُ الفَعالِ . ۲
وَالوَجهُ الآخَرُ : «اللّهُ أكبَرُ» فيهِ نَفيُ صِفَتِهِ وكَيفِيَّتِهِ ؛ كَأَنَّهُ يَقولُ : اللّهُ أجَلُّ مِن أن يُدرِكَ الواصِفونَ قَدرَ صِفَتِهِ الَّذي هُوَ مَوصوفٌ بِهِ ، وإنَّما يَصِفُهُ الواصِفونَ عَلى قَدرِهِم لا عَلى قَدرِ عَظَمَتِهِ وجَلالِهِ ، تَعالَى اللّهُ عَن أن يُدرِكَ الواصِفونَ صِفَتَهُ عُلُوّا كَبيرا .
وَالوَجهُ الآخَرُ : «اللّهُ أكبَرُ» كَأَنَّهُ يَقولُ : اللّهُ أعلى وأجَلُّ ، وهُوَ الغَنِيُّ عَن عِبادِهِ ، لا حاجَةَ بِهِ إلى أعمالِ خَلقِهِ .
وأمّا قَولُهُ : «أشهَدُ أن لا إلهَ إلاَّ اللّهُ» فَإِعلامٌ بِأَنَّ الشَّهادَةَ لا تَجوزُ إلاّ بِمَعرِفَتِهِ مِنَ القَلبِ ، كَأَنَّهُ يَقولُ : أعلَمُ أنَّهُ لا مَعبودَ إلاَّ اللّهُ ، وأنَّ كُلَّ مَعبودٍ باطِلٌ سِوَى اللّهِ ، واُقِرُّ بِلِساني بِما في قَلبي مِنَ العِلمِ بِأَنَّهُ لا إلهَ إلاَّ اللّهُ ، وأشهَدُ أنَّهُ لا مَلجَأَ مِنَ اللّهِ إلاّ إلَيهِ ، ولا مَنجى مِن شَرِّ كُلِّ ذي شَرٍّ وفِتنَةِ كُلِّ ذي فِتنَةٍ إلاّ بِاللّهِ .
وفِي المَرَّةِ الثّانِيَةِ : «أشهَدُ أن لا إلهَ إلاَّ اللّهُ» مَعناهُ : أشهَدُ أن لا هادِيَ إلاَّ اللّهُ ،

1.كذا في المصدر ، وفي المصادر الاُخرى : «علم ما كان» بدل «عليهم بما كان» .

2.في بعض نسخ المصدر : «النوال» .


جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
214

قالَ : ثُمَّ أخَذَ المَلَكُ بِيَدِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله فَقَدَّمَهُ فَهُم ۱ أهلُ السَّماءِ فيهِم آدَمُ ونوحٌ .
قالَ أبو جَعفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام : يَومَئِذٍ أكمَلَ اللّهُ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله الشَّرَفَ عَلى أهلِ السَّماواتِ وَالأَرضِ . ۲

2 / 2

تَفسيرُ الأَذانِ

۳۳۳.معاني الأخبار بإسناده عن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام :كُنّا جُلوسا فِي المَسجِدِ إذ صَعِدَ المُؤَذِّنُ المَنارَةَ فَقالَ : «اللّهُ أكبَرُ اللّهُ أكبَرُ» ، فَبَكى أميرُ المُؤمِنينَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام وبَكَينا لِبُكائِهِ ، فَلَمّا فَرَغَ المُؤَذِّنُ قالَ : أتَدرونَ ما يَقولُ المُؤَذِّنُ ؟ قُلنا : اللّهُ ورَسولُهُ ووَصِيُّهُ أعلَمُ ! قالَ : لَو تَعلَمونَ ما يَقولُ لَضَحِكتُم قَليلاً ولَبَكَيتُم كَثيرا ! فَلِقَولِهِ : «اللّهُ أكبَرُ» مَعانٍ كَثيرَةٌ :
مِنها : أنَّ قَولَ المُؤَذِّنِ : «اللّهُ أكبَرُ» يَقَعُ عَلى قِدَمِهِ وأزَلِيَّتِهِ وأبَدِيَّتِهِ وعِلمِهِ وقُوَّتِهِ وقُدرَتِهِ وحِلمِهِ وكَرَمِهِ وجودِهِ وعَطائِهِ وكِبرِيائِهِ ، فَإِذا قالَ المُؤَذِّنُ : «اللّهُ أكبَرُ» فَإِنَّهُ يَقولُ : اللّهُ الَّذي لَهُ الخَلقُ وَالأَمرُ وبِمَشِيَّتِهِ كانَ الخَلقُ ، ومِنهُ كُلُّ شَيءٍ لِلخَلقِ ، وإلَيهِ يَرجِعُ الخَلقُ ، وهُوَ الأَوَّلُ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ لَم يَزَل ، وَالآخِرُ بَعدَ كُلِّ شَيءٍ لا يَزالُ ، وَالظّاهِرُ فَوقَ كُلِّ شَيءٍ لا يُدرَكُ ، وَالباطِنُ دونَ كُلِّ شَيءٍ لا يُحَدُّ ، وهُوَ الباقي وكُلُّ شَيءٍ دونَهُ فانٍ .

1.كذا في المصدر ، والظاهر أنّ الصواب : «فأمَّ» .

2.مسند البزّار : ج ۲ ص ۱۴۶ ح ۵۰۸ ؛ صحيفة الإمام الرضا عليه السلام : ص ۲۲۷ ح ۱۱۵ ، عوالي اللآلي : ج ۱ ص ۲۶ ح ۸ كلاهما عن أحمد بن عامر الطائي عن الإمام الرضا عن آبائه عنه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج ۸۴ ص ۱۵۱ ح ۴۷ .

  • نام منبع :
    جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
    المساعدون :
    الطباطبایی،محمود ، الطباطبایی، روح الله
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 188309
الصفحه من 598
طباعه  ارسل الي