177
جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)

إلى قَصرٍ ! وما هُوَ لِأَعدائِكُم إلاّ كَمَن يَنتَقِلُ مِن قَصرٍ إلى سِجنٍ وعَذابٍ .
إنَّ أبي حَدَّثَني عَن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله : أنَّ الدُّنيا سِجنُ المُؤمِنِ وجَنَّةُ الكافِرِ ، وَالمَوتُ جِسرُ هؤُلاءِ إلى جَنّاتِهِم وجِسرُ هؤُلاءِ إلى جَحيمِهِم ، ما كَذَبتُ ولا كُذِبتُ . ۱

۲۷۸.الأمالي عن عبد اللّه بن منصور عن جعفر بن محمّد عليه السلام :حَدَّثَني أبي عَن أبيهِ قالَ : . . . قالَ [الحُسَينُ عليه السلام ]لِأَصحابِهِ : قوموا فَاشرَبوا مِنَ الماءِ يَكُن آخِرَ زادِكُم ، وتَوَضَّؤوا وَاغتَسِلوا ، وَاغسِلوا ثِيابَكُم لِتَكونَ أكفانَكُم . ثُمَّ صَلّى بِهِمُ الفَجرَ ، وعَبَّأَهُم تَعبِئَةَ الحَربِ . ۲

11 / 4

إتمامُ الحُجَّةِ عَلى أعدائِهِ

۲۷۹.الملهوف :ورَكِبَ أصحابُ عُمَرَ بنِ سَعدٍ ، فَبَعَثَ الحُسَينُ عليه السلام بُرَيرَ بنَ حُصَينٍ (خُضَيرٍ) فَوَعَظَهُم فَلَم يَسمَعوا ، وذَكَّرَهُم فَلَم يَنتَفِعوا ، فَرَكِبَ الحُسَينُ عليه السلام ناقَتَهُ ـ وقيلَ فَرَسَهُ ـ فَاستَنصَتَهُم فَأَنصَتوا ، فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ وذَكَرَهُ بِما هُوَ أهلُهُ ، وصَلّى عَلى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله وعَلَى المَلائِكَةِ وَالأَنبِياءِ وَالرُّسُلِ وأبلَغَ فِي المَقالِ ، ثُمَّ قالَ :
تَبّا لَكُم أيَّتُهَا الجَماعَةُ وتَرَحا ۳ ، حينَ استَصرَختُمونا والِهينَ فَأَصرَخناكُم موجِفينَ ۴ ، سَلَلتُم عَلَينا سَيفا لَنا في أيمانِكُم ، وحَشَشتُم ۵ عَلَينا نارا اقتَدَحناها عَلى

1.معاني الأخبار : ص ۲۸۸ ح ۳ ، الاعتقادات : ص ۵۲ من دون إسنادٍ إلى عليّ بن الحسين عليه السلام وفيه «وجلت قلوبهم ووجبت جنوبهم» بدل «وجبت قلوبهم» ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۲۹۷ ح ۲ .

2.الأمالي للصدوق : ص ۲۲۱ ح ۲۳۹ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۱۶ .

3.التَّرَح : ضدّ الفرح ، يقال : ترّحَهُ تَتريحا : أي حَزَنَهُ (الصحاح : ج ۱ ص ۳۵۷ «ترح») .

4.الإيجافُ : سرعة السير ، وقد أوجف دابّته : إذا حثّها (النهاية : ج ۵ ص ۱۵۷ «وجف») .

5.حَشَشْتُ النار : أوقدتُها (الصحاح : ج ۳ ص ۱۰۰۱ «حشش») .


جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
176

۲۷۵.مقتل الحسين :تَقَدَّمَ الحُسَينُ عليه السلام حَتّى وَقَفَ قُبالَةَ القَومِ ، وجَعَلَ يَنظُرُ إلى صُفوفِهِم كَأَنَّهَا السَّيلُ ، ونَظَرَ إلَى ابنِ سَعدٍ واقِفا في صَناديدِ ۱ الكوفَةِ ، فَقالَ :
الحَمدُ للّهِِ الَّذي خَلَقَ الدُّنيا فَجَعَلَها دارَ فَناءٍ وزَوالٍ ، مُتَصَرِّفَةً بِأَهلِها حالاً بَعدَ حالٍ ، فَالمَغرورُ مَن غَرَّتهُ ، وَالشَّقِيُّ مَن فَتَنَتهُ ، فَلا تَغُرَّنَّكُم هذِهِ الدُّنيا ؛ فَإِنَّها تَقطَعُ رَجاءَ مَن رَكَنَ إلَيها ، وتُخَيِّبُ طَمَعَ مَن طَمِعَ فيها . ۲

۲۷۶.الأمالي عن حسين بن زيد بن عليّ عن آبائه عليهم السلام: أنَّ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ عليه السلام خَطَبَ يَومَ اُصيبَ ، فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ وقالَ : الحَمدُ للّهِِ الَّذي جَعَلَ الآخِرَةَ لِلمُتَّقينَ ، وَالنّارَ وَالعِقابَ عَلَى الكافِرينَ ، وإنّا وَاللّهِ ما طَلَبنا في وَجهِنا هذَا الدُّنيا فَنَكونَ السّاكينَ ۳ في رِضوانِ رَبِّنا ، فَاصبِروا فَإِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذينَ اتَّقَوا ودارُ الآخِرَةِ خَيرٌ لَكُم . ۴

۲۷۷.معاني الأخبار عن عليّ بن الحسين عليه السلام :لَمَّا اشتَدَّ الأَمرُ بِالحُسَينِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام ، نَظَرَ إلَيهِ مَن كانَ مَعَهُ فَإِذا هُوَ بِخِلافِهِم ؛ لِأَنَّهُم كُلَّمَا اشتَدَّ الأَمرُ تَغَيَّرَت ألوانُهُم ، وَارتَعَدَت فَرائِصُهُم ووَجَبَت ۵ قُلوبُهُم ، وكانَ الحُسَينُ عليه السلام وبَعضُ مَن مَعَهُ مِن خَصائِصِهِ تُشرِقُ ألوانُهُم ، وتَهدَأُ جَوارِحُهُم ، وتَسكُنُ نُفوسُهُم .
فَقالَ بَعضُهُم لِبَعضٍ : اُنظُروا لا يُبالي بِالمَوتِ !
فَقالَ لَهُمُ الحُسَينُ عليه السلام : صَبرا بَنِي الكِرامِ ، فَمَا المَوتُ إلاّ قَنطَرَةٌ تَعبُرُ بِكُم عَنِ البُؤسِ وَالضَّرّاءِ إلَى الجِنانِ الواسِعَةِ وَالنَّعيمِ الدّائِمَةِ ، فَأَيُّكُم يَكرَهُ أن يَنتَقِلَ مِن سِجنٍ

1.صَنَادِيدُ القوم : أشرافهم وعظماؤهم ورؤساؤهم (اُنظر : النهاية : ج ۳ ص ۵۵ «صند») .

2.مقتل الحسين للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۵۲ ؛ تسلية المجالس : ج ۲ ص ۲۷۳ ، المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۱۰۰ نحوه وليس فيه ذيله من «فإنّها» ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۵ .

3.كذا في المصدر ، والظاهر أنّ الصواب : «الشاكّين» .

4.الأمالي للشجري : ج ۱ ص ۱۶۰ .

5.وَجَبَ القَلْبُ : اضطرب (الصحاح : ج ۱ ص ۲۳۲ «وجب») .

  • نام منبع :
    جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
    المساعدون :
    الطباطبایی،محمود ، الطباطبایی، روح الله
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 188189
الصفحه من 598
طباعه  ارسل الي