19
نهج الدعاء

والدعاء مفتاح الرحمة الإلهيّة ، ووسيلة التقرّب إلى اللّه ، وموجب لتلبية الطلبات ، والسلامة من الشيطان ، وحياة الروح . ۱
ولا يساعد الإنسان على الخلاص من محن الحياة وآلامها ومتاعبها فحسب ، بل يمكن أن يغيّر المصير المحتوم للحياة ، ۲ ويقي من أنواع البلاء . ۳ ومن هنا أوصى أئمّة الإسلام بالبِدار إلى الدعاء ، ۴ وهم أنفسهم كانوا أهل دعاء ومناجاة للّه تعالى قبل الجميع وأكثر منهم . ۵
ولمّا كان «للدعاء» عطاءاته وبركاته الجمّة في الحياة الفرديّة والاجتماعيّة للإنسان ، دعا القرآن الكريم بتأكيده الكثير وتعابيره المتنوّعة الناسَ إليه ، ۶ وحذّرهم من الفتور والضعف في اغتنام هذا المفتاح ، مفتاح الرحمة والسعادة فقال مرّةً :
«وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ» .
وقال اُخرى : «ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ» .
وقال ثالثةً : «ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً» .
ويُري مثالاً من الأدعية المستجابة المجرَّبة عند كثير من الناس فيقول : «أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ» .
ويؤكّد حينا أنّ «الدعاء» ميزانُ شأن الإنسان ووزنه وقيمته عند اللّه ـ جلّ

1.راجع : ص ۴۷ (بركات الدعاء) .

2.راجع : ص ۵۱ (ردّ القضاء) .

3.راجع : ص ۵۵ (دفع البلاء) .

4.راجع : ص ۳۱ (التقدّم في الدّعاء) .

5.راجع : ص ۲۷ (اهتمام أولياء اللّه بالدّعاء) .

6.راجع : ص ۲۳ (الاهتمام بالدعاء) .


نهج الدعاء
18

محتاجين إلى اللّه أكثر من غيرهم ، ولذا كان لهم اهتمام فائق بالدعاء . ۱
وفي النقطة المقابلة ، يُفضي الجهلُ بالإنسان إلى أن يرى نفسه مستقلاًّ غير محتاج ، ومعرضا مستنكفا عن عبوديّة اللّه وطلب رحمته وطريق طاعته . ولهذا الحديث الشريف عمق في الآية الكريمة الآتية :
«وَ قَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ» .۲
تدلّ هذه الآية الكريمة بوضوح على أنّ حقيقة «الدعاء» من منظور القرآن شعور الإنسان بعبوديّته لخالقه ، وطلب قربه ورحمته عن طريق عبادته . لذا تعبّر الآية عن هذه الحقيقة بكلمة «الدعاء» أوّلاً ، ثمّ بكلمة «العبادة» . وكذلك نلاحظ أنّ جميع الأحاديث التي تصف «الدعاء» بمخّ العبادة أو تراه عين العبادة تُشير إلى حقيقة مفهوم الدعاء .
يستبين من التأمّل فيما ذُكِر أنّ القصد من حقيقة الدعاء الموجود في جميع العبادات هو الشعور بالعبوديّة للّه الحقّ والحاجة المطلقة إليه وطلب قربه ورحمته بواسطة عبادته ، لا أنّه مرادف لجميع العبادات كالصلاة والصيام وأمثالهما فيُثار هذا السؤال : إذا كان «الدعاء» بمعنى «العبادة» فإنّ الحديث القائل : «الدُّعاءُ مُخُّ العِبادَةِ»۳ يعني «العبادة مخّ العبادة» .

2 . أهمّيّة الدعاء وتأثيره في الحياة

حسبنا من أهمّيّة الدعاء أنّه روح العبادة ومخّها ، فلهذا ورد أنّه أنفع من تلاوة القرآن بل أفضل العبادات جميعا .

1.راجع : ص ۲۷ (اهتمام أولياء اللّه بالدعاء) .

2.غافر : ۶۰ .

3.راجع : ص ۳۵ (فضل الدعاء / مخّ العبادة) .

  • نام منبع :
    نهج الدعاء
    المساعدون :
    افقی، رسول؛ سرخئی، احسان
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1386 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 231237
الصفحه من 787
طباعه  ارسل الي