69
اسباب اختلاف الحديث

الحديثين المتقدّمين : «بعد ما خرج وقت الفوت وقد دخل حائل» ، و «إذا جاء يقين بعد حائل ، قضاه ـ يعني أدّاه وفعله ـ ومضى على اليقين، ويقضي الحائل والشكّ ... لأنّ العصر حائل فيما بينه وبين الظهر، فلا يدع الحائل ...» . فالمراد بالحائل في العبارة الاولى وقت الصلاة التأخِّرة ، وفي الموردين من العبارة الثانية هو نفس صلاة العصر .

مورد الاختلاف :

فالحديث الأوّل يدلّ بظهوره الأوّلي على وجوب أداء صلاة الظهر أو العصر إذا شكّ في إتيانهما في الوقت ، وأمّا إذا شكّ فيه بعد فوت الوقت فلا . وحيث إنّ وقت الظهرين باقٍ إلى الغروب فالحديث ظاهر في بقاء وقت وجوب الإتيان بالمشكوكة إلى الغروب .
والحديث الثاني دالّ على عدم وجوب صلاة الظهر مثلاً إذا شكّ فيها بعد حصول حائل ، أي بعد الإتيان بالعصر، أو بعد دخول وقت فضيلة العصر ؛ فالاختلاف بينهما على هذا واضح .
ولأجل هذا الاختلاف طرح بعض الفقهاء الحديث الثاني وأفتى بمفاد الحديث الأوّل .

علاج الاختلاف :

بمراجعة تمام الحديث الأوّل يتبيّن أنّ المراد بوقت الفوت هو ما بين انقضاء وقت الفضيلة إلى دخول وقت إجزاء الصلاة الآتية مثل العصر بالنسبه إلى الظهر، فإذا خرج هذا الوقت ودخل وقت العصر ـ أي وقت فضيلته ـ فقد خرج وقت الفوت ودخل الحائل . وبهذا يتوافق الحديثان كليّا، ويرتفع الاختلاف بينهما . وإليك الحديث بتمامه :

۴۰.روى الكليني بإسناده عن زرارة والفضيل، عن أبي جعفر عليه السلام ، في قول اللّه تبارك اسمه :« إِنَّ الصَّلَوةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَـبًا مَّوْقُوتًا »۱ قال : يعني مفروضا، وليس يعني وقت فوتها ، إذا جاز ذلك الوقت ثمّ صلاّها لم تكن صلاته هذه مؤدّاة، ولو كان ذلك لهلك سليمان بن داوود عليه السلام حين صلاّها لغير وقتها، ولكنّه متى ما ذكرها صلاّها . قال : ثمّ قال :

1.النساء : ۱۰۳ .


اسباب اختلاف الحديث
68

سيما في لطائف المعاني ـ موجب للاختلاف بين الحديث المقطَّع وغيره ، فكذلك يمكن أن يكون سهو الراوي ـ ثقة كان أم غيره ـ أو تسرّعه في التقطيع سببا لفوات بعض الدقائق، فينتهي إلى اختلال المعنى واختلاف الحديث ، كما وقع لبعض جهابذة الحديث والفقه والتفسير .
نعم إذا شكّ في وقوع اختلال من هذه الناحية يمكن إحراز عدم سهو الراوي بإمضاء الشارع لبناء العقلاء على عدم سهو المخبِر الموثوق بنقله، مع علمهم بعدم مبالات المخبرين عن النقل بالمعنى ، بل ومع بناء العقلاء على ذلك . إذا عرفت ذلك فلنذكر بعض أمثلته :

المثال الأوّل : قاعدة الحيلولة

۳۸.۱ . روى الكليني بإسناده عن زرارة والفضيل، عن أبي جعفر عليه السلام قال :متى استقينت أو شككت في وقت فريضة أنّك لم تصلّها ، أو في وقت فوتها أنّك لم تصلّها، صلّيتها . وإن شككت بعد ما خرج وقت الفوت فقد دخل حائل، فلا إعادة عليك من شكّ حتّى تستيقن ، فإن استيقنت فعليك أن تصلّيها في أيّ حال كنت . ۱

۳۹.۲ . وروى ابن إدريس بإسناده عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال :فإذا جاء يقين بعد حائل قضاه ومضى على اليقين، ويقضي الحائل والشكّ جميعا، فإن شكّ في الظهر فيما بينه وبين أن يصلّي العصر قضاها ، وإن دخله الشكّ بعد أن يصلي العصر فقد مضت، إلاّ أن يستيقن ؛ لأنّ العصر حائل فيما بينه وبين الظهر ، فلا يدع الحائل لما كان من الشكّ إلاّ بيقين» ۲ .

الحائل في اللغة : هو الحاجز والفاصل بين شيئين ، من حال الشيء بيني وبينك : أي حجز ، ۳ وكذا حال النهر بيننا حيلولةً : حجز ومنع الاتّصال . ۴
وهو في ما نحن فيه عبارة عمّا يعمّ الصلاة المتأخِّرة ، ووقتها ، كصلاة العصر أو وقتها بالنسبة إلى الظهر ، وكالمغرب أو صلاته بالنسبه إلى العصر . كما يدلّ عليه قوله عليه السلام في

1.الكافي : ج۳ ص۲۹۴ ح۱۰ ، وسائل الشيعة: ج۴ ص۲۸۲ ح۵۱۶۸ .

2.السرائر : ج۳ ص۵۸۸ ، وسائل الشيعة: ج۴ ص۲۸۳ ح۵۱۶۹ .

3.الصحاح : ج۳ ص۱۶۷۹ (حول ) .

4.المصباح المنير : ص۱۵۷ (حول ) .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 215161
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي