الحديثين المتقدّمين : «بعد ما خرج وقت الفوت وقد دخل حائل» ، و «إذا جاء يقين بعد حائل ، قضاه ـ يعني أدّاه وفعله ـ ومضى على اليقين، ويقضي الحائل والشكّ ... لأنّ العصر حائل فيما بينه وبين الظهر، فلا يدع الحائل ...» . فالمراد بالحائل في العبارة الاولى وقت الصلاة التأخِّرة ، وفي الموردين من العبارة الثانية هو نفس صلاة العصر .
مورد الاختلاف :
فالحديث الأوّل يدلّ بظهوره الأوّلي على وجوب أداء صلاة الظهر أو العصر إذا شكّ في إتيانهما في الوقت ، وأمّا إذا شكّ فيه بعد فوت الوقت فلا . وحيث إنّ وقت الظهرين باقٍ إلى الغروب فالحديث ظاهر في بقاء وقت وجوب الإتيان بالمشكوكة إلى الغروب .
والحديث الثاني دالّ على عدم وجوب صلاة الظهر مثلاً إذا شكّ فيها بعد حصول حائل ، أي بعد الإتيان بالعصر، أو بعد دخول وقت فضيلة العصر ؛ فالاختلاف بينهما على هذا واضح .
ولأجل هذا الاختلاف طرح بعض الفقهاء الحديث الثاني وأفتى بمفاد الحديث الأوّل .
علاج الاختلاف :
بمراجعة تمام الحديث الأوّل يتبيّن أنّ المراد بوقت الفوت هو ما بين انقضاء وقت الفضيلة إلى دخول وقت إجزاء الصلاة الآتية مثل العصر بالنسبه إلى الظهر، فإذا خرج هذا الوقت ودخل وقت العصر ـ أي وقت فضيلته ـ فقد خرج وقت الفوت ودخل الحائل . وبهذا يتوافق الحديثان كليّا، ويرتفع الاختلاف بينهما . وإليك الحديث بتمامه :
۴۰.روى الكليني بإسناده عن زرارة والفضيل، عن أبي جعفر عليه السلام ، في قول اللّه تبارك اسمه :« إِنَّ الصَّلَوةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَـبًا مَّوْقُوتًا »۱ قال : يعني مفروضا، وليس يعني وقت فوتها ، إذا جاز ذلك الوقت ثمّ صلاّها لم تكن صلاته هذه مؤدّاة، ولو كان ذلك لهلك سليمان بن داوود عليه السلام حين صلاّها لغير وقتها، ولكنّه متى ما ذكرها صلاّها . قال : ثمّ قال :