539
اسباب اختلاف الحديث

عن قول اللّه عز و جل: « الـم * ذَ لِكَ الْـكِتَـبُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ » فقال: المتقون : شيعة عليّ عليه السلام ، و أمّا الغيب فهو الحجّة الغائب ، وشاهد ذلك قول اللّه عز و جل : « وَ يَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ ءَايَةٌ مِّن رَّبِهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانتَظِرُواْ إِنِّى مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ »۱ . ۲

۵۷۳.۳ . علي بن إبراهيم بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :« الْـكِتَـبُ » عليّ عليه السلام لا شك فيه ، « الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ » قال : يصدّقون بالبعث والنشور والوعد والوعيد . ۳

مورد الاختلاف :

الحديثان الأوّلان يفسِّران الغيب بقيام القائم، أو بنفس الحجة الغائب المنتظر عليه السلام ، والثالث يفسِّره بالبعث والنشور والوعد والوعيد .

علاج الاختلاف :

يظهر ممّا تقدّم؛ فإنّ كلّ واحد من هذه الوجوه من مصاديق معنى الغيب ، ويشهد لذلك :

۵۷۴.التفسير المنسوب للإمام العسكري عليه السلام :« الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ » يعني بما غاب عن حواسّهم من الاُمور الّتي يلزمهم الإيمان بها ؛ كالبعث، والنشور، والحساب ،والجنّة، والنار ، وتوحيد اللّه تعالى، وسائر ما لا يعرف بالمشاهدة و إنّما يعرف بدلائل قد نصبها اللّه عز و جلعليها كآدم ، وحواء ، وإدريس7 ، ونوح7 ، وإبراهيم7 ، والأنبياء الّذين يلزمهم الإيمان بهم ، وبحجج اللّه تعالى وإن لم يشاهدوهم ويؤمنون بالغيب ، وهم من الساعة مشفقون . ۴

وإلى ما ذكرنا يرجع ما أفاده أمين الدين الطبرسي قدس سره ذيل قوله تعالى ـ : « يُؤْمِنُونَ

1.يونس : ۲۰ .

2.كمال الدين وتمام النعمة : ص۱۸ ، بحار الأنوار: ج۵۱ ص۵۲ ح۲۹ و يدلّ على مضمونه ما في ج۵۲ ص۱۴۳ ح۶۰ .

3.تفسير القمّي : ج۱ ص۳۰ ، نور الثقلين: ج۱ ص۳۱ ح۱۰ .

4.التفسير المنسوب للإمام العسكري عليه السلام : ص۶۷ ، بحار الأنوار: ج۶۸ ص۲۸۵ ح۴۲ .


اسباب اختلاف الحديث
538

وتوجّهَ عقوبته إليهم بالفعل ، كما أنّ عصمتهم من المعاصي لا يمنع توجّه التكاليف الشرعية إليهم ، وإن كان وقوع كتمانهم وتوجّه عقوبته إليهم ممتنعا وقوعا ؛ لأنّ عصمتهم لاتنافي قدرتهم على الحرام وتكليفهم بالاجتناب عنه .
وهذا نظير ما أجابه السيّد المرتضى عمّا اُورد على عصمة النبيّ صلى الله عليه و آله وعلى قوله تعالى : « فَإِن كُنتَ فِى شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ » الآية . ۱
فقال ـ بعد ما أجاب بأنّ ظاهر الخطاب له والمعنى لغيره ـ ما هذا لفظه : «ولا يمتنع عند من أمعن النظر أن يكون الخطاب متوجّها إلى النبيّ صلى الله عليه و آله على الحقيقة ، وليس إذا كان الشكّ لا يجوز عليه لم يحسن أن يقال له : إن شككت فافعل كذا ، كما قال اللّه تعالى : « لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ »۲ ، ومعلوم أنّ الشرك لا يجوز عليه ، ولا خلاف بين العلماء أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله داخل في ظاهر آيات الوعيد والوعد . . . » ۳ .
نعم يمكن أن يورد على هذا التفسير أحيانا باستلزامه نوعا من الانفصال بين صدر الآية وذيلها ، لكنّا لانأباه بعد ورود التفسير بذلك من بيت الوحي والرسالة، وبعد ما تقدّم ويأتي من حديث جابر عن الإمامين الباقر والصادق عليهماالسلام ، من «أنّ الآية يكون أوّلها في شيء، وآخرها في شيء، وهو كلام متّصل متصرَّف على وجوه » ۴ .

المثال الثاني : تفسير الغيب بالقيامة وبالغائب المنتظر(عج)

۵۷۱.۱ . الصدوق بإسناده عن داوود الرقّي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل :« هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ » قال : من أقرّ بقيام القائم عليه السلام أنّه حقّ . ۵

۵۷۲.۲ . الصدوق بإسناده عن يحيى بن أبي القاسم، قال:سألت الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام

1.يونس : ۹۴ .

2.الزمر : ۶۵ .

3.رسائل الشريف المرتضى : ج۳ ص۱۰۶ .

4.المحاسن: ج۲ ص۷ ح۱۰۷۶ ، وراجع تفسير العيّاشي : ج۱ ص۱۱ ح۲ .

5.كمال الدين وتمام النعمة : ص۱۷ ، بحار الأنوار : ج۵۱ ص۵۲ ح۲۸ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 216247
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي