441
اسباب اختلاف الحديث

وعليه فلابدّ من ملاحظتها في دراسة الأحاديث وعلاج مختلفاتها، لاسيّما الروايات المتعلّقة بالأطعمة والألبسة والعطور والألوان، وما روي في الاُمور الطبّية والجهات الصحيّة ، وقسم ممّا يتعلّق باختلاف الآداب والرسوم أو تبدّلها . نعم يرجع بعضها إلى وجوه اُخر ممّا يبحث عنه في سائر الأسباب .

المثال الأوّل : حديث علي عليه السلام في كيفيّة اتّباعه للنبيّ صلى الله عليه و آله

۴۶۳.۱ . الشريف الرضي رضى الله عنه مرفوعا عن أميرالمؤمنين عليه السلام ـ في صفة النبيّ صلى الله عليه و آله وملازمته له ـ :ولقد قرن اللّه به صلى الله عليه و آله من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته، يسلك به طريق المكارم، ومحاسن أخلاق العالم ، ليله ونهاره، ولقد كنت أتّبعه اتباع الفصيل أثر اُمّه، يرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه علما، ويأمرني بالاقتداء به . ۱

۴۶۴.۲ . الآمدي مرفوعا عنه عليه السلام :احذر كلّ أمر إذا ظهر أزرى بفاعله وحقّره . ۲

مورد الاختلاف:

إنَّ أميرالمؤمنين عليه السلام في الحديث الأوّل بعد أن مدح النبيّ صلى الله عليه و آله بلطيف مدحه أتى بتمثيل يمثِّل فيه أكرم الخلق صلى الله عليه و آله ووصيَّه عليه السلام ، وهذا التمثيل وإن كان لأجل تصوير ملازمته عليه السلام الدائمة له صلى الله عليه و آله ، غير أنّه ربما يتوهَّم منافاته للحديث الثاني وغيره من الأحاديث الكثيرة الناهية عن تحقير النفس والإزراء بها ، وكذا ينافي الأحاديث الآمرة بتوقير الرسول الكريم صلى الله عليه و آله . ۳

1.نهج البلاغة: الخطبة ۱۹۲ وهي القاصعة .

2.غرر الحكم: ح۲۵۹۱ .

3.بل هو مخالف لما نعرفه عن أهل البيت عليهم السلام من الإكرام والتوقير البالغَين للنبي صلى الله عليه و آله ، بل ومخالف لآية التوقير وغيرها من الآيات ، ولحكم العقل من وجوب إكرامه صلى الله عليه و آله فيدخل في مشكل الحديث أيضا مضافا إلى مختلف الحديث .


اسباب اختلاف الحديث
440

السبب الثالث والستّون : اختلاف الطباع

من جملة ما يوجب الاختلاف الصوري بين الأحاديث اختلاف الطباع ؛ وذلك أنّ الناس مختلفون في الطباع والأمزجة . واختلاف الطباع تارة يتصوّر بحسب الأشخاص، واُخرى بحسب الاُسر والبيوتات والمجتمعات ، وثالثة بحسب الأقاليم والظروف والطقوس، ورابعة بحسب العادات، ۱ وهكذا .
كما قد تتغيّر طباع الأشخاص أو الأقوام من صورة إلى اُخرى ؛ فترى واحدا باردَ المزاج، والآخرَ حارَّه، وثالثا بلقميّا، ورابعا بمزاج آخر، وهكذا . بل هذا الاختلاف قد يوجَد في المعصومين عليهم السلام أيضا .
وقد تجد الأقوامَ مختلفي الطبائع والروحيّات ، فيحبّ بعضهم ما يتنفّر ويشمئزّ منه الآخرون . وقد يتركّز هذا التفاوت في الانطباع والتلقّي في آداب الاُمم وملامح لغات الأقوام ، فتراهم ينزعجون من الكلام الوارد بتركيب أو اُسلوبٍ معيّن ، في الوقت الذي لا ينزعج به غيرهم . ومحلّ التفصيل في هذه الجهة علم «فقه اللغة» .
ثمّ إنَّ اختلاف الناس في الطباع يقتضي مراعاته في خطابات المعصومين عليهم السلام لهم ، ما لم تكن مغايرة للشرع الأقدس ، كما كان من شِيَمهم عليه السلام مجاراة الواقع وملاحظة مقتضيات الأحوال والظروف والخصائص الشخصية وما إلى ذلك .

1.قال الشيخ المفيد : «قد ينجع في بعض أهل البلاد من الدواء من مرض يعرض لهم ما يهلك من استعمله لذلك المرض من غير أهل تلك البلاد ، ويصلح لقوم ذوي عادة ما لايصلح لمن خالفهم في العادة» (شرح عقائد الصدوق ، بتصحيح چرندابي) : ص۲۴۴ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 215077
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي