وقال السيوطي : «الإيهام ـ ويدعى التورية ـ : أن يذكر لفظ له معنيان؛ إمّا بالاشتراك، أو التواطؤ، أو الحقيقة، أو المجاز، أحدهما قريب والآخر بعيد ، ويقصد البعيد ويورّي عنه بالقريب ، فيتوهَّمه السامع من أوّل وهلة ـ ثمّ مثّل بقوله تعالى: « الرَّحْمَـنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى » ، ثمّ قال : ـ وهذه التورية تسمّى مجرّدة ، لأنّها لم يذكر فيها شيء من لوازم المورّى به ولا المورّى عنه . ومنها ما تسمّى مرشَّحة ، وهي الّتي ذكر فيها شيء من لوازم هذا أو هذا » ۱ .
تنبيه : لا ينبغي الريب في أنَّ التورية لا تعدّ كذبا، فلا يشملها حكمه . وأدلّ دليل عليه كثرة ورودها في كلمات الأنبياء عليهم السلام وأهل البيت عليهم السلام ، وحكايتها في القرآن الكريم وتأييدها، مثل قوله تعالى :
أ ـ « أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَـرِقُونَ * قَالُواْ وَ أَقْبَلُواْ عَلَيْهِم مَّاذَا تَفْقِدُونَ * قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ . . . كَذَ لِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ »۲ .
ب ـ « فَنَظَرَ نَظْرَةً فِى النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّى سَقِيمٌ »۳ .
وسيأتي له أمثلة اُخرى على حكمها . وقد بحث عنه فقهاؤنا الأبرار في الكتب الفقهية أيضا ۴ .
وقد يعبّر عنها بالمعاريض ، قال الجوهري : «التعريض خلاف التصريح . . . ومنه المعاريض في الكلام ، وهي التورية بالشيء » ۵ . وفي لسان العرب : « المعاريض من الكلام : ما عُرِّض به ولم يصرَّح . . . والتعريض : خلاف التصريح . والمعاريض : التورية بالشيء عن الشيء . وفي المثل ـ وهو حديث مخرج عن عمران بن حصين ، مرفوعٌ ـ : إنّ في المعاريض لمندوحة عن الكذب ؛ أي سعة ، المعاريض: جمع معراض، من التعريض . . .