385
اسباب اختلاف الحديث

۴۰۳.وروى بإسناده عن أبي عبد اللّه عليه السلام ـ في قول اللّه عز و جل :« فَلَمَّآ ءَاسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ »۱ ـ فقال : إنَّ اللّه عز و جللا يأسف كأسفنا، ولكنّه خلق أولياء لنفسه يأسفون ت ويرضون وهم مخلوقون مربوبون، فجعل رضاهم رضا نفسه وسخطهم سخط نفسه ؛ لأنّه جعلهم الدعاة إليه، والأدلاّء عليه ، فلذلك صاروا كذلك ، وليس أنَّ ذلك يصل إلى اللّه كما يصل إلى خلقه ، لكنّ هذا معنى ما قال من ذلك ، وقد قال : من أهان لي وليّا فقد بارزني بالمحاربة ودعاني إليها ، وقال : « مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ »۲ وقال « إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ »۳، فكلّ هذا وشبهه على ما ذكرت لك، وهكذا الرضا والغضب وغيرهما من الأشياء ممّا يشاكل ذلك . . . . ۴

وفي هذا التأويل أحاديث كثيرة جدّا ، طوينا عن نقلها روما للاختصار . ۵ فتبيّن أنَّ إسناد الغضب والأذى ونحوهما إليه تعالى من المجاز العقلي ؛ أي إسناد لها إلى غير من هي له ، وأنَّ المُراد به إيذاء أوليائه تعالى . ۶

1.الزخرف : ۵۵ .

2.النساء : ۸۰ .

3.الفتح : ۱۰ .

4.الكافي: ج۱ ص۱۴۴ ح۶ ، معاني الأخبار: ص۱۹ ح۲ وفيه «مدبَّرون» بدل «مربوبون» .

5.راجع الكافي: ج۱ ص۱۴۳ ـ ۱۴۶ ومهج الدعوات: ص۹۰ و بحار الأنوار: ج۸۵ ص۲۳۳ .

6.هذا لاينافي ورود تأويل ذلك بمعانٍ تنطبق على المجاز المُرسل أو الكناية أيضا . (راجع بحار الأنوار: ج۱۳ ص۱۰۸ ح۱۰ و ج۴ ص۶۳ ح۳ و ص۶۵ ح۵ و ص۶۶ ح۷ و ص۶۷ ح۹ و ۱۰ ) .


اسباب اختلاف الحديث
384

۴۰۰.۳ . وعنه عليه السلام ـ في خطبة يصف فيها المتّقين ـ :إنَّ اللّه سبحانه وتعالى خلق الخلق حين خلقهم غنيّا عن طاعتهم، آمنا من معصيتهم؛ لأنّه لا تضرّه معصية من عصاه، ولا تنفعه طاعة من أطاعه . ۱

مورد الاختلاف :

يدلّ الحديثان الأخيران ـ ككثير من الأحاديث المتواترة والآيات الكريمة ـ على أنَّ اللّه تعالى عز و جلأعزّ وأعظم من أن يظلمه أو يضرّه أو يؤذيه شيء من الأشياء ، مع دلالة الحديث الأوّل ـ كغيره من الأحاديث ـ والآية 57 من سورة الأحزاب على أنّه تعالى يؤذيه بعض الناس .

علاج الاختلاف:

لا ريب أنَّ ما دلّ على أنّ أحدا من الخلق أو شيئا من فعالهم يؤذيه سبحانه محمول على نوع من المجاز . والشاهد على كونه مبنيّا على المجاز العقلي :

۴۰۱.روى الكليني قدس سره عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي عليه السلام ـ في قوله تعالى :« وَ مَا ظَـلَمُونَا وَ لَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْـلِمُونَ »۲ ـ قال : إنَّ اللّه أعزّ وأمنع من أن يُظلم أو ينسب نفسه إلى الظلم ، ولكنّه خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه، وولايتنا ولايته ، ثمّ أنزل بذلك قرآنا على نبيّه فقال : «وَ مَا ظَـلَمُونَا وَ لَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْـلِمُونَ» . قال الراوي : قلت : هذا تنزيل؟ قال : نعم . ۳

۴۰۲.وروى أيضا بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام نحوه، فراجع ۴ . ۵

1.نهج البلاغة: الخطبة ۱۹۳ ، الأمالي للصدوق : ص۶۶۶ ح۸۹۷ ، كتاب سليم بن قيس : ص ۳۱۱ ، التمحيص : ص۷۰ ح۱۷۰ ، روضة الواعظين : ص۴۸۰ ، عيون الأخبار : ج۲ ص۳۵۲ ، تذكرة الخواصّ: ص۱۴۸ ، مطالب السؤول: ج۱ ص۱۵۱ ، مروج الذهب: ج۲ ص۴۲۰ .

2.البقرة : ۵۷ .

3.الكافي: ج۱ ص۴۳۵ ح۹۱ .

4.الكافي: ج۱ ص۱۴۶ ح۱۱ .

5.قال العلاّمة الطباطبائي قدس سرهـ بعد نقل الحديثين ـ : قوله : «ولكنّه خلطنا بنفسه ، أي خلطنا معاشر الأنبياء والأوصياء والأئمّة بنفسه ـ إلى أن قال : ـ فالنكتة في هذا النفي الخلط المذكور ؛ لأنَّ العظماء يتكلّمون عن خدمهم وأعوانهم» (الميزان في تفسير القرآن: ج۱ ص۱۹۲ ) .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 219068
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي