321
اسباب اختلاف الحديث

مورد الاختلاف :

الأحاديث الثلاثة الأخيرة تدلّ على أنَّ العدول عن أمر اللّه تعالى ورسولِه صلى الله عليه و آله في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام وأهل البيت عليهم السلام وإمارتهم بعده صلى الله عليه و آله تبديل لنعمته سبحانه، وكفر بها ، فيُستحَقّ عليه العذاب ، وأنّها لاتصلح ولا تجوز لغيرهم عليهم السلام ، وأنّ صلاح الاُمّة ورشدهم في إمامتهم وطاعتهم عليهم السلام دون غيرهم .
مع دلالة الحديث الأوّل على أمر الإمام عليه السلام بتركهم له في أمر الخلافة والتماس غيره، قائلاً : «أنا لكم وزيرا خير لكم منّي أميرا» ، فهل للناس خير في خلاف أمر اللّه تعالى وترك فرائضه وتبديل نعمته!! والحال أنَّ الخير كلّه في اتّباع أمر اللّه تعالى ورسوله صلى الله عليه و آله ؛ لابتناء أوامر الشرع ونواهيه على المصالح والمفاسد .
فظهر التنافي بين الحديث الأوّل وبين غيره من متواتر الأحاديث. ۱

علاج الاختلاف:

يُجمع بين الحديث الأوّل وسائر الأحاديث بأنَّ خير الدين وصلاحه وكذا صلاح الاُمّة في خلافة أمير المؤمنين وأولاده المعصومين عليهم السلام الّذين نصّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله على إمامتهم، لكنّ الخير لكثير من المخاطبين ـ الملتمسين لخلافته عليه السلام ـ في تركه عليه السلام والتماس غيره ، فإنّه خير لهؤلاء في أمر دنياهم بل في أمر آخرتهم أيضا . وكان هذا الخطاب منه عليه السلام كقضيّة مهملة لا كليّة ، لأنّه عليه السلام لو كان ترك خلافته خير لجميع الاُمّة لما قبلها ، بل ألقى حبلها على غاربها .
وإليك توضيحه : أمّا أنَّ ترك خلافته خير للمخاطبين فلأنّهم إن أرادوا بها الدنيا الدنيّة فخلافة أهل الباطل أوفى بها لروّاد الجور ، وإن أرادوها لأجل دينهم فهم لايحتملون العدالة المرّة، واتّباع المحجّة المحضة، ورفض البدع الشائعة . فكان عليه السلام يرى تفرّقهم عنه ناكثين

1.وهذا مفاد الأحاديث المتواترة الّتي لا يمكن لأحد إنكاره والجحود به ، وناهيك منه أحاديث الغدير والثقلين والسقيفة والكساء والمباهلة والدجاجة وخاصف النعل وحديث المنزلة وليلة الدار ، وغيرها من متواترات الأحاديث ومستفيضاتها من طرق الشيعة وأهل السنّة هذا من جانب .


اسباب اختلاف الحديث
320

المثال الثاني : حديث عليّ عليه السلام «أنا لكم وزيراً خير لكم ...»

۳۱۶.۱ . الشريف الرضي قدس سره عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه لمّا أراده الناس للبيعة بعد قتل عثمان قال :دعوني والتمِسوا غيري؛ فإنّا مستقبلون أمرا له وجوه وألوان، لا تقوم له القلوب ، ولا تثبت عليه العقول ، وإنّ الآفاق قد أغامت ، والمحجّة قد تنكّرت . واعلموا أنّي إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ، ولم اُصغِ إلى قول القائل وعَتْب العاتب ، وإن تركتموني فأنا كأحدكم، ولعلّي أسمعكم وأطوعكم لمن ولّيتموه أمركم ، وأنا لكم وزيرا خير لكم منّي أميرا . ۱

۳۱۷.۲ . روى الكليني قدس سره بإسناده إلى الأصبغ بن نباتة، قال :قال أمير المؤمنين عليه السلام : وما بال أقوام غيّروا سنّة رسول اللّه صلى الله عليه و آله وعدلوا عن وصيِّه لا يتخوّفون أن ينزل بهم العذاب ؟! ثمّ تلا هذه الآية : « أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَ أَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ »۲ ، ثمّ قال : نحن النعمة الّتي أنعم اللّه بها على عباده ، وبنا يفوز من فاز يوم القيامة . ۳

۳۱۸.۳ . روى الشريف الرضي قدس سره عنه عليه السلام في خطبة :للّه أنتم ! أتتوقّعون إماما غيري يطأ بكم الطريقَ ويرشدكم السبيلَ؟! ۴

۳۱۹.۴ . وروى عنه أيضا :أين الّذين زعموا أنّهم الراسخون في العلم دوننا ، كذباوبغيا علينا ؛ أن رفعنا اللّه ووضعهم ، وأعطانا وحرمهم ، وأدخلنا وأخرجهم ؟! بنا يستعطى الهدى ، ويستجلى العمى ، إنَّ الأئمة من قريش غُرسوا في هذا البطن من هاشم ، لا تصلح على سواهم ولا تصلح الوُلاة من غيرهم . ۵

والأحاديث في ذلك فوق حدّ التواتر المعنوي .

1.نهج البلاغة: الخطبة ۹۲ .

2.إبراهيم : ۲۸ و ۲۹ .

3.الكافي: ج۱ ص۲۱۷ ح۱ ، وراجع سائر أحاديث الباب والأبواب الّتي قبله أو بعده .

4.نهج البلاغة: الخطبة ۱۸۲ ، بحار الأنوار : ج۲۹ ص۶۱۳ ح۲۸ .

5.نهج البلاغة: الخطبة ۱۴۴ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 218648
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي