183
اسباب اختلاف الحديث

مورد الاختلاف:

الحديث الثاني دالّ على أنّ الّذي أخذه المشتري من لبن الشاة المصرّاة طيلة الأيّام الثلاثة عليه أن يعطي بإزائه صاعا من تمر ، مع أنّ الحديث الأوّل دالّ على أنّ الخراج ـ أي غلّة المبيع ـ في أيّام الخيار يكون بإزاء الضمان، فلا يعطي بإزائه شيئا .

علاج الاختلاف :

قال ابن قتيبة : «إنّ بينهما فرقا بيّنا ؛ لأنّ المصرّاة من الشاة والمحفّلة شيء واحد ، وهي الّتي جمع اللبن في ضرعها فلم يحلب أيّاما ، حتى عظم الضرع لاجتماع اللبن فيه ، فإذا اشتراها مشتر ، واحتلب ما في ضرعها استوعبه في حلبة أو حلبتين ، فإذا انقطع اللبن بعد ذلك ، وظهر على أنّها كانت محفّلة ، ردّها وردّ معها صاعا من طعام؛ لأنّ اللبن الّذي اجتمع في ضرعها كان في ملك البائع لا في ملكه ، فردّ عليه قيمته» ۱ .
أقول: وهو وجه حسن ويعلم منه أنّ الحديث الثاني ليس منافيا للأوّل ولا مقيّدا لإطلاقه بل هو خارج عنه تخصّصا نعم خفاء التخصّص أوهم الاختلاف والتنافي .

1.تأويل مختلف الحديث: ص۳۳۰ .


اسباب اختلاف الحديث
182

المثال الرابع : قاعدة الضمان بالخراج

۱۶۶.۱ . روى ابن ماجة بإسناده عن النبي صلى الله عليه و آله :الخراج بالضمان . ۱

۱۶۷.۲ . وروى مسلم عنه صلى الله عليه و آله :من ابتاع شاة مصرّاة فهو بالخيار ثلاثة أيّام؛ إن شاء أمسكها، وإن شاء ردّها وصاعا من تمر . ۲

بيان: المراد بالخراج هو ما يحصل من غلّة العين المبتاعة؛ وذلك ان يشتريه فيستغلّه زمانا، ثم يجد في المبيع سببا لخيار الفسخ فله ردّ العين المبيعة وأخذ الثمن، ويكون للمشتري ما استغلّه؛ لأن المبيع لو كان تلف في يده لكان من ضمانه ولم يكن له على البائع شيء . والباء في «بالضمان» متعلّقة بمحذوف تقديره «الخراج مُستَحقٌ بالضمان» ؛ أي بسببه. ۳
وأمّا المصرّاة فهي الناقة أو البقرة أو الشاة يُصرّى اللبنُ في ضَرعها؛ أي يجمع ويُحبس. قال الأزهري: ذكر الشافعي المصرّاة وفسّرها أنّها التي تُصرّ أخلافها ولا تحلب أيّاماً حتى يجمتمع اللبن في ضرعها، فإذا حلبها المشتري استغزرها. وقال الأزهري: جائز أن تكون سُميت مصرّاة من صرّ أخلافها كما ذُكر إلاّ أنّهم لما اجتمع لهم في الكلمة ثلاث راءات قلبت إحداها ياء؛ كما قالوا: «تظنّيت» في «تَظَنّنت»، ومثله «تقضّى البازي» في «تقضّض» و «التصدّي» في «تصدّدّ»، وكثير من أمثال ذلك أبدلوا من أحد الحروف المكرّرة ياء؛ كراهية لاجتماع الأمثال، قال: وجائز أن تكون سمّيت «مصرّاة» من الصَّري؛ وهو الجمع، وإليه ذهب الأكثرون. وقد تكرّرت هذه اللفظة في الأحاديث، منها قوله عليه السلام : «لا تَصُرّوا الإبل والغنم». ۴ فإن كان من الصَّرِّ فهو بفتح التاء وضمّ الصاد، وإن كان من الصّري فيكون بضمّ التاء وفتح الصاد وإنّما نهى عنه لأنّه خداعّ وغشّ. ۵

1.سنن ابن ماجة: ج۲ ص۷۵۴ ح۲۲۴۳ ، عوالي اللآلي: ج۱ ص۲۱۹ ح۸۹ .

2.صحيح مسلم : ج۳ ص۱۱۵۸ ح۲۴ ، كنز العمّال : ج۴ ص۵۳ ح۹۴۶۴ .

3.النهاية في غريب الحديث : ج ۲ ص ۱۹ (خرج).

4.النهاية في غريب الحديث: ج ۲ ص ۱۹ (خرج).

5.صحيح البخاري: ج ۲ ص ۷۵۵ ح ۲۰۰۴۱.

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 219054
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي