17
اسباب اختلاف الحديث

والاختلاف الواقعي هو التنافي الموجود بين مدلولي كلّ واحد من الخبرين بحسب إرادة المتكلّم الاستعمالية، سواء بَقِي التنافي في إرادته الجدّية أيضا أم أمكن الجمع بينهما .

ب ـ الاختلاف البدئي والمستمرّ

الاختلاف البدئي هو أن يمكن الجمع بين المختلفين بوجه ، وهو يشمل الاختلاف الصوري والاختلاف الواقعي القابل للجمع .
والاختلاف المستمرّ هو ما كان الاختلاف فيه مستمرا ، بحيث لا يمكن الجمع والتوفيق بينهما بالتصرّف في دلالة أحدهما أو كليهما ، بل يبقى التنافي ولا يمكن علاجه إلاّ بما سنذكره من طرق علاجه ـ وهذا الصنف على أقسام أيضاً ـ وسيوافيك بعض أمثلته في ذيل أسباب الاختلاف والتي منها بحث الوضع والدسّ .

ج ـ الاختلاف الذاتي والاختلاف بالعرَض

الاختلاف الذاتي هو ما يكون التنافي فيه بين نفس مدلولي الحديثين ، ومثاله :

۲.روى الشيخ الطوسي بإسناده عن ابن أخي فضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :قال ـ في الرجل يخرج منه مثل حبّ القرع قال ـ : «عليه وضوء» ۱ .

۳.وروى الكليني بإسناده عنه عن فضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام ـ في الرجل يخرج منه مثل حبّ القرع ؟ قال ـ :«ليس عليه وضوء» ۲ .

فتنافي الحديثين في نفسهما واضح جدّا، ولا حاجة لضمّ دليل من الخارج يقتضي اختلافهما بحسب المدلول ، فإنّ الدليلين متواردان على موضوع واحد فيدلّ أوّلهما على بطلان الوضوء، ويدل ثانيهما على عدم بطلانه .
وسنبحث ـ في المثال الثالث من سببية السقط والنقيصة للاختلاف ـ عن الاختلاف بين الروايتين ووجه علاجه ، بحمل الاولى على السقط .
وأمّا الاختلاف بالعرض فهو ما إذا كان التنافي بين مدلولي الحديثين لأمر خارج عن

1.تهذيب الأحكام : ج۱ ص۱۱ ج۱۹ ، الاستبصار: ج۱ ص۸۲ ح۲۵۷.

2.الكافي: ج۳ ص۳۶ ح۵.


اسباب اختلاف الحديث
16

مع أنّ البحث في تعارض الأدلّة يعمّ التنافي بين جميع الأدلّة الشرعية، سواء كانت من الكتاب، أو من السنّة أو من غيرهما .
ب ـ يختصّ بحث تعارض الأدلّة الواقعة في مسير عملية استنباط الأحكام الشرعية والوظائف العملية . وأما مختلف الحديث فيشمل البحث عن التنافي الحاصل في جميع أقسام الحديث؛ سواء كان ممّا يتعلّق بالفقه، أو الكلام، أو التفسير أو غير ذلك .
ج ـ الغاية المتوخّاة في تعارض الأدلّة هو الحصول على المبادئ التصديقية لعلم الفقه؛ أي لإحراز الأدلّة الوافية بإثبات الأحكام الشرعية ، فالباحث فيه بصدد إحراز النسبة الموجودة بين المختلفَين، فلابدّ له من الاكتفاء بالطرق الإثباتية في معالجة الأدلّة المتعارضة. والغاية في مختلف الحديث هي الوصول إلى واقع النسبة بين الحديثين المختلفين، فيلاحظ كلّ ما يحتمل أن يكون سببا للاختلاف في نفس الأمر ، سواء أمكن إثباته أم لا .
وبعبارة اُخرى : إنّ بحث تعارض الأدلّة ـ كغيره من مباحث الاُصول ـ بحث آلي ، فلابدّ فيه من ملاحظة المتعارضين بنظر الإثبات ، مع أنّ مختلف الحديث ليس آليا، بل هو مطلوب ذاتي للباحث فغرضه معرفة معنى الحديث وموقعه من سائر الأحاديث بحسب الواقع ونفس الأمر ، ومن كان هذا شأنه فليجمع ـ في معالجة الأحاديث المتنافية ـ بين جانبي الثبوت والإثبات . وسنوضح المراد بالطرق الإثباتية والثبوتية في الأمر التاسع من المقدّمة ، إن شاء اللّه تعالى .

ثالثا : صور الاختلاف بوجه كلّي

لاختلاف الحديث صور وتقاسيم ، منها :

أ ـ الاختلاف الصوري والاختلاف الواقعي

الاختلاف الصوري هو ما يرتفع بتأمّل دقيق في المختلفين إذا كان مع خبرة ومعرفة باُسلوب الشريعة ولسان السنّة ، أو بالتتبّع في الأدلّة للظفر بالقرائن المؤثّرة في فهم المعنى الّذي أراده المتكلّم، ولو في إرادته الاستعمالية . وكلّ ما سنذكره في القسم الثالث من الكتاب ـ أعني «مقتضيات فنون البيان وأساليب التعبير» ـ هو من الاختلاف الصوري .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 215110
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي