157
اسباب اختلاف الحديث

وكما تلاحظ فإنّ هذا الحديث يُسند إليه صلى الله عليه و آله ما نأنف منه ولا نرضى بنسبته إلينا؛ حيث يحكي أنّه صلى الله عليه و آله كان على تلك الحال المستقبحة ـ والعياذ باللّه ـ مضطجعاً إلى جانب زوجته، يتحدّث مع أبيها أبي بكروعمر ، وهو رجل أجنبي ، ثم يحتشم بمجيء عثمان فيجلس و ...

علاج الاختلاف :

من له أدنى إلمام بالحديث وسيرة النبي صلى الله عليه و آله يعرف من سيرته ومكارم أخلاقه ما يعطيه اليقين بأنّ هذا الحديث مجعول مختلق، ومن أقبح مصاديق الوضع ؛ فينسب إلى أكرم المرسلين صلى الله عليه و آله ـ الّذي مدحه اللّه تعالى في كتابه الكريم بقوله : « وَ إِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ »۱ ـ فعلة لو نسبت إلى أحدنّا ـ بل إلى جاعل الحديث ـ لاستحيى منها، بل قد يغتاظ على من نسبها إليه.
ولكنّ الّذي يمكن أن يكون دافعاً لهذا الكذّاب المفتري في هذه النسبة إمّا العصبية في المذهب، أو الحبّ المبالغ لعثمان، مع ضعف المسكة، فيضع من كرامة النبي صلى الله عليه و آله كي يختلق اُحدوثة توجب لعثمان جلالة مفتعلة يعيشون بعقيدتها. أو أن يكون الدافع الذي جرّه لذلك هو صُرَر بني اُمية بدنانيرها ودراهمها والحصول على حطام الدنيا بحطم الدين، واستحقاق النار الحاطمة، أعاذنا اللّه منها بحرمة أكرم رسله وأنزه خليقته محمّد صلى الله عليه و آله وأهل بيته.

طرق معرفة الموضوع من غيره

لنقّاد الحديث وذوي الخبرة به طرق لمعرفة الحديث الموضوع المختلق من غيره، فيعالج بها اختلاف الحديث في مثل المورد. منها :
أ ـ اقرار الواضع بوضعه الحديث.
ب ـ ركاكة لفظ الحديث أو معناه ووجود اللحن فيه، فإنّ النبيّ الكريم صلى الله عليه و آله وأهل بيته عليهم السلام

1.القلم: ۴.


اسباب اختلاف الحديث
156

فخذيه أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر، فأذِن له وهو على تلك الحال، فتحدّث . ثمّ استأذن عمر، فأذن له وهو كذلك، فتحدّث. ثم استأذن عثمان، فجلس رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسوّى ثيابه ـ قال محمّد ۱ : ولا أقول ذلك في واحد ـ فدخل، فتحدّث. فلمّا خرج قالت عائشة : دخل أبو بكر فلم تهتشّ له ولم تبالِه، ثم دخل عمر فلم تهتشّ له ولم تباله، ثمّ دخل عثمان فجلست وسوّيت ثيابك؟ فقال : ألا أستحيي من رجل تستحيي منه الملائكة؟!. ۲

مورد الاختلاف :

الحديث الأوّل يؤكِّد بكلّ وضوح على مكارم أخلاق النبي صلى الله عليه و آله وأنّه «لم يبسط رجليه بين أصحابه قطّ» ، مع أنّ الحديث الثاني ـ الوارد في كتاب يُزعم كونه من أصحّ كتب الحديث ـ يدلّ على أنّه صلى الله عليه و آله يضطجع في فراشه كاشفاً عن فخذيه أو ساقيه، من دون مبالاةٍ بدخول أبي بكر وعمر، فيتحدّثان معه وهو صلى الله عليه و آله على تلك الحال القبيحة ـ والعياذ باللّه ـ ويحتشم عند دخول عثمان فيجلس ويسوّي ثيابه قائلاً : «ألا أستحيي من رجل تستحيي منه الملائكة» . فيتساءل الدارس للأحاديث أنّه كيف يجتمع هذا وذاك؟! فيدل هذا ـ والكتاب العزيز ـ على اتّصافه صلى الله عليه و آله بأرفع مكارم الأخلاق، بحيث «لم يبسط رجليه قطّ عند أحد»، ويدلّ ذاك على أنّه صلى الله عليه و آله يمدّ رجليه بل يضطجع بوجه يخجل الإنسان الحيي من ذكره ـ والعياذ باللّه !
بل يزداد تعجّبا عندما يقرأ حديثا آخر أغرب من هذا وهو أنّه صلى الله عليه و آله ـ كان على تلك الحال ـ مضطجع على فراشه، لابس مرط عائشة، فأذن لأبي بكر وهو كذلك، فقضى إليه حاجته، ثم انصرف. ثم استأذن عمر، فأذن له وهو على تلك الحال، فقضى إليه حاجته، ثم انصرف. قال عثمان: ثم استأذنتُ عليه، فجلس وقال لعائشة : اجمعي عليكِ ثيابك. فقضيتُ إليه حاجتي، ثمّ انصرفتُ ... . ۳

1.يعني ابنَ أبي حرملة راوي الحديث .

2.صحيح مسلم : ج۴ ص۱۸۶۶ ح۲۶ .

3.صحيح مسلم : ج۴ ص۱۸۶۶ ح۲۷ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 218649
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي