141
اسباب اختلاف الحديث

المثال الرابع : ابن اُمّ مكتوم كان يؤذّن باللّيل

وأكتفي فيه بما ذكره المحقّق الأميني قدس سرهفإنّ فيه الكفاية من حيث النقل والتحليل :

۱۱۶.أخرج البخاري في كتاب الأذان من صحيحه عن سالم بن عبد اللّه ، عن أبيه ، أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال :إنّ بلالاً يؤذِّن بليل فكلوا واشربوا حتّى يناديَ ابن أمّ مكتوم . ۱

هذا الحديث مما استدركت به عائشة على ابن عمر ، وكانت تقول : غلط ابن عمر ، وصحيحه أنّ ابن اُمّ مكتوم ينادي بليل فكلوا واشربوا حتّى يؤذّن بلال .
وبهذا جزم الوليد، وكذا أخرجه ابن خزيمة، وابن المنذر، وابن حبّان من طرق عن شعبة ، وكذلك أخرجه الطحاوي، والطبرانيمن طريق منصور بن زاذان عن خبيب بن عبد الرحمن. وفي لفظ البيهقي : قالت عائشة: قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «إنّ ابن مكتوم رجل أعمى فإذا أذن فكلوا واشربوا حتّى يؤذّن بلال» ، قالت : وكان بلال يبصر الفجر ، وكانت عائشة تقول غلط ابن عمر . ۲
قال ابن حجر : ادّعى ابن عبد البرّوجماعة من الأئمّة بأنّه مقلوب، وأنّ الصواب حديث الباب ـ يعني لفظ البخاري ـ وقد كنت أميل إلى ذلك إلى أن رأيت الحديث في صحيح ابن خزيمة من طريقين آخرين عن عائشة ، وفي بعض ألفاظه ما يبعّد وقوع الوهم فيه ، وهو قوله : «إذا أذّن عمرو فإنّه ضرير البصر فلا يغرنّكم ، وإذا أذّن بلال فلا يطعمنّ أحد» . وأخرجه أحمد، وجاء عن عائشة أيضا إنّها كانت تنكر حديث ابن عمر وتقول: إنّه غلط . أخرج ذلك البيهقي من طريق الدراوردي، عن هشام، عن أبيه، عنها، فذكر الحديث وزاد: قالت عائشة: وكان بلال يبصر الفجر. قال: وكانت عائشة تقول: غلط ابن عمر » ۳ .

1.صحيح البخاري : ج۱ ص۲۲۳ ح۵۹۲ .

2.السنن الكبرى للنسائي : ج۱ ص۵۶۲ ح۱۷۹۴ .

3.الوافي : ج۶ ص۴۵۰ .


اسباب اختلاف الحديث
140

لا يقال : نرجِّح رواية الكلينيبأضبطيته في الحديث؛ فإنّه معارَض بأفقهية شيخ الطائفة، وبما سيأتي من وجوه التقديم ، ولبعض ما أشرنا إليه قال المحدّث الفيض قدس سره : «وعلى هذا يشكل العمل بهذا الحكم» ۱ .

علاج الاختلاف :

إنّ الاضطراب يمنع من العمل بحديثه ما دام شرطه ـ أعني تساوي الروايتين ـ باقياً ، فيعامل معهما في مادّة التعارض ۲ معاملة الحديثين المتعارضين على النحو المقرّر في علم الاُصول ، وقد أشرنا إليه في المقدّمة أيضا .
والّذي يسهّل الخطب في خصوص هذا المورد هو ترجيح رواية الشيخ في التهذيب، بل تعيّنها ، بوجهين :
1 . بموافقتها للاعتبار، فإنّ من مسلَّمات علم التشريح هو أنّ رحم المرأة في جانبها الأيسر.
2 . بموافقتها لفتوى أكثر المحقِّقين من الفقهاء منهم الشيخان المفيد ۳ والصدوق المقنع : ص5 ، كتاب من لايحضره الفقيه : ج1 ص54 ح203 . والمحقِّق ۴ والعلاّمة ۵ وغيرهم . ۶
فحديث الشيخ عالَج «تحيُّر الفتاة في أمر حيضها وقُرحتها» بأمارة وقاعدة : وذلك بأنّ الدم المشكوك إن خرج عند الاختبار من الجانب الأيمن يحكم بكونه للقرحة؛ حيث إنّ الرحم في الجانب الأيسر ، وإن خرج من الجانب الأيسر حكم بكونه حيضا لإمكان كونه من الحيض ، تحكيما لقاعدة الإمكان في ظرف الشك .

1.الوافي : ج۶ ص۴۵۰ .

2.وأمّا في مادّة اتّفاقهما فحجّتان متوافقتان ، على اختلاف في المسألة .

3.حكاه المحقّق في المعتبر : ص۵۲ .

4.المعتبر : ص۵۲ .

5.منتهى المطلب : ج۱ ص۹۵ .

6.كالشهيد في الذكرى: ص۳۸ والمحقّق النجفي في جواهر الكلام : ج۳ ص۱۴۴ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 215073
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي