107
اسباب اختلاف الحديث

ـ بكثرتها ـ أصبحت مبدأ أحكام وقواعد في طريق حرّية الإنسان عبيدا وإماءً ومنعت عن استرقاق الأحرار ، كالأحكام المشرَّعة لمن تشبّث بالحرّيّة ۱ أو المقتضية للانعتاق القهري ۲ وأصالة الحرّية ۳ ونظائرها . ۴
بيان الإدراج: حكى الدكتور صبحي الصالح كلاما عن الأمير محمّد بن إسماعيل الحسني الصنعاني، وإليك عبارته : «رسول اللّه صلى الله عليه و آله اكتفى بقوله : للعبد المملوك أجران غير أنّ أبا هريرة تكفّل بإيضاح هذين الأجرين بقسمه بتمنّي الرقّ. ومثل هذه الاُمنيّة يستحيل أن تُساور قلب النبي صلى الله عليه و آله الّذي جاء بتعاليمه يدعو إلى تحرير الرقيق فضلاً عن أنّ اُمّه عليهاالسلامتوفّيت وهو صغير ، فلا يمكن قطعا أن تكون العبارة من قوله صلوات اللّه عليه» علوم الحديث ومصطلحه: ص 262 نقلاً عن توضيح الأفكار للصنعاني: ج2 ص62 . وعلى آله .
تنبيه: إنّ أهل الإتقان من ثقات المحدّثين ينبّهون على كلّ زيادة في أحاديثهم حتّى لو كانت هيِّنة يسيرة، سواء أوقعت تلك الزيادة في المتن أم في الإسناد؛ لأنّهم يخشون من خلطها مع الحديث في حال عدم نصّهم على العبارة المدرجة ، فيساعدون بذلك ـ من دون قصد ـ على الكذب على رسول اللّه صلى الله عليه و آله أو على من أدّى أحاديث هذا الرسول عليهم السلام . ولا ريب أنّ تعمّد الإدراج ضرب من الكذب والتدليس لا يقدم عليه إلاّ ضعيف الإيمان، مزعزع العقيدة، قال السمعاني : «من تعمّد الإدراج فهو ساقط العدالة ، وممّن يحرّف الكلم عن مواضعه ، وهو ملحق بالكذّابين» ۵ .

1.حيث قرّر له الشارع أحكاما تجعله في سبيل العتق الكامل دون الرقّية المحضة ، راجع وسائل الشيعة : ج۲۳ ص۳۶ ب۱۸ .

2.راجع وسائل الشيعة : ج۲۳ ص۱۸ ـ ۲۴ ب۷ ـ ۹ و ص۴۳ ـ ۴۷ ب۲۲ و ۲۳ ونحوها من الأبواب .

3.راجع وسائل الشيعة : ج۲۳ ص۵۴ ب۲۹ و ص۵۷ ب۳۱ و ص۵۹ ب۳۳ .

4.نحو ما دلّ على حكم التدبير والمكاتبة والاستيلاد .

5.علوم الحديث ومصطلحه: ص۲۶۱ .


اسباب اختلاف الحديث
106

ج ـ أنّ الأعقاب بمعنى العراقيب، وأنّ المراد بالحديث الأمر بغسل الرجلين كفريضة في الوضوء ، وقد أوضحناه وبيّنّا منشأ توهّمه آنفا. ۱
وأظهر الوجوه هو الأوّل ، أعني كون الأعقاب بمعنى الأولاد ، فإنّه بعد تبيّن وقوع الإدراج في حديث أبي هريرة لا يبقى قرينة على أنّ عبارة «ويل للأعقاب من النار» تعلّق بالوضوء ، بل يصير الكلام ظاهرا في ما ذكرناه؛ لأنّ إطلاق الأعقاب بمعنى الأولاد لايحتاج إلى الإضافة، مع حاجته إليها اذا كان بمعنى العراقيب. ولأنّ إسناد الويل إلى الأشخاص أمر شائع في المحاورات والأحاديث ، بخلاف الإسناد إلى أجزاء البدن فإنّه غير شائع، فهذا الشياع يضفي على الكلام ظهورا في معنى الأولاد .
وهذا الظهور في ما ذكرناه والاستبعاد المتقدم دفع ابن الأثير إلى التكلّف بقوله : «وإنّما خصّ العَقِب بالعذاب ؛ لأنّه العضو الّذي لم يُغسل. وقيل : أراد صاحب العقب ، فحذف المضاف ، وإنّما قال ذلك لأنّهم كانوا لايستقصون غسل أرجلهم في الوضوء» ۲ .
والّذي أوقعه في مثل هذه التكلّفات هو عدم التفطّن إلى الإدراج المذكور . وقد اتّضح الأمر وحصحص الحق ، والحمد للّه ربّ العالمين.

المثال الثالث : حبّ الموت على الرِّقّية

۷۶.۱ . ما روي عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :للعبد المملوك الصالح أجران، والّذي نفسي بيده لولا الجهاد في سبيل اللّه والحجّ وبرّ اُمّي لأحببت أن أموت وأنا مملوك . ۳

2 . الأحاديث المتواترة إجمالاً الدالّة على محبوبية الحرّية ۴ وعلى حسنها الذاتي، والّتي

1.وراجع أيضا لسان العرب : ج۹ ص۲۹۹ (عقب ) .

2.النهاية في غريب الحديث : ج۳ ص۲۶۹ (عقب ) .

3.صحيح البخاري : ج۲ ص۹۰۰ ح۲۴۱۰ .

4.كما يدلّ عليه الأحاديث الدالّة على استحباب العتق ، وكونه أفضل من الصدقة بمقدار ثمنه، وكونه كفّارة لبعض المعاصي، بل كلّها بشرط الإيمان ، راجع وسائل الشيعة : ج۲۳ ص۹ ـ ۲۳ ب۱ ـ ۸ وص۵۲ ب۲۷ وغيرها من الأبواب .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 215093
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي