ج ـ أنّ الأعقاب بمعنى العراقيب، وأنّ المراد بالحديث الأمر بغسل الرجلين كفريضة في الوضوء ، وقد أوضحناه وبيّنّا منشأ توهّمه آنفا. ۱
وأظهر الوجوه هو الأوّل ، أعني كون الأعقاب بمعنى الأولاد ، فإنّه بعد تبيّن وقوع الإدراج في حديث أبي هريرة لا يبقى قرينة على أنّ عبارة «ويل للأعقاب من النار» تعلّق بالوضوء ، بل يصير الكلام ظاهرا في ما ذكرناه؛ لأنّ إطلاق الأعقاب بمعنى الأولاد لايحتاج إلى الإضافة، مع حاجته إليها اذا كان بمعنى العراقيب. ولأنّ إسناد الويل إلى الأشخاص أمر شائع في المحاورات والأحاديث ، بخلاف الإسناد إلى أجزاء البدن فإنّه غير شائع، فهذا الشياع يضفي على الكلام ظهورا في معنى الأولاد .
وهذا الظهور في ما ذكرناه والاستبعاد المتقدم دفع ابن الأثير إلى التكلّف بقوله : «وإنّما خصّ العَقِب بالعذاب ؛ لأنّه العضو الّذي لم يُغسل. وقيل : أراد صاحب العقب ، فحذف المضاف ، وإنّما قال ذلك لأنّهم كانوا لايستقصون غسل أرجلهم في الوضوء» ۲ .
والّذي أوقعه في مثل هذه التكلّفات هو عدم التفطّن إلى الإدراج المذكور . وقد اتّضح الأمر وحصحص الحق ، والحمد للّه ربّ العالمين.
المثال الثالث : حبّ الموت على الرِّقّية
۷۶.۱ . ما روي عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :للعبد المملوك الصالح أجران، والّذي نفسي بيده لولا الجهاد في سبيل اللّه والحجّ وبرّ اُمّي لأحببت أن أموت وأنا مملوك . ۳
2 . الأحاديث المتواترة إجمالاً الدالّة على محبوبية الحرّية ۴ وعلى حسنها الذاتي، والّتي
1.وراجع أيضا لسان العرب : ج۹ ص۲۹۹ (عقب ) .
2.النهاية في غريب الحديث : ج۳ ص۲۶۹ (عقب ) .
3.صحيح البخاري : ج۲ ص۹۰۰ ح۲۴۱۰ .
4.كما يدلّ عليه الأحاديث الدالّة على استحباب العتق ، وكونه أفضل من الصدقة بمقدار ثمنه، وكونه كفّارة لبعض المعاصي، بل كلّها بشرط الإيمان ، راجع وسائل الشيعة : ج۲۳ ص۹ ـ ۲۳ ب۱ ـ ۸ وص۵۲ ب۲۷ وغيرها من الأبواب .