103
اسباب اختلاف الحديث

وامسح على القدمين، وابدأ بالشقّ الأيمن. ۱

مورد الاختلاف:

الأعقاب لها معانٍ، منها : مؤخّر الأقدام ، والأولاد، وهي في الحديث الأوّل ـ بقرينة الأمر بإسباغ الوضوء ـ ظاهرة في مؤخّر الأقدام ، فيدلّ على غسل الرجلين . مع أنّ الحديث الثاني وغيره من متواتر الأحاديث المرويّة عن أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام تدلّ على أنّ الفرض في الوضوء هو مسح الرجلين بعد الرأس. ۲

علاج الاختلاف :

الأمر بإسباغ الوضوء وإن جَعَل قولَه صلى الله عليه و آله : « ويل للأعقاب من النار» ظاهرا في وجوب غسل الأعقاب وكونها بمعنى العراقيب ، غير أنّ التفطّن إلى وقوع الإدراج في هذا الحديث يبطل القرينية، فينتفي الظهور المذكور، ويصبح الحديث ظاهرا في أنّ المراد من الأعقاب هو الأولاد ؛ لانصرافه عند الإطلاق إلى ذلك، وكونها بمعنى العراقيب بحاجة إلى المضاف إليه ، كأن يقول : «لأعقاب الأرجل» ، أو «لأعقاب أرجلكم» أو نحو ذلك .
مضافا إلى أنّ «الويل» كلمة عذاب وهلاك، وأكثر استعمالها في مقام التهديد والدعاء على من يستحقّ العذاب والهلاك ، وعليه فغالبا تُسنَد إلى الأفراد دون الأجزاء ، وهذه الغلبة 3 توجب ظهور جملة «ويل للأعقاب من النار » في إيعاد العذاب للنسل والأولاد تحريضا للآباء على حسن تربيتهم ، نظير قوله تعالى : « يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ

1.الكافي: ج۳ ص۲۹ ح۲ ، وسائل الشيعة: ج۱ ص۴۱۸ ب۲۵ من أبواب الوضوء .

2.راجع وسائل الشيعة : ج۱ أبواب الوضوء لاسيّما أحاديث ص۳۸۷ ـ ۴۰۱ ب۱۵ و ص۴۰۶ ب۲۰ و ص۴۱۲ ب۲۳ و ص۴۱۶ ب۲۴ و ص۴۱۸ ب۲۵ و ص۴۴۴ ب۳۲ و ص۴۴۸ ب۳۴ و ص۴۵۰ ب۳۵ و ص۴۵۴ ب۳۶ و ص۴۶۳ ب۳۸ .

3.بل لايبعد إسناد الويل إلى الأجزاء من باب المجاز العقلي ، ولذلك التجأ بعض من فسّره بالعراقيب إلى أنّ قوله صلى الله عليه و آله : ويل للأعقاب من باب حذف المضاف ، قال الجزري : «قيل : أراد صاحب العقب ، فحذف المضاف» (راجع النهاية في غريب الحديث : ج۳ ص۲۶۹ «عقب » ) .


اسباب اختلاف الحديث
102

متكلّم واحد، سيما إذا كان المتكلّم من أفصح الناس . مضافا إلى أنّ عبارة «قد كان في أيدينا أنّها تقضى» بعد الحكم بعدم القضاء عليه لا يشابه المعهود من بيانهم وعبائرهم ، بل فرض صدور الكلام صدرا وذيلاً من متكلّم واحد يستلزم ركاكة العبارة بسبب التنافي وعدم الإتّساق.
ومحلّ تحقيق المقال وإن كان هو الفقه غير أنّ ملخّص وجه الجمع بين ما دلّ على وجوب القضاء وما دلّ على عدمه هو أنّ المسألة ذات شقوق ؛ فإنّ المكلّف الّذي فاتته صلاة الكسوف ، إن كان قد علم بالكسوف قبل ذهابه فعليه القضاء سواء احترق قرص الشمس واستوعب أم لا. وإن لم يطّلع عليه إلاّ بعد انقضاء الكسوف ، فإن كان الكسوف مستوعبا للقرص فعليه القضاء، وإلاّ فلا . ۱ ولمّا كان الكسوف المستوعب للقرص قليل الوقوع ينصرف إطلاق نفي القضاء عن الموارد النادرة ، وهي صورة الاستيعاب مع العلم بالكسوف قبل الانجلاء .

المثال الثاني : ويل للأعقاب من النار

۷۳.۱ . روى أبو هريرة عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :أسبغوا ۲ الوضوء، ويل للأعقاب ۳ من النار ۴ . ۵

۷۴.۲ . محمّد بن يعقوب بإسناده، عن محمّد بن مسلم عن أبيعبد اللّه عليه السلام قال :الاُذنان ليسا من الوجه، ولا من الرأس . ـ قال : وذكر المسح ، فقال ـ : امسح على مقدّم رأسك ،

1.راجع وسائل الشيعة: ج۷ ص۴۹۹ ب۱۰ من أبواب صلاة الكسوف لاسيّما الأحاديث : ۱ و۲ و۴ و۵ و۱۰ .

2.شيء سابغ ، أي كامل وافٍ ، وقد أسبغ فلان ثوبه أي أوسعه ، وإسباغ الوضوء : المبالغة فيه وإتمامه (لسان العرب : ج۶ ص۱۵۹ « سبغ » ) .

3.الأعقاب : جمع العَقِب والعَقْب ، وعَقِبُ القدم وعقْبُها : مؤخّرها ... والعَقِب والعقب والعاقبة : ولد الرجل . (لسان العرب : ج۹ ص۲۹۹ «عقب » ) .

4.علوم الحديث ومصطلحه : ص۲۶۲ ، وراجع عوالي اللآلي : ج۱ ص۱۱۸ ح۳۹.

5.قال السيوطي في الدرّ المنثور : أخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير عن أنس ، أنّه قيل له : إنّ الحجّاج خطبنا فقال : اغسلوا وجوهكم وأيديكم، وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم، وأنّه ليس شيء من ابن آدم أقرب إلى الخبث من قدميه، فاغسلوا بطونهما وظهورهما وعراقيبهما. فقال أنس : صدق اللّه وكذب الحجّاج، قال اللّه : « وَامْسَحُواْ بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ » وكان أنس إذا مسح قدميه بلّهما (الدرّ المنثور : ج۳ ص۲۸ ) .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 215147
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي