81
توضيح المقال في علم الّرجال

واختاره صاحب المعالم ۱ وبعض مَنْ تبعه .
ثانيها : أنّه من باب قبول النبإ والرواية ، صرّح به جماعة . ۲
ثالثها : أنّه من جهة الظنون الاجتهاديّة المعتبرة بعد انسداد باب العلم وما هو في درجته ، اختاره أيضاً جماعة منهم : شيخنا رحمه الله في الفصول . ۳
وهذا إن لم يكن أشهر من سابقه فليس الأمر بالعكس ؛ لأُمور أشرنا إلى بعضها ،وقد عرفت أنّ حكاية الشهرة إنّما هي على الاكتفاء بالواحد المجامع للقولين ، وهي الموجودة في دراية ثاني الشهيدين ، وما في فوائد التعليقة من دعواه الشهرة فليست صريحةً ، بل ظاهرة ظهوراً معتدّاً به في كونها على القول الثاني ، بل عليه وعلى الثالث في مقابل القول الأوّل ، فإنّه قال : وما ذكرت من أنّ تعديلهم من باب الشهادة فغير مُسَلَّم ، بل الظاهر أنّه من اجتهادهم أو من باب الرواية ، كما هو المشهور .
رابعها : أنّه من باب الرجوع إلى أهل الخبرة ، ولم أقف على قائله بل على حكايته في الكتب ، وإنّما حُكِي نقله عن بعض الفضلاء .
وأظهر الأقوال ثالثها ؛ للوجوه التي أشرنا إليها مراراً ، فلا نطيل الكلام بإعادتها ، كما لانعيد ما فيه دفع القولين الأوّلين .
ونزيد الكلام على الأوّل ـ مع ما قدّمناه في دفع شبهات الأخباريّة ـ : أنّ قاعدة الانسداد تجري في غير الأخبار المصحّحة بتزكية العدلين ؛ لوضوح بقاء التكليف وغيره من المقدّمات فيما عدا ذلك .
وأيضاً ستعرف أنّ كثيراً من الرجال لو لم يكن الأكثر أساميهم مشتركة ، وأنّ أكثر أسباب التميّز ظنّيّة لم يقم عليها بيّنة ، فاعتبار أصل وثاقة أحد المشتركين بالبيّنة لايفيد كون جميع رواة الخبر مُوثَّقين بشهادة البيّنة ؛ إذ لم يُعلم أنّهم هُم المشهود بوثاقتهم ، إلى غير ذلك ممّا في هذا القول .

1.. اُنظر : الفصول الغروية ، ص ۲۹۹ .

2.. المصدر السابق ، ص ۲۹۷ .

3.. المصدر السابق ، ص ۲۹۸ .


توضيح المقال في علم الّرجال
80

مضافاً إلى أنّ مقتضى كونه من النبإ عدم قبول المرسل منه ، وقد عرفت أنّ أكثر ما في الخلاصة ونظائرها من هذا القبيل ، كما أنّ مقتضاه عدم قبول ما كان بالاجتهاد في حقّ المجتهدين ، بل الاكتفاء بالواحد في مطلق الجرح والتعديل ؛ لصدق النبإ في مطلقهما .
ودفع هذا الإلزام بقيام الدليل في غير المقام على اعتبار التعدّد ، مدفوع بشموله للمقام حيث كان التوثيق ونحوه بالشهادة ، كما ذكرناه .
وأمّا تخيّل توجيه مقالة المشهور بكون الاكتفاء من جهة الشهادة ، وأنّه يكفي فيها الواحد في المقام أو مطلقاً إلاّ فيما نصّ فيه على التعدّد ، فيدفعه ما فرغنا عنه في القضاء من ثبوت العموم على اعتبار العدد في الشهادة مطلقاً وقلنا : إنّ ظاهرهم كونه من المسلَّمات ، فليس أوّلاً يصحّ إلاّ ما ذكرناه ، لأنّه الذي يجامع الاكتفاء بالواحد عدلاً كان أو غيره ، بقولٍ كان توصيفه أو بكتب ، بقطع أخير أو بظنّ إلى غير ذلك ممّا ينافي الطريقتين دون المختار .
نعم ، يشكل عليه حيث كان التوصيف بطريق الشهادة القولية ؛ إذ مقتضى عموم اعتبار التعدّد فيها اعتباره في المقام ، فيلزم التفصيل .
ويمكن دفعه أوّلاً : بأنّه خارج عن مفروض البحث الذي هو المراجعة إلى كتب الرجال .
وثانياً : بالتزام تخصيص العموم المزبور ؛ لظهور الإجماع المركّب في كفاية الواحد ، وحصول الظنّ المكتفى به للانسداد في الغالب ، ولذا لا يجب تحصيل العلم مع إمكانه ، فمثله العلميّ .
وثالثاً : بالتزام التفصيل بعد ما اقتضاه الدليل ، والأمر سهل بعد ندور الفرض .
هذا كلّه هو الكلام في المقام الأوّل .
ونقول في الثاني : إنّ الذي يظهر اختلافهم فيه على أقوال :
أحدها : أنّه من باب العمل بالشهادة ، حكاه الشهيد الثاني في درايته ۱ عن بعضهم ،

1.. الرعاية ، ص ۱۹۳ .

  • نام منبع :
    توضيح المقال في علم الّرجال
    المساعدون :
    مولوي، محمد حسين
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1421 ق / 1375 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 84933
الصفحه من 344
طباعه  ارسل الي