77
توضيح المقال في علم الّرجال

وقد عُلم ممّا ذُكر أنّ المراد بالموضوع ليس خصوص ما تعلّق به الحكم بلا واسطة حتّى يكون كلّيّاً في الأمثلة المزبورة وإن كان أخصّ من غيره .
وقد يكتفى في صدق الفتوى بنفس الاجتهاد وإن لم يكن في حكمٍ كلّيّ أو جزئيّ ، كالاجتهاد في اُصول عقائد الدين والمذهب وفي مقدّمات معرفة لغة العرب وغير ذلك ، ولذا يوجبون فيها الاجتهاد ، ولا يكتفون فيها بالتقليد الذي هو أخذ الفتوى للعمل .
والظاهر أنّه على وجه الحقيقة مع احتمال التجوّز بالمشابهة والاستعارة .
ومن هذا القسم الاجتهاد والفتوى في علم الرجال ؛ لوضوح أنّه أولى بالصدق من الاجتهاد والفتوى في النحو والصرف ، مع أنّه لايهمّنا البحث في الصدق على وجه الحقيقة ؛ إذ البحث في المعنى وإن سُمّي باسمٍ آخر ، ولذا أردفنا الفتوى في بيان المختار بالإخبار عن المختار بالاجتهاد .
وأمّا الشهادة فمدارها غالباً أو دائماً على عدم البناء على وحي أو إلهام وغيرهما من العلوم المختصّة بالمعصومين عليهم السلام من حيث كونهم حجج اللّه ، وكذا على عدم الاجتهاد مطلقاً لا في الحكم ولا في الموضوع ، إلاّ في بعض أسباب ثبوت المشهود به لتحصيل الصلح به ، والظاهر سلب معنى الاجتهاد عنه . وكذا على كون المخبر به فيها جزئيّاً حقيقيّاً أو إضافيّاً للموضوعات العرفيّة الخارجيّة أو الشرعيّة أو للأحكام العرفيّة أو الشرعيّة لترتيب أمرٍ شرعيّ عليه ، كلّ ذلك للتبادر عند الفقهاء والمتشرّعة وصحّة سلبها عن غير ذلك ، فالجزء الحقيقيّ للموضوعات العرفية كالشهادة بأنّ هذا زيد بن فلان وأنّ هذا ماء وذاك تراب وهكذا . وللموضوعات الشرعيّة كالشهادة بأنّ هذه صلاة وهذه زيارة كذا وهذا قرآن أو منه ، وأنّ هذه تزكية وهذا بيع وذلك خلع ومباراة ونحو ذلك أو بصدور هذه الأفعال من شخص فإنّه في الحقيقة عينها .
كلّ ذلك بناءً على ثبوت الحقيقة الشرعيّة في الجميع أو إرادة مطلق ما في الشرع عن الشرعيّة وهو الأظهر .
والإضافي للأوّل كقوله : الكافور أو كافور الهند مركّب أو مأخوذ من كذا وكذا ،


توضيح المقال في علم الّرجال
76

المتقدّمين من غير قطع ، وليس من شهادة الفرع ؛ لعدم تعلّق إخبار المتأخّر بشهادة المتقدّم ، وهذا واضح . وعلى هذا لم يكن المشهور مخالفاً للمختار ، وإلاّ ففيه ما تسمعه .
وكيف كان فالظاهر أنّ مرجع ما في فوائد التعليقة للمولى البهبهاني رحمه الله إلى ما اخترناه حيث قال ـ بعد احتمالات كون المدح من باب الرواية أو الظنون الاجتهاديّة أو الشهادة ـ ما هذا لفظه : «والبناء هنا على ملاحظة خصوص الموضع ، وما يظهر منه أَولى» . ۱ انتهى .

[ الفرق بين الشهادة والفتوى ومطلق النبأ ]

ولنشر أوّلاً وإجمالاً إلى الفرق بين الشهادة والفتوى ومطلق النبإ بعد كون الأوّلين من أقسام الأخير ، وقد بيّنّا ذلك تفصيلاً في كتاب القضاء فنقول :
نعتمد غالباً على الاجتهاد والفحص في معرفة الأحكام الكلّيّة الواقعيّة أو الظاهريّة أو الموضوعات الشرعيّة المستنبطة عن أدلّتها التفصيليّة ، والغالب فيها عموم الموضوع ، وقد يخصّ فيكون جزئيّاً حقيقيّاً ، كاستحباب الصلاة في الحائر الشريف وغيره من الأماكن الشريفة ، والسكنى والبيتوتة في الغريّ وقم ونحوهما ، ووجوب أو استحباب استلام الحجر ونحو ذلك ، وكعدم جواز أخذ الأُجرة على دور مكّة المعظّمة من الحاجّ النازلين فيها ، إلى غير ذلك .
ويمكن التزام الكلّيّة في جميع ذلك بجعل أجزاء ما ذكر جزئيّاً وما يصدق على كلٍّ منها كلّيّاً هو الموضوع .
وفيه تعسّف ، وإلاّ كان الموضوع في قولك : «اضرب زيداً» أيضاً كلّيّاً ، بل الصدق بالنسبة إلى الأجزاء مع كون الموضوع اسماً لمجموع ذلك من باب التسامح المستقرّ أو التجوّز أو تجدّد الوضع في نفس الموضوع أو الأمر المتعلّق به من صلاة وسكنى واستلام وطواف ونحو ذلك ، والتفصيل في محلّه .

1.. فوائد الوحيد البهبهاني ، ص ۲۵ .

  • نام منبع :
    توضيح المقال في علم الّرجال
    المساعدون :
    مولوي، محمد حسين
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1421 ق / 1375 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 83245
الصفحه من 344
طباعه  ارسل الي