263
توضيح المقال في علم الّرجال

والاجتهاد بلاشكّ وارتياب .
بقي شيء هو : أنّه لو وجدنا كتاباً من كتب الأخبار ، سواء ذكر فيه أنّه تأليف فلان أو رواية فلان أو لم يذكر ، ولم يكن لنا علم بأنّه لفلان ، لكن شهد عندنا عدلان بذلك ، فهل يثبت ذلك بشهادتهما فيجوز لنا العمل به والرواية عنه ولو بقولنا : «روى فلان» أو بإضافة «في كتابه» أو «في كتاب كذا» وإن لم نقل : «أخبرنا» أو «عنه» وغير ذلك؟ وكذا لو شَهِدا بأنّه من الإمام عليه السلام بخطّه الشريف أو بغيره أو لا؟ الظاهر ذلك ما لم نعلم أو نظنّ بأنّ شهادتهما أو شهادة أحدهما من باب الاجتهاد أو العلم بالأمارات .
أمّا في الأوّل : فلما حقّقناه في غير موضع من عموم العمل بالبيّنة .
وأمّا في الثاني ـ فبعد خروجه عن عنوان الشهادة ودخوله فيالفتوى أو مطلق البناء ـ أنّ الأصل عدم الثبوت والاعتبار ، وأنّ لازمه جواز التقليد للمجتهد ورجوعه إلى مثله في الفتيا والأحكام للمقلّدين له ولغيرهم ، بأن يجعله كسائر أدلّة الأحكام ؛ إذ لا فرق بين ما ذُكر وبين شهادة عدلين منهم على أنّ حكم اللّه في هذه المسألة كذا ،أو أنّ الصلاة أو الصوم أو البيع وغير ذلك من الموضوعات المستنبطة وغيرها ذلك ، وبطلان اللازم ـ كالملازمة ـ من الواضحات ، والأوّل مجمع عليه .
وأيضاً فالشهادة الاجتهادية إمّا بطريق الظنّ ، وهو الغالب في الاجتهاد ، أو بطريق العلم غير المستند إلى الحسن ؛ إذ لو استند إليه لم تكن من باب الاجتهاد .
والأُولى غير مسموعة ؛ لاعتبار العلم فيها .
والثانية فيها كلام إن لم يكن الأظهر عدم السماع ، خصوصاً في أمثال هذه الأُمور العظيمة العامّة .
ومن هنا يظهر عدم سماع شهادة الواحد حيث كانت بطريق الاجتهاد والأخذ بالأمارات بطريق أولى ، [والمشتهر في هذه الأزمان بالفقه الرضوي] ، ۱ وقد صار جمع إلى اعتباره من هذا الباب .

1.. كذا في الأصل ، ويُحتمل وجود سقطٍ في المخطوط .


توضيح المقال في علم الّرجال
262

قلت : قد عرفت أنّ المتّجه جواز ذلك مطلقاً .
ومنها : الوِجادة ۱ بأن يجد المرويَ مكتوباً بخطّ الشيخ الذي هو راويه ، أو في تصنيفه بخطّه أو بخطّ غيره ، معاصراً كان الشيخ للواحد أم لا .
في القوانين : «لم يجوّزوا الرواية بمجرّد ذلك ، بل يقول : وجدت أو قرأت بخطّ فلان ، وفي جواز العمل به قولان» . ۲
قلت : ظاهره بل صريحه المنع عن التعبير بالإخبار أو التحديث أو الرواية عنه ولو بقوله : «عنه» سواء أطلق ذلك أو قيّده بقيد الوجادة ونحوه ، وأنّه الذي لم يجوّزوه . والظاهر أنّه كذلك ؛ لبُعْد المتجوّز عنهما هنا جدّاً .
وأمّا جواز الرواية بها : ففي الدراية : «لاخلاف بينهم في منعها» ۳ بعد أن حكى قولين في العمل بها ، وهو كما ترى وإن كان مراده العمل بنفس ما يجده العامل .
والحقّ الجواز حيث علم أنّه من الشيخ المزبور بتواتر وغيره من أسباب العلم .
وعلى هذا عمل الأكثر بل الجميع في زماننا هذا من غير حاجة إلى ضمّ غيره ممّا مرّ ، إلاّ أنّ المتعارف ـ كما في كثير من الأزمنة السالفة ـ ضمّ الإجازة إلى هذا القسم ، ولا أعرف في أصحابنا مصنّفاً بل ولا مؤلّفاً يخلو عن ذلك ، فقد كثرت في أزماننا وإن كانت قبل ذلك أكثر ، إلاّ أنّها لمّا اشتبهت عند العوامّ بل وكثير من الخواصّ ؛ لقصور الأفهام أو لتدليس كثير من أُولي الأغراض والأمراض بتصديق الفقاهة والاجتهاد أو الحكم بذلك ، فجعلوها على الإطلاق من الأخير ، فأثبتوا بها اجتهاد جمّ غفير ممّن لم يُشَمّ منه رائحة ولم يقف منه إلاّ في ناحية ، فالأولى سدّ هذا الباب إلاّ في حقّ مَنْ هو أهل الفقاهة

1.. بكسر الواو ، مصدر وَجَدَ يَجِدُ . قال في «ضياء الدراية» (ص ۶۲) : «وإنّما وقع الخلاف في جواز العمل بالوجادة على قولين : الف . الجواز ؛ لعموم أدلّة حجّيّة الخبر ، وانسداد باب العمل بالمنقول لو توقّف عن العمل بالوجادة ، والسيرة والطريقة الجارية وأمر أصحابهم بكتابة ما يسمعون منهم عليهم السلام . ب . المنع ؛ لأنّه لم يحدث لفظاً ولا معنى ، [ لا ] تفصيلاً ولا إجمالاً ، فلايجوز العمل به» . انتهى .

2.. القوانين المحكمة ، ج ۱ ، ص ۴۹۰ .

3.. الرعاية ، ص ۳۰۲ .

  • نام منبع :
    توضيح المقال في علم الّرجال
    المساعدون :
    مولوي، محمد حسين
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1421 ق / 1375 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 84381
الصفحه من 344
طباعه  ارسل الي