39
المعلّي بن خنيس

المعلّي بن خنيس
38

موقف المعلّى من مظاهر عصره:

كان المعلّى النموذج الواضح الذي سار على هدى إمام زمانه، وكان أشد أصحابه التصاقا به في حله وتر حاله، وقد وقف موقف الموالي العارف بحق الأئمّة وعظمتهم، وسوف نقرأ شخصية المعلّى وحياته حتى شهادته من خلال الحديث المروي عنه وفيه، لنتمكن من معرفة مكانته وشهادته صلى الله عليه و آله .
فقد كان المعلّى يعتقد بأنّ الأعمال لا تقبل بدون معرفة الإمام، وأنّه مفروض الطاعة .
جاء في الصحيح عن المعلّى : قال أبو عبداللّه عليه السلام : يا معلّى، لو أنّ عبدا عبداللّه مئة عام ما بين الركن والمقام، ويصوم النهار ويقوم الليل حتى يسقط حاجباه على عينيه، وتلتقي تراقيه هرما، جاهلاً بحقنا لم يكن له الثواب ۱ .
وفي الصحيح عنه قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام هل كل الناس إلاّ وفيهم من قد أُمروا بطاعته منذ كان نوح عليه السلام؟
قال : لم يزل كذلك، ولكن أكثرهم لا يؤمنون ۲ .
وكان يدعو الناس لطاعة أهل البيت، وقد عُرف ولاؤه لهم بين الناس واشتهر عنه، حتى وصفه العسقلاني : إنّه من كبّار الروافض ۳ .
وفي طبقات ابن سعد و تاريخ دمشق لابن عساكر : عن الفضيل بن مرزوق قال : سألت عمر بن علي بن الحسين بن علي، عن جعفر بن محمّد قلت : فيكم إنسان من أهل البيت مفترضة طاعته، تعرفون ذلك؟ ومن لم يعرف له ذلك مات ميتة جاهلية؟
فقال : لا واللّه ما فينا، مَن قال فينا فهو كذاب .
قال : فقلت لعمر بن علي: رحمك اللّه إنّ هذه منزله، أنّهم يزعمون أنّ النبيّ صلى الله عليه و آلهأوصى إلى علي وأنَّ عليا أوصى إلى الحسن، وأنَّ الحسن أوصى إلى الحسين، وأنَّ الحسين أوصى إلى ابنه علي بن الحسين، وأنَّ عليا أوصى إلى ابنه محمّد بن علي؟
قال : واللّه لقد مات أبي فما أوصى بحرفين . ما لهم؟ قاتلهم اللّه ، واللّه إنّ هؤلاء إلاّ متاكلين بنا، هذا خنيس الحر وما خنيس الحر؟
قال : قلت : المعلّى بن خنيس؟
قال : نعم، المعلّى بن خنيس، واللّه لقد فكرت على فراشي طويلاً أتعجب من قوم لبس اللّه عقولهم حتى أضلهم المعلّى بن خنيس ۴ .
إنّ هذا الحوار الذي دار بين عمر بن علي بن الحسين وبين الفضيل بن مرزوق، يظهر منه أنّ المعلّى بن خُنَيس كان يدعو الناس إلى الاعتقاد بالوصية للإمام، وأنّه مفروض الطاعة، لكن يبقى في الرواية نفي عمر بن علي القاطع للاعتقاد بالوصية والطاعة، علما أنّ الشيخ المفيد قد وصفه فاضلاً جليلاً ورعا سخيا ۵ ، وهو أخو
زيد الشهيد لأُمه وأسن منه ۶ ، وروى السيّد المرتضى رواية فيها مدح له ۷ ، لكن يظهر من نفيه أنّه متجاهل لكلام المعلّى حتى لاسمه، وكان المعلّى معروفا بين الشيعة وغيرهم، فكيف لم يعرفه عمر بن علي؟ ويمكن حمل انكاره على التقية . وكيف كان، فإنّ هذا النص يدل على أنّ المعلّى كان نشطا في دعواه للأئمّة .
وكان على معرفة واعية للإمام القائم(عج)، جاء في الصحيح ۸ عن الوليد بن صبيح، قال : سأل المعلّى بن خُنَيس أبا عبداللّه عليه السلامفقال : جُعلت فداك! حدّثني عن القائم إذا قام يسير بخلاف سيرة علي بن أبي طالب عليه السلام؟
قال : فقال له : نعم .
قال : فأعظم ذلك المعلّى، وقال : جُعلت فداك! مع ذاك؟
قال : لأنَّ عليا سار بالناس سيرة وهو يعلم أنّ عدوه سيظهر على وليه من بعده، وأنّ القائم عليه السلام إذا قام ليس إلاّ السيف . فعودوا مرضاهم، واشهدوا جنائزهم وافعلوا، ولا فعلوا، فإنّه إذا كان ذاك لم تحل مناكحتهم ولا موارثتهم ۹ .
ومثله عن الحسن بن هارون بيّاع الأنماط ۱۰ ، وروى روايات عديدة في علامات الظهور والرجعة تجدها في مسنده الآتي ذكره إن شاء اللّه تعالى .

1.المحاسن ، ص ۹۰، ح ۴۰ ؛ عقاب الأعمال ، ص ۲۴۳ (ح ۱) ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱، ص ۱۲۲ (ح ۳۰۹) ؛ بحارالأنوار ، ج ۲۷، ص ۱۷۷، ومستدرك الوسائل ، ج ۱، ص ۱۵۹ (ح ۲۵۴) .

2.المحاسن ، ص ۲۳۵، ح ۱۹۸ ؛ كمال الدين ، ص ۲۳۱ (ح ۳۲) بسند صحيح آخر .

3.لسان الميزان ، ج ۶، ص ۸۹، رقم ۸۵۴۹ .

4.الطبقات الكبرى، ج۵، ص۳۲۴؛ مختصر تاريخ دمشق، ج۱۷، ص۲۴۲؛ لسان الميزان، ج۶، ص۸۹، رقم ۸۵۴۹ .

5.الإرشاد ، ج ۲، ص ۱۷۰، وعنه معجم رجال الحديث ، ج ۱۳، ص ۴۷، رقم ۸۷۷۳ .

6.معجم رجال الحديث ، ج ۱۳، ص ۴۷، رقم ۸۷۷۳ .

7.معجم رجال الحديث ، ج ۱۰، ص ۲۶۴، رقم ۷۰۱۲ .

8.كتاب درست بن أبي منصور ، ص ۱۶۴ .

9.مستدرك الوسائل ، ج ۱۱، ص ۵۸ (ح ۸) .

10.تهذيب الأحكام ، ج ۶، ص ۱۵۴ (ح ۲۷۱) ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۵، ص ۷۷ و ۷۸ (ح ۲۰۰۱۷) ؛ علل الشرائع ، ص ۲۱۰، باب ۱۵۸ (ح ۱) .

  • نام منبع :
    المعلّي بن خنيس
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1425 ق / 1383 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 47363
الصفحه من 260
طباعه  ارسل الي