15
رسائل في دراية الحديث ج1

جعفر بن طاووس الحلّي (673ه ) الذي ألّف في هذا المجال كتاب «حلّ الإشكال في معرفة الرجال». ۱
وذهب كثيرون غيرهم إلى أنّ الشهيد الثاني يعدّ أوّل مؤلّفٍ شيعي في هذا الحقل ۲ ؛ لتأليفه «البداية في علم الدراية» وشرحها ، فهو أوّل من جمع ما كان متناثرا في الكتب والرسائل من آراء سلفه من علماء الشيعة .
وعلى كلّ حال ، فإنّنا إذا نظرنا في كتب قدماء علماء الشيعة نجد أنّ البارزين منهم كانوا على معرفة بقواعد علم الدراية ، فالشيخ الطوسي ـ مثلاً ـ طرح مثل هذه الموضوعات في كتبه ـ ككتاب «عدّة الأُصول» ـ وإن لم يؤلِّف رسالة مستقلّة في هذا المجال .
وفي ما يلي نلقي نظرة عامّة على تطوّر تدوين علم الدراية عند الشيعة ، مع ذكر أسماء أهمّ الكتب التي دوّنوها في هذا العلم :
ففي القرن السادس الهجري ألّف قطب الدين سعيد بن هبة اللّه الراوندي (573ه ) «رسالة في أحوال الأخبار» .
وفي القرن السابع دوّن أحمد بن موسى بن جعفر بن طاووس الحلّي (673ه ) «حلّ الإشكال في معرفة الرجال» .
وفي القرن الثامن ألّف عليّ بن عبد الحميد الحسيني النيلي النجفي «شرح أُصول دراية الحديث» .
وكان القرن العاشر الهجري عصر ازدهار الدراية عند الشيعة ؛ حيث ألّفوا في هذا العصر عدّة كتب في علم الدارية ، منها :
كتاب «دراية الحديث» ، لنور الدين عليّ بن حسين بن عبد العالي الكركي (940ه ).
وثلاثة كتب في هذا المضمار ألّفها زين الدين بن عليّ العاملي المعروف بالشهيد

1.الدر المنثور ۲ : ۱۸۸ ؛ رياض العلماء ۲ : ۳۶۸ ؛ أمل الآمل ۱ : ۸۵ ؛ معجم رجال الحديث ۷ : ۳۷۲ .

2.أُصول الحديث وأحكامه : ۷ ؛ تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام : ۲۹۵ .


رسائل في دراية الحديث ج1
14

بالنسبة إلى الشيعة الإثني عشرية فلم يشعروا بالحاجة إلى علم الدراية ؛ وذلك بسبب وجود الأئمّة المعصومين عليهم السلامبين ظهرانيهم ؛ إذ كانوا ينهلون عنهم الأحكام والأحاديث وهم في مأمن من خطر تسرّب الوضع أو التحريف أو الكذب إليها .
وبعد غياب المعصومين عليهم السلام ، كان وجود الأُصول الحديثيّة الأربعة عند الشيعة ، واطمئنان علمائهم إليها وثقتهم بها ، سببا لشعورهم بالاستغناء عن التوجّه نحو بحوث علم الدراية . ومن هنا لم تدعُ الحاجة إلى بحوث هذا العلم بين الشيعة إلاّ بعد مدّة من انتهاء وجود المعصوم .

أوّل من كَتَبَ في الدراية

هناك اختلاف في وجهات النظر حول أوّل من كتب في الدراية من الشيعة : فقد ذهب المرحوم السيّد حسن الصدر إلى أنّ أوّل عالم شيعي ألّف كتابا في الدراية هو الحاكم النيشابوري (405ه ) ، فقد قال في كتابه «تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام» :
«إنّ أوّل من دوّن علم دراية الحديث هو أبو عبد اللّه الحاكم النيشابوري الإمامي الشيعي». ۱
وتجدر الإشارة إلى أنّ مسألة انتماء الحاكم النيشابوري إلى المذهب الشيعي غير متّفق عليها ، وثمّة شكوك حولها .
واعتبر السيّد عبد العزيز الطباطبائي أنّ أوّل مؤلّف شيعي في هذا العلم هو القطب الراوندي (573ه ) بسبب تأليفه «رسالة في صحّة أحاديث أصحابنا» ، وكتب في هذا المجال : « .. . ولهذا يعدّ القطب الراوندي أوّل من ألّف من أصحابنا في علم الدراية ...». ۲
ويذهب جماعة من الباحثين إلى أنّنا لو لم نعتبر الحاكم النيشابوري من علماء الشيعة ، فإنّ أوّل مؤلّف شيعي في هذا العلم هو جمال الدين أحمد بن موسى بن

1.تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام : ۲۹۴ .

2.تراثنا ، العدد ۳۸ و۳۹ : ۲۷۳ .

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث ج1
    المساعدون :
    الناطقی، علی اوسط؛ الدرایتی، محمد حسین
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1425 ق / 1383 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 137969
الصفحه من 616
طباعه  ارسل الي