305
جواهر الحكمة للشّباب

3 / 36

مُصعَبُ بنُ عُمَير

مُصعَبُ بنُ عُمَير بنِ هاشِمٍ ، يُكَنّى أبا عَبدِ اللّه ، كانَ مِن فُضَلاءِ الصَّحابَة وخِيارِهِم ، ومِنَ السّابِقينَ إلَى الإِسلام . أسلَمَ ورَسولُ اللّه صلى الله عليه و آله في دارِ الأَرقَم وكَتَمَ إسلامَهُ خَوفا مِن اُمِّهِ وقَومِهِ ، وكانَ يَختَلِفُ إلى رَسولِ اللّه صلى الله عليه و آله سِرّا فَبَصُرَ بِهِ عُثمانُ بنُ طَلحَةَ العَبدَرِيُّ يُصَلّي ، فَأَعلَمَ أهلَهُ واُمَّهُ فَأَخَذوهُ فَحَبَسوهُ ، فَلَم يَزَل مَحبوسا إلى أن هاجَرَ إلى أرضِ الحَبَشَة ، وعادَ مِنَ الحَبَشَة إلى مَكَّة ، ثُمَّ هاجَرَ إلَى المَدينَة بَعدَ العَقَبَةِ الاُولى لِيُعَلِّمَ النّاسَ القُرآنَ ويُصَلِّيَ بِهِم . ۱
كانَ مُصعَبُ بنُ عُمَير فَتى مَكَّة شَبابا وجَمالاً وكانَ أبَواهُ يُحِبّانِهِ وكانَت اُمُّهُ تَكسوهُ أحسَنَ ما يَكونُ مِنَ الثِّيابِ وأرَقَّهُ وكانَ أعطَرَ أهلَ مَكَّة ، وكانَ رَسولُ اللّه صلى الله عليه و آله يَذكُرُهُ ويَقولُ : ما رَأَيتُ بِمَكَّة أحسَنَ لِمَّةً ولا أرَقَّ حُلَّةً ولا أنعَمَ نِعمَةً مِن مُصعَبِ بنِ عُمَير . ۲
وقال صلى الله عليه و آله ـ لَمّا أقبَلَ عَلَيهِ مُصعَبُ بنُ عُمَير وعَلَيهِ إهابُ كَبشٍ ـ : انُظُروا إلى رَجُلٍ قَد نَوَّرَ اللّه ُ قَلبَهُ ، ولَقَد رَأَيتُهُ وهُوَ بَينَ أبَوَيهِ يُغَذِّيانِه بِأَطيَبِ الأَطعِمَةِ وأليَنِ اللِّباسِ ، فَدَعاهُ حُبُّ اللّه ِ ورَسولِهِ إلى ما تَرَونَ . ۳
وعن الإمام علي عليه السلام : إنّا لَجُلوسٌ مَعَ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله فِي المَسجِد إذ طَلَعَ عَلَينا مُصعَبُ بنُ عُمَير وما عَلَيهِ إلاّ بَردَةٌ لَهُ مَرقوعَةٌ بِفَروٍ ، فَلَمّا رَآهُ رَسولُ اللّه صلى الله عليه و آله بَكى لِلَّذي كانَ فيهِ مِنَ النِّعمَةِ والَّذي هُوَ فيهِ اليَومَ . ۴

1.اُسد الغابة : ج ۵ ص ۱۷۵ الرقم ۴۹۳۶ .

2.المستدرك على الصحيحين : ج ۳ ص ۲۲۱ ح ۴۹۰۴ .

3.تنبيه الخواطر : ج ۱ ص ۱۵۴ .

4.اُسد الغابة : ج ۵ ص ۱۷۶ الرقم ۴۹۳۶ .


جواهر الحكمة للشّباب
304

3 / 35

مُسلِمٌ المُجاشِعِيُّ

كانَ يَعيشُ فِي المَدائِنِ أيّامَ واليها حُذَيفَةَ بنِ اليَمان ، وبَعدَ قَتلِ عُثمان وبَقاءِ حُذَيفَة والِيا عَلَيها بِأَمرِ الإِمامِ عَلِيٍّ عليه السلام ، قَرَأَ حُذَيفَة عَلَى النّاسِ رِسالَةَ الإِمامِ عليه السلام ، ودَعاهُم إلى بَيعَتِهِ مُتَحَدِّثا عَن عَظَمَتِهِ . ولَمّا بايَعَ النّاسُ ، طَلَبَ مُسلِم مِن حُذَيفَة أن يُحَدِّثَهُ بِحَقيقَةِ ما كانَ قَد جَرى ، فَفَعَلَ فَأَصبَحَ مُسلِم مِنَ المُوالينَ لِلإِمامِ عليه السلام . ورَسَخَ حُبُّ الإِمامِ في قَلبِهِ .
روى في ذكر أحداث حرب الجمل أنّه لَمّا تَقابَلَ العَسكَرانِ : عَسكَرُ أميرِ المُؤمِنين عَلِيٍّ عليه السلام وعَسكَرُ أصحابِ الجَمَل ، جَعَلَ أهلُ البَصرَه يَرمونَ أصحابَ عَلِيٍّ بِالنَّبلِ حَتّى عَقَروا مِنهُم جَماعَةً ، فَقالَ النّاسُ : يا أميرَ المُؤمِنين ، إنَّهُ قد عَقَرَنا نَبلُهُم فَمَا انتِظارُكَ بِالقَومِ ؟ !
فَقالَ عَلِيٌّ : اللّهُمَّ إنّي اُشهِدُكَ أنّي قَد أعذَرتُ وأنذَرتُ ، فَكُن لي عَلَيهِم مِنَ الشّاهِدينَ .
ثُمَّ دَعا عَلِيٌّ بِالدِّرعِ ، فَأَفرَغَها عَلَيهِ ، وتَقَلَّدَ بِسَيفِهِ وَاعتَجَرَ ۱ بِعِمامَتِهِ وَاستَوى عَلى بَغلَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، ثُمَّ دَعا بِالمُصحَفِ فَأَخَذَهُ بِيَدِهِ ، وقالَ : يا أيُّهَا النّاسُ ، مَن يَأخُذُ هذَا المُصحَفَ فَيَدعو هؤُلاءِ القَومَ إلى ما فيهِ ؟
قالَ : فَوَثَبَ غُلامٌ مِن مُجاشِع يُقالُ لَهُ : مُسِلم ، عَلَيهِ قباءٌ أبيَضُ ، فَقالَ لَهُ : أنَا آخُذُهُ يا أميرَ المُؤمِنين .
فَقالَ لَهُ عَلِيُّ : يا فَتى إنَّ يَدَكَ اليُمنى تُقطَعُ ، فَتَأخُذُهُ بِاليُسرى فَتُقطَعُ ،
ثُمَّ تُضرَبُ عَلَيهِ بِالسَّيفِ حَتّى تُقتَلَ .
فَقالَ الفَتى : لا صَبرَ لي عَلى ذلِكَ يا أميرَ المُؤمِنين .
قالَ : فَنادى عَلِيٌّ ثانِيَةً ، وَالمُصحَفُ في يَدِهِ ، فَقامَ إلَيهِ ذلِكَ الفَتى وقالَ : أنَا آخُذُهُ يا أميرَ المُؤمِنين .
قالَ : فَأَعادَ عَلَيهِ عَلِيٌّ مَقالَتَهُ الاُولى ، فَقالَ الفَتى : لا عَلَيكَ يا أميرَ المُؤمِنين ، فَهذا قَليلٌ في ذاتِ اللّه ِ ، ثُمَّ أخَذَ الفَتَى المُصحَفَ وَانطَلَقَ بِهِ إلَيهِم ، فَقالَ : يا هؤُلاءِ ، هذا كِتابُ اللّه ِ بَينَنا وبَينَكُم .
قالَ : فَضَرَبَ رَجُلٌ مِن أصحابِ الجَمَل يَدَهُ اليُمنى فَقَطَعَها ، فَأَخَذَ المُصحَفَ بِشِمالِهِ فَقُطِعَت شِمالُهُ ، فَاحتَضَنَ المُصحَفَ بِصَدرِهِ فَضُرِبَ عَلَيهِ حَتّى قُتِلَ ـ رَحمَةُ اللّه ِ عَلَيهِ ـ . ۲

1.. سنن أبى داوود : ج ۱ ص ۱۳۴ ح ۴۹۸ ، السنن الكبرى : ج ۱ ص ۵۷۴ ح ۱۸۳۴ .

2.الاعتِجارُ بالعمامة : هو أن يَلُفَّها على رَأسِه ويَرُدّ طَرَفَها على وجْهِه ، ولا يَعْمل منها شيئاً تحت ذَقَنِه (النهاية : ج ۳ ص ۱۸۵) .

3.المناقب للخوارزمي : ص ۱۸۶ ح ۲۲۳ .

  • نام منبع :
    جواهر الحكمة للشّباب
    المساعدون :
    غلامعلي، احمد
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 185820
الصفحه من 366
طباعه  ارسل الي