25
جواهر الحكمة للشّباب

ب ـ الإيمان بالذات

المقدّمة الثانية لازدهار الشَّباب هي أن يثق الشّابّ بنفسه ، أي أن يكون
معتمدا على قدراته ومواهبه التي أودعها اللّه تعالى في وجوده للسير نحو قمة الكمال .
إنّ السعي والعزيمة على بناء الذّات ، والإبداع ، وعلوّ الهمّة ، والعزّة ، وغنى النفس ، والصمود في طريق الهدف ، والتوكّل على اللّه في الحياة ، كلّها من آثار الثقة بالذات والاعتماد عليها .
فالشاب الذي لا يعتمد على الطاقات ، والقدرات التي وهبها اللّه تعالى له ، يشعر في أعماله بالعجز ، فيُصبح قاصر الهمّة ، عاجزا عن اتخاذ القرار ، لا يملك مقومات الصبر والصمود ، ولا يستطيع متابعة أي هدف مهم في حياته . إنّ الفصل الثاني في القسم الثاني من جواهر الحكمة للشَّباب يدعو الشباب المسلم إلى الثقة بالذات والاعتماد على مواهبه وقدراته الذاتية ، والسعي لأجل تنميتها وازدهارها.


جواهر الحكمة للشّباب
24

إطلاق حرية التّساؤل للشَّباب

من المهم منح الشَّباب حرية البحث إضافة إلى تشجيعهم على السؤال ، كي يزدادوا اطلاعا على المسائل الدينية المختلفة في المجالات العقائدية والأخلاقية والعملية ، وبذلك يمكن كسب ثقتهم في طرح ما يجيش في نفوسهم ويساور أذهانهم دون تردد أو خوف ، وسيرة أئمة الدين تعلّمنا المزيد في هذا الخصوص ، فهم يشجعون الناس على السؤال . ۱
كما أنّهم يجيبون على أسئلتهم ، ويتصرفون معهم بشكل يجعلهم يطرحون أنواع الأسئلة العقائدية والسياسية والأخلاقية بكلّ سهولة ، ومن ثمَّ يسمعون الجواب عليها .
ولكن لنا أن نتساءَل ـ وبحق ـ كم شابّا اليوم من شبابنا يمتلك الجرأة على طرح مشكلاته الجنسية على مرجع ديني ، فيجيبه ويأخذ بيده إلى سواء الطريق؟! في حين نقرأ في سيرة الرسول المصطفى صلى الله عليه و آلهما يثير العجب في هذا الخصوص ، فقد ورد أنّه جاء إليه فتىً ، وطلب منه في محضر من الناس أن يسمح له بالزنا! وفي الوقت الذي قام الحضور على هذا الفتى باللوم والتوبيخ ، نجد النَّبي الأكرم صلى الله عليه و آلهيردعهم عن ذلك ،
ويطلب من الفتى بكلّ لطف ومحبّة أن يدنو منه ، وحينما يجلس الفتى إلى جنبه ، يتوجّه إليه النَّبي الأكرم صلى الله عليه و آله بوجه تملؤه البشاشة ، فيقول : هل ترضى أن يفعل أحد مثل هذا الفعل بأُمك؟
فيقول الشاب : لا واللّه جعلني اللّه فداك !
ثمّ يواصل معه فيقول صلى الله عليه و آله : هل ترضى أن يفعل أحد هذا الفعل بابنتك؟
فيجيب الشاب : لا واللّه ، لا يرضى أحد هذا العمل لابنته ، جعلت فداك !
ثمّ يقول النَّبيّ صلى الله عليه و آله له : هل ترضى أن يزني أحد بأُختك؟
فيقول الشاب : لا يرضى أحد بذلك ، جعلت فداك !
ويقول صلى الله عليه و آله : هل ترضى أن يزني أحد بعمتك؟
فيجيب الشاب : لا واللّه ، لا يرضى أحد بذلك ، جعلت فداك !
ويقول النَّبي صلى الله عليه و آله : هل ترضى أن يزني أحد بخالتك؟
فيقول الشاب : لا واللّه ، لا يرضى أحد ذلك ، جعلت فداك !
وأخيرا يضع النبيّ صلى الله عليه و آله يده المباركة على عاتق الشاب ويطلب له من اللّه سبحانه الرحمة والعفو والمغفرة ، ويدعو له بالعفة والنجابة ، وبهذا التعامل العاطفي التربوي البنّاء لنبيّ الرحمة صلى الله عليه و آله يدخل هذا الشاب باب الهداية والصلاح ، ويُقلع عمّا كان عليه . ۲

1.راجع : ص ۷۳ ح ۷۸ .

2.راجع : ص ۷۴ ح ۸۲ .

  • نام منبع :
    جواهر الحكمة للشّباب
    المساعدون :
    غلامعلي، احمد
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 185725
الصفحه من 366
طباعه  ارسل الي