201
مكاتيب الأئمّة ج3

ثمَّ حُقوقُ الأئمَّةِ

14 ـ فأمَّا حقُّ سائِسِكَ بالسُّلطانِ :

۰.فأنْ تعلم أنَّك جُعِلتَ لَهُ فِتْنةً ، وأنَّه مُبْتلًى فيكَ بما جعَلَهُ اللّه ُ لَهُ عَليكَ مِنَ السُّلطانِ وأن تُخلِصَ لَه في النَّصيحَةِ ، وأنْ لا تُماحِكَهُ وقد بُسِطَتْ يَدُه علَيكَ ، فَتَكونُ سَبَبَ هَلاكِ نَفسِكَ وهَلاكِهِ وتَذَلَّلْ وتَلَطَّفْ لإعطائِهِ مِنَ الرِّضى ما يَكُفُّهُ عَنكَ ،ولا يضُرُّ بِدينِكَ ، وتَستعِينُ عليهِ في ذلِكَ باللّه ِ ،ولا تُعازَّهُ ولا تُعانِدْهُ ، فإنَّك إن فعلْتَ ذلِكَ عقَقْتَهُ وعَقَقْت نفسَكَ ، فعَرَّضْتها لِمَكروهِهِ وعرَّضْتَهُ لِلهلَكَةِ فيكَ ، وكُنتَ خلِيقاً أنْ تكونَ مُعِيناً لَهُ على نفسِكَ ، وشَريكاً لَهُ فيما أتى إلَيكَ ، ولا قُوَّةَ إلاَّ باللّه ِ .

15 ـ وأمَّا حقُّ سائِسِكَ بالعِلم :

۰.فالتَّعْظيمُ لَهُ والتَّوْقِيرُ لِمَجلِسهِ ، وَحُسْنُ الاسْتِماع إلَيهِ ، والإقبالُ عَلَيهِ ، والمَعونَةُ لَهُ على نَفسِكَ فيما لا غِنى بِكَ عَنهُ مِنَ العِلمِ ، بأنْ تُفَرِّغَ لَهُ عَقلَكَ ، وتُحَضِّرَهُ فَهْمَكَ ، وتُذَكِّي لَهُ قلْبَكَ ، وتُجلِّي لَهُ بَصرَكَ بترْك اللَّذَّاتِ ، ونَقْص الشَّهواتِ ، وأنْ تعلَمَ أنَّكَ فيما ألْقى إليكَ رَسولُهُ إلى مَن لَقِيكَ مِن أهلِ الجَهل ، فلزِمَكَ حُسْنُ التَّأْدِيَةِ عَنهُ إِلَيهِم ، ولا تَخُنْهُ في تأْدِيَةِ رسالَتِهِ والقِيامِ بِها عَنهُ ، إذا تَقَلَّدْتَها ، ولا حَوْل ولا قُوَّة إلاَّ باللّه ِ .


مكاتيب الأئمّة ج3
200

11 ـ وَأمَّا حقُّ الصَّوم :

۰.فأنْ تعلَم أنَّه حِجابٌ ضرَبَهُ اللّه ُ عَلى لسانِكَ ، وسَمْعِكَ ، وبَصَرِكَ ، وفرْجِكَ ، وبَطْنِكَ ليسْتُركَ بهِ مِنَ النَّارِ ، وهكذا جاءَ في الحَديثِ : «الصَّوم جُنَّةٌ من النَّار » فإنْ سَكَنتْ أطرافُكَ في حَجْبَتِها رَجَوْتَ أنْ تكونَ مَحْجوباً ، وإنْ أنْت تركْتها تضطَرِبُ في حِجابها ، وترفَعُ جَنَباتِ الحِجابِ ، فتطَّلِعُ إلى ما لَيسَ لَها بالنَّظْرَةِ الدَّاعِيَةِ للشَّهوة والقُوَّةِ الخارِجَةِ عن حَدِّ التَّقيَّةِ للّه ِ ، لم تأمَن أنْ تَخْرِق الحِجابَ وتَخْرُجَ مِنهُ ، ولا قُوَّة إلاَّ باللّه ِ .

12 ـ وأمَّا حقُّ الصَّدقة :

۰.فأنْ تعلَمَ أَنَّها ذُخْرُكَ عِندَ ربِّكَ ، ووَديعَتُكَ الَّتي لا تَحتاجُ إلى الإشهادِ ، فإذا عَلِمتَ ذلِكَ كُنتَ بما استوْدَعْتهُ سِرّاً ، أوْثَقَ بِما استوْدعْته علانيةً ، وكُنتَ جدِيراً أنْ تكونَ أسْررْتَ إليهِ أمْراً أعْلَنْتَهُ ، وكان الأمْرُ بينَكَ وبَينَهُ فيها سِرّاً على كُلِّ حالٍ ، ولَم تستَظْهِر عَلَيهِ فيما استوْدَعْتَهُ مِنها بإشهاد الأسْماعِ والأبصارِ عَلَيهِ بها ، كأنَّها أوْثَقُ في نَفسِكَ لا كأنَّك لا تثِقُ بهِ في تأْدِيَةِ وَديعَتِكَ إلَيكَ ، ثمَّ لَم تَمْتَنَّ بِها على أحَدٍ لأنَّها لَكَ ، فإذا امْتَنَنْت بِها لم تأمَن أنْ تَكونَ بها مِثْلُ تَهْجِين حالِكَ مِنها إلى مَن مَنَنْت بِها عَلَيهِ ، لأنَّ في ذلِكَ دليلاً على أنَّكَ لم تُرِد نفسَكَ بِها ، ولَو أردْت نفسَكَ بِها لم تَمْتَنَّ بِها على أحَدٍ ، ولا قُوَّةَ إلاَّ باللّه ِ .

13 ـ وأمَّا حَقُّ الهَدْي :

۰.فأنْ تُخلِصَ بها الإرادَةَ إلى رَبِّكَ ، والتَّعرُّضَ لِرَحْمَتِهِ وقَبولِهِ ، ولا تُريدُ عُيونَ
النَّاظِرينَ دونَهُ ، فإذا كُنتَ كذلِكَ لَم تَكُن مُتَكَلِّفاً ولا مُتصَنِّعاً ، وكُنتَ إنَّما تقْصِدُ إلى اللّه ِ ، واعلَمُ أنَّ اللّه َ يراد باليَسير ولا يُراد بالعَسير ، كما أراد بِخَلْقهِ التَّيْسير وَلَم يُرِد بِهِم التَّعْسيرَ ، و كذلِكَ التَّذلُّلُ أوْلى بِكَ مِنَ التَّدَهْقُنِ ؛ لأنَّ الكُلْفةَ والمُؤنَةَ في المُتَدَهْقِنينَ ، فأمَّا التَّذلُّلُ والتَّمَسْكُنُ فلا كُلْفَةَ فيهما ، ولا مُؤَنَةَ عَلَيهِما ، لأنَّهما الخِلْقَةُ ، وهما موْجودانِ في الطَّبيعَةِ ، و لا قُوَّة إلاَّ باللّه ِ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج3
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 59145
الصفحه من 340
طباعه  ارسل الي