171
مكاتيب الأئمّة ج3

فلمَّا قرَأ الكتاب رمَى به إلى ابنه سليْمان ، فقرَأه ، فقال :
يا أمير المؤمنين لَشدَّ ما فخَر عليك عليُّ بن الحسين عليهماالسلام .
فقال : يا بُنيَّ لا تقلْ ذلك ، فإنّها 1 ألْسُنُ بني هاشم ، الَّتي تَفْلِق الصَّخْرَ ، وتَغْرِفُ مِن بحرٍ ، إنَّ عليَّ بن الحسين عليهماالسلاميا بُنيَّ ، يَرْتَفِعُ مِن حيثُ يَتَّضِعُ النَّاسُ . 2
وفي الكافي أيضاً نصّ آخر :
عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فَضَّال ، عن ثَعْلَبة بن مَيْمُون ، عمَّن يَرْوي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام :
أنَّ عليَّ بنَ الحُسَينِ عليهماالسلام تزَوَّجَ سُرِّيَّةً كانَت للحَسَنِ بنِ عَليٍّ عليهماالسلام ، فَبَلَغَ ذلكَ عَبدَ المَلِكِ بنَ مَروانَ ، فَكَتبَ إليهِ في ذلِكَ كِتاباً ؛ أنَّكَ صِرْتَ بَعْلَ الإماءِ .
فكَتبَ إليهِ عليُّ بنُ الحسينِ عليهماالسلام : أنَّ اللّه َ رفَع بالإسلامِ الخَسِيسَةَ ، وأتمَّ بهِ النَّاقِصَةَ ، فأكرَمَ بِهِ مِنَ اللُّؤمِ ، فَلا لُؤمَ عَلى مُسلِمٍ ، إنَّما اللُّؤمُ لُؤمُ الجاهليَّةِ ، إنَّ رسولَ اللّه ِ صلى الله عليه و آله أنكَح عَبدَهُ وَنَكَحَ أَمَتَهُ .
فلمَّا انتهى الكتاب إلى عبد المَلِك ، قال لمَن عنده : خبِّروني عن رجل إذا أتى ما يضع النَّاسَ لَم يزِدْهُ إلاّ شَرَفاً؟
قالوا : ذاكَ أميرُ المُؤمِنينَ .
قال : لا وَاللّه ِ ، ما هُوَ ذاكَ .
قالوا : ما نَعرِفُ إلاّ أميرَ المُؤمِنينَ .
قال : فَلا وَاللّه ِ ، ما هُوَ بِأميرِ المُؤمِنينَ ، وَلكِنَّهُ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليهماالسلام . 3
وفي تهذيب الأحكام :
عليّ بن الحسن بن فضّال ، عن محمّد بن عبد اللّه بن زرارة ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهماالسلام قال :
« لمَّا زَوَّجَ عَليٌّ بنُ الحسَين عليه السلام أُمَّهُ مَولاهُ ، وتزوَّج هُوَ مَولاتَهُ كتَبَ إليهِ عَبدُ المَلِكِ بنُ مَروانَ كتاباً يَلومُهُ فيهِ ، وَيقولُ لَهُ :
إنَّكَ قَد وَضَعتَ شَرَفَكَ وحَسَبَكَ .

فَكَتَبَ إليهِ عليُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام : إنَّ اللّه َ تعالى رَفَعَ بالإسلامِ كلَّ خَسيسَةٍ ، وأتمَّ بِهِ النَّاقِصَةَ ، وأذهَبَ بِهِ الُّلؤمَ ، فَلا لؤمَ على مُسلمٍ ، وإنَّما اللُّؤمُ لُؤمُ الجاهِلِيَّةِ .
وَأمَّا تَزويجُ أمِّي ، فإِنِّي إنَّما أرَدتُ بِذلِكَ بِرَّها .

فلمَّا انتهى الكتاب إلى عبد المَلِك ، قال : لقد صنع عليّ بن الحسين أمرين ، ما كان يصنعهما أحد إلاَّ عليُّ بنُ الحُسينِ ، فإنَّ بذلك قد زاد شرفاً . 4
وفي كتاب الزهد :
النَّضر بن سويد ، عن حسين بن موسى ، عن زرارة ، عن أحدهما عليهماالسلام قال : إنَّ عليَّ بنَ الحُسَينِ عليهماالسلام تَزوَّجَ أمَّ ولدِ عَمِّهِ الحَسَنِ عليه السلام ، وزَوَّجَ أُمّهُ مَولاهُ ، فَلَمَّا بَلَغَ ذلكَ عَبدَ المَلِكِ بنَ مَروانَ كَتَبَ إليهِ :
يا عليُّ بنَ الحُسَينِ ، كأنَّكَ لا تَعرِفُ مَوضِعَكَ مِن قَومِكَ وقَدرَكَ عِندَ النَّاسِ ، تَزَوَّجتَ مَولاةً ، وَزَوَّجتَ مَولاكَ بِأُمّكَ!
فَكَتَبَ إليه عليُّ بنُ الحُسَينِ : فَهِمتُ كِتابَكَ ، ولَنا أُسوَةٌ بِرَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، فَقَد زَوَّجَ زَينَبَ بِنتَ عَمِّهِ زَيداً مَولاهُ ، وتَزوَّجَ مَولاتَهُ صَفيَّةَ بِنتَ حُيَّي بن أخطَبَ » . 5
وقال ابنُ قتيبةَ :
تزوَّج عليّ بن الحسين أمَّ ولدٍ لبعض الأنصار ، فلامَه عبد المَلِك في ذلك .
فكتب إليه : « إنَّ اللّه َ قَد رَفَعَ بالإسلامِ الخَسيسةَ ، وأتمَّ النَّقيصَةَ ، وأكرَمَ بِهِ مِنَ اللُّؤمِ ، فَلا عارَ على مُسلِمٍ ، هذا رَسولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله قَد تَزوَّجَ أمَتَهُ وامرأةَ عَبدِهِ» .
فقال عبدُ المَلِك : إنَّ عليّ بن الحسين يتشرّف من حيث يتَّضِعُ النَّاسُ . 6
وفي المعارف :
روى عليّ بن محمّد عن عثمان بن عثمان قال : زوّج عليّ بن الحسين أُمّه من مولاه ، وأعتق جارية له وتزوّجها ، فكتب إليه عبد الملك يعيِّره بذلك ، فكتب إليه عليٌّ عليه السلام :
د كانَ لكُم في رَسولِ اللّه ِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ ، قَد أعتَقَ رَسولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله صفيّةَ بنتَ حُيَيّ 7 وَتَزوّجَها ، وأعتَقَ زَيدَ بنَ حارِثَةَ وزوَّجَهُ ابنةَ عَمّتِهِ زينبَ بنتَ جَحشٍ » . 8
وأصلُ هذا الموضوع ناشى ءٌ من وهم ؛ لأنَّ السِّيدة أمّ الإمام توفيت في نفاسها ، وقد ذكر ذلك جمهور المُؤرِّخين والرُّواة . وأنَّ الإمام الرِّضا عليه السلام صرح بذلك في حديثه مع سهل بن القاسم النُّوشجانيّ ، فقد قال عليه السلام : « . . . وكانَت صاحِبَةُ الحُسَينِ عليه السلام نَفَسَت بِعليِّ بنِ الحُسَينِ عليهماالسلام ، فكفَّلَ عليَّاً عليه السلام بعضَ أُمَّهاتِ وُلدِ 9 أبيهِ ، فنَشَأ وهُو لا يعرِفُ أُمّاً غَيرَها ، ثُمَّ علِمَ أنَّها مَولاتُهُ ، فكانَ النَّاسُ يسمُّونَها أمَّه ، وزَعَموا أنَّهُ زوَّج أمَّه ، ومعاذ اللّه إنَّما زوَّج هذه .. . و كان سبب ذلك أنَّه واقع بعض نسائه ، ثمَّ خرج يغتسل ، فلقيته أُمُّه هذه ، فقال لها :
إنْ كانَ في نَفسِكِ مِن هذا الأمرِ شَيءٌ فاتَّقي اللّه َ وأعلِميني .
فقالَت : نَعم . فزوَّجَها ؛ فَقالَ النَّاسُ : زوَّجَ عليُّ بنُ الحسين عليه السلام أمّه . . . 10

1.في المصدر : «فإنّه» والصواب ما أثبتناه كما في بحار الأنوار .

2.الكافي : ج ۵ ص ۳۴۴ ح ۴ ، بحار الأنوار : ج ۴۶ ص ۱۶۴ ح ۶ نقلاً عنه وراجع : المناقب لابن شهر آشوب : ج ۳ ص ۳۰۰.

3.الكافي : ج ۵ ص ۳۴۶ ح ۶ ، بحار الأنوار : ج ۴۶ ص ۱۰۵ ح ۹۴ نقلاً عنه.

4.تهذيب الأحكام : ج ۷ ص ۳۹۷ ح ۱۵۸۷.

5.الزهد للحسين بن سعيد : ص ۶۰ ح ۱۵۹ ، بحار الأنوار : ج ۲۲ ص ۲۱۴ ح ۴۷ ، وج۴۶ ص ۱۳۹ ح ۳۰.

6.عيون الأخبار لابن قتيبة : ج ۴ ص ۸.

7.و في وفيات : حُيَي بن أخطَب .

8.المعارف لابن قتيبة : ص ۲۱۵ ، وفيات الأعيان لابن خلكان : ج ۳ ص ۲۶۹ نقلاً عنه ، البداية والنهاية : ج ۹ ص ۱۰۸.

9.وفي نسخة : «أولاد» بدل «ولد» .

10.عيون أخبار الرضا : ج ۲ ص ۱۲۸ ح ۶ ، بحار الأنوار : ج ۴۶ ص ۸ ح ۱۹ .


مكاتيب الأئمّة ج3
170

3

كتابُه عليه السلام إلى عبد الملك بن مروان

في التَّزويج

۰.عِدَّةٌ مِن أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن أبي عبد اللّه ،عن عبد الرَّحمان بن محمّد ، عن يزيد بن حاتم ، قال : كان لعبد المَلِك بن مَرْوان عَين بالمدينة ، يَكتُب إليه بأخبار ما يَحدث فيها ، وإنَّ عليَّ بن الحسين عليهماالسلامأعْتق جاريةً ثمَّ تزوَّجها ، فكَتب العَينُ إلى عبد المَلِك ، فكَتب عبد المَلِك إلى عليِّ بن الحسين عليهماالسلام :
أمَّا بعدُ ؛ فقد بلغني تزويجك مولاتَك ، وقد علمْت أنَّه كان في أكفائك من قريش ، من تَمَجَّدُ بهِ الصِّهرَ ، وتَسْتَنْجِبهُ في الولد ، فلا لنفسك نظرْت ، ولا على وُلْدك أبقيْت ؛ والسَّلام .
فكتب إليهِ عليُّ بن الحسين عليهماالسلام :
أمَّا بَعدُ ؛ فقَد بَلغَني كِتابُكَ تُعَنِّفُني بِتَزْويجي مَوْلاتي ، وتزْعُمُ أنَّهُ كانَ في نِساءِ قُرَيشٍ مَن أتَمَجَّدُ بِهِ في الصِّهْرِ ، وأسْتَنْجِبُهُ في الوَلَدِ ، وأنَّه لَيسَ فَوقَ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله مُرْتَقىً في مَجْدٍ ، ولا مُسْتَزادٌ في كَرَمٍ ، وإنَّما كانَت مِلْكَ يَميني خَرَجَتْ متى أرادَ اللّه ُ عز و جل منِّي بأمرٍ ألْتمِسُ بِهِ ثَوابَهُ ، ثُمَّ ارْتَجَعْتها على سُنَّةٍ ، ومَن كانَ زَكيّاً في دينِ اللّه ِ فَلَيسَ يُخِلُّ بِهِ شَيْءٌ مِن أمرِهِ ، وقَد رفَعَ اللّه ُ بالإسلامِ الخَسيسَةَ وتَمَّمَ بهِ النَّقيصَةَ ، وأذْهَبَ اللُّؤمَ ، فَلا لُؤمَ على امْرئٍ مُسلمٍ ، إنَّما اللُّؤمُ لُؤمُ الجاهِليَّةِ ، والسَّلامُ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج3
    المساعدون :
    الفرجی، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 59441
الصفحه من 340
طباعه  ارسل الي