87
مكاتيب الأئمّة ج1

مكاتيب الأئمّة ج1
86

هَاشِمُ بنُ عُتْبَةَ

هاشم بن عُتْبَة بن أبي وَقَّاص المِرْقَالُ ، يُكنَّى أبا عمرو ، وهو ابن أخي سَعْد بن أبي وَقَّاص والمرقالُ هو العارف السَّليم القلب ، وأسد الحروب الباسل . كان من الفضلاء الخيار، وكان من الأبطال البُهَم ۱۲ . من صحابة رسول اللّه صلى الله عليه و آله الكبار ۳ ، وكان نصيرا وفيّا للإمام أمير المؤمنين عليه السلام ۴ ، ومن
الشُّجعان الأبطال ۵ .
أسلم يوم الفتح . وذهبت إحدى عينيه في معركة اليرموك ۶ .
ثمّ سارع إلى نصرة عمّه سَعْد بن أبي وَقَّاص ۷ . وتولّى قيادة الجيش في فتح جَلَوْلاء ۸ . لُقِّب بالمِرقال ؛ لطريقته الخاصّة في القتال، وفي هجومه على العدوّ ۹ .
شهد معركة الجمل ۱۰ وصفِّين ۱۱ . وإنّ ملاحمه وخطبه في بيان عظمة الإمام عليّ عليه السلام ، وكشفه ضلال الأمويّين وسيرتهم القبيحة ، كلّها كانت دليلاً على عمق تفكيره ، ومعرفته الحقّ . وثباته عليه .
دفع الإمام عليّ عليه السلام رايته العظمى إليه يوم صفِّين ۱۲ . وتولّى قيادة رجّالة البصرة يومئذٍ ۱۳ . استُشهد في صفِّين عند مقاتلته كتيبة أمويّة بقيادة ذو الكلاع ۱۴ . وأثنى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام على شجاعته وشهامته وثباته وكياسته ۱۵ .
في الاستيعاب عن أبي عمر : أسلم هاشم بن عُتْبَة يوم الفتح ، يعرف بالمرقال ، وكان من الفضلاء الخيار ، وكان من الأبطال البُهَم ، فُقِئت عينه يوم اليرموك ، ثمّ أرسله عمر من اليرموك مع خيل العراق إلى سعد ، كتب إليه بذلك ، فشهد القادسيّة وأبلى بها بلاءً حسنا، وقام منه في ذلك ما لم يقم من أحد ، كان سبب الفتح على المسلمين . وكان بُهْمَة من البُهَم فاضلاً خيّرا . وهو الَّذي افتتح جلولاء ، فعقد له سَعْد لواءً ووجّهه ، وفتح اللّه عليه جلولاء ولم يشهدها سعد ۱۶ .
وفي المستدرك على الصحيحين عن محمّد بن عمر : كان ( هاشِم بن عُتْبَة ) أعور ، فقئت عينه يوم اليرموك ۱۷ .
وفي الإصابة عن المرزباني : لمّا جاء قتل عثمان إلى أهل الكوفة ، قال هاشم لأبي موسى الأشْعَرِيّ : تعال يا أبا موسى بايع لخير هذه الاُمّة عليّ . فقال : لا تعجل . فوضع هاشم يده على الاُخرى ، فقال : هذه لعليّ وهذه لي ، وقد بايعت عليّا ، وأنشد :
اُبايِعُ غَيرَ مُكتَرثٍ عَلِيّاوَ لا أخشَى أمِيرا أشعَرِيّا
اُبايِعُهُ وأعلم أن ساُرضِيبِذاكَ اللّه َ حَقّا وَالنَّبيّا۱۸
وقال الإمام عليّ عليه السلام : « وَقَد أرَدتُ تَولِيَةَ مِصرَ هاشِمَ بنَ عُتْبَةَ ، وَلَو وَلّيتُهُ إيّاها، لَما خَلَّى لَهُم العَرصَةَ ، ولا أنهَزَهُم الفُرصَةَ ، بِلا ذمّ لِمُحمّدِ بنِ أبي بكرٍ ، وَلَقَد كان إليَّ حَبِيبا ، وَكانَ لِي رَبِيبا »۱۹.
وعنه عليه السلام : « رَحِمَ اللّه ُ مُحَمّدا ، كانَ غُلاما حَدَثا ، أما وَاللّه ِ ، لَقَد كُنتُ أرَدتُ أن اُولّيَ المِرقَالَ هاشِمَ بنَ عُتْبَةَ بنِ أبي وَقَّاص مِصرَ ، وَاللّه ِ ، لَو أنَّهُ وَلِيَها لَمَا خَلَّى لِعَمْرو بنِ العاصِ وَأعوانِهِ العَرْصَةَ ، وَلَما قُتِلَ إلاّ وَسَيفُهُ في يده »۲۰.
وفي وقعة صفِّين عن عبد الرحمن بن عبيد بن أبي الكَنود : لمّا أراد عليّ المسير إلى أهل الشَّام دعا إليه من كان معه من المهاجرين والأنصار ، فَحَمِدَ اللّه َ وأثنى عليه وقال : « أمّا بَعدُ ، فإنَّكُم مَيامِينُ الرَّأي ، مَراجِيحُ الحِلْمِ ، مَقاوِيلُ بِالحقِّ ، مُبارَكُو الفِعلِ والأمرِ ، وَقَد أرَدنا المسير إلى عَدوِّنا وَعَدوِّكُم ، فَأشيروا عَلَينا بِرأيِكُم » .
فقام هاشم بن عُتْبَة بن أبي وَقَّاص ، فحمد اللّه وأثنى عليه بما هو أهله ، ثمّ قال : أمّا بَعدُ يا أمير المؤمنين ، فأنا بالقومِ جِدُّ خَبيرٍ ، هُم لَكَ ولأشياعِكَ أعداءُ ، وَهُم لِمَن يَطلُبُ حَرثَ الدُّنيا أولياءُ ، وَهُم مُقَاتِلوكَ ومُجاهِدُوكَ لا يُبقون جُهدا ،
مُشاحّةً على الدُّنيا ، وَضَنّا بما في أيدِيهم مِنها ، وَلَيسَ لَهُم إربَةٌ ۲۱ غَيرَها، إلاّ ما يَخدَعُونَ بِهِ الجُهّالَ مِنَ الطَّلبِ بِدَمِ عُثمانَ بنِ عَفّان . كَذِبوا لَيسوا بِدَمِهِ يَثأرونَ ، ولكِنِ الدُّنيا يَطلبونَ ، فسِرْ بِنا إليهِم ، فَإن أجابوا إلى الحقّ فليس بعد الحقّ إلاّ الضَّلالُ ، وَإن أبَوا إلاّ الشِّقاقَ فَذَلِكَ الظَّنُّ بِهمِ . وَاللّه ِ ، ما أراهم يُبايِعونَ وفيهِم أحدٌ مِمَّن يُطاعُ إذا نهى ، و] لا ] ۲۲ يُسمَعُ إذا أمَرَ ۲۳ .
وعن هاشم بن عُتْبَة ـ في جواب استنفار عليّ عليه السلام قبل حرب صفِّين ـ : سِر بِنا ـ يا أمير المؤمنين ـ إلى هؤلاءِ القومِ القاسيةِ قلوبُهُم ، الَّذين نَبَذوا كِتابَ اللّه ِ وَراءَ ظُهورِهِم ، وَعَمِلُوا في عِبادِ اللّه ِ بِغَيرِ رِضا اللّه ِ ، فَأحلُّوا حَرامَهُ وحَرَّموا حَلالَهُ ، وَاستَولاهُمُ الشيطانُ وَوَعَدَهُمُ الأباطيلَ وَمنّاهُمُ الأمانِيَ ، حَتَّى أزاغَهُم عَنِ الهُدى وَقَصَدَ بِهِم قَصدَ الرَّدَى ، وَحَبَّبَ إليهمِ الدُّنيا ، فَهُم يُقاتِلونَ علَى دُنياهُم رَغبةً فيها، كَرَغبَتِنا في الآخِرَةِ إنجازَ مَوعودِ رَبّنا .
وَأنتَ ـ يا أمير المؤمنين ـ أقربُ النَّاسِ مِن رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله رَحِما ، وأفضَلُ النَّاسِ سابِقَةً وَقَدَما . وَهُم ـ يا أميرَ المؤمنين ـ مِنكَ مِثلُ الَّذي عَلِمنا . وَلكِن كُتِبَ عَلَيهِم الشَّقاءُ ، وَمالَت بِهِمُ الأهواءُ، وَكانوا ظالِمينَ . فَأيدينا مَبسوطَةٌ لَكَ بالسَّمعِ والطَّاعَةِ ، وَقُلُوبُنا مُنشَرِحَةٌ لَكَ بِبَذلِ النَّصيحَةِ ، وَأنفُسُنا تَنصُرُكَ ـ جَذِلةً ۲۴ ـ علَى مَن خَالَفَكَ وتَولّى الأمرَ دُونَكَ . واللّه ما أُحبُّ أنَّ لِي ما في الأرضِ مِمَّا أَقلَّت ، وَما تَحتَ السَّماءِ مِمّا أَظلَّت ، وَأنّي وَاليتُ عَدُوّا لَكَ ، أَو عَادَيتُ وَلِيّا لَكَ .
فقال عليّ عليه السلام : « اللَّهمَّ ارزُقهُ الشَّهادَةَ في سَبيلِكَ ، وَالمُرافَقَةَ لِنَبيِّكَ صلى الله عليه و آله »۲۵.

1.البُهْمة بالضمّ : الشجاع ، وقيل : هو الفارس الَّذي لا يُدرَى من أين يُؤتى له من شدَّة بأسه ، والجمع بُهَم ( لسان العرب : ج۱۲ ص۵۸ ) .

2.راجع: الاستيعاب : ج ۴ ص۱۰۷ الرقم۲۷۲۹ .

3.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۱ ، الاستيعاب : ج ۴ ص ۱۰۷ الرقم۲۷۲۹ ، الطبقات لخليفة بن خيّاط :ص ۲۱۴ الرقم ۸۳۱ ، المستدرك على الصحيحين : ج ۳ ص ۴۴۷ ح ۵۶۹۰ .

4.رجال الطوسي : ص۸۴ الرقم۸۵۲ وفيه « هشام بن عتبة بن أبي وقّاص المِرقال » ؛ مروج الذهب : ج۲ ص۳۸۷ ، اُسد الغابة : ج ۵ ص۳۵۳ الرقم۵۳۲۸ .

5.اُسد الغابة : ج ۵ ص۳۵۳ الرقم۵۳۲۸ ، الإصابة : ج ۶ ص۴۰۴ الرقم۸۹۳۴ ، المعارف لابن قتيبة : ص۲۴۱ ، الاستيعاب : ج ۴ ص۱۰۷ الرقم۲۷۲۹ .

6.المستدرك على الصحيحين : ج ۳ ص۴۴۷ ح۵۶۹۳ ، الاستيعاب : ج ۴ ص۱۰۷ الرقم۲۷۲۹ ، تاريخ بغداد : ج ۱ ص۱۹۶ الرقم۳۴ ، مروج الذهب : ج۲ ص۳۸۷ .

7.الاستيعاب : ج۴ ص۱۰۷ الرقم۲۷۲۹ ، تاريخ بغداد : ج ۱ ص۱۹۶ الرقم۳۴ ، الإصابة : ج۶ ص۴۰۵ الرقم۸۹۳۴ وفيهما « حضر مع عمّه حرب الفُرس بالقادسيّة » .

8.الاستيعاب : ج ۴ ص۱۰۷ الرقم۲۷۲۹ ، تاريخ بغداد : ج ۱ ص۱۹۶ الرقم۳۴ ، الإصابة : ج۶ ص۴۰۵ الرقم۸۹۳۴ وفيهما « حضر مع عمّه حرب الفُرس بالقادسيّة » .

9.رجال الطوسي : ص۸۴ الرقم۸۵۲ ، وقعة صفّين : ص۳۲۸ ؛ تاريخ الطبري : ج۵ ص۴۴ ، مروج الذهب : ج۲ ص۳۸۷ ، الإصابة : ج ۶ ص۴۰۴ الرقم۸۹۳۴ ، وفي النهاية : ج۲ ص۲۵۳ « الإرقال : ضرب من العَدْو فوق الخَبَب . يقال : أرقلت الناقة تُرقل إرقالاً ، فهي مُرقل ومِرْقال . وأضاف في لسان العرب : ج۱۱ ص۲۹۴ « ومرقال : كثيرة الإرقال . . . . والمِرقال : لقب هاشم بن عُتبة الزُّهري ؛ لأنّ عليّا عليه السلام دفع إليه الراية يوم صفّين فكان يُرقل بها إرقالاً » .

10.الجمل : ص۳۲۱ ؛ الاستيعاب : ج ۴ ص۱۰۸ الرقم۲۷۲۹ .

11.الاستيعاب : ج ۴ ص۱۰۸ الرقم۲۷۲۹ ؛ وقعة صفّين : ص۱۵۴ .

12.الأخبار الطوال :ص۱۸۳ ، المستدرك على الصحيحين : ج ۳ ص۴۴۷ ح۵۶۹۱ ، تاريخ الطبري : ج۵ ص۱۱ وص۴۰ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج۳ ص۵۸۴ ، الاستيعاب : ج ۴ ص۱۰۸ الرقم۲۷۲۹ ؛ رجال الطوسي : ص۸۵ ح۸۵۲ وفيه « كان صاحب رايته ليلة الهرير » ، وقعة صفّين : ص۲۰۵ .

13.تاريخ الطبري : ج۵ ص۱۱ ، المستدرك على الصحيحين : ج ۳ ص۴۴۷ ح۵۶۹۳ ، الاستيعاب : ج۴ ص۱۰۸ الرقم۲۷۲۹ وليس فيهما « البصرة » .

14.وقعة صفّين : ص۳۴۸ ؛ مروج الذهب : ج۲ ص۳۹۳ ، تاريخ الطبري : ج۵ ص۴۱ ، تاريخ بغداد : ج۱ ص۱۹۶ الرقم۳۴ ، الأخبار الطوال : ص۱۸۳ .

15.نهج البلاغة : الخطبة ۶۸ ، الغارات : ج۱ ص۳۰۱ ؛ تاريخ الطبري : ج۵ ص۱۱۰ ، أنساب الأشراف : ج۳ ص۱۷۳ .

16.الاستيعاب : ج ۴ ص۱۰۷ الرقم۲۷۲۹ .

17.المستدرك على الصحيحين : ج ۳ ص۴۴۷ ح۵۶۹۳ ، الاستيعاب : ج ۴ ص۱۰۷ الرقم۲۷۲۹ ، اُسد الغابة : ج ۵ ص۳۵۳ الرقم۵۳۲۸ ، مروج الذهب : ج۲ ص۳۸۷ نحوه .

18.الإصابة : ج ۶ ص۴۰۵ الرقم۸۹۳۴ .

19.نهج البلاغة : الخطبة ۶۸ ؛ أنساب الأشراف : ج۳ ص۱۷۳ نحوه .

20.الغارات : ج۱ ص۳۰۱ عن مالك بن الجون ؛ تاريخ الطبري : ج۵ ص۱۱۰ عن مالك بن الحور .

21.الإرْبةُ : الحاجَة ( مجمع البحرين : ج۱ ص۳۷ ) .

22.هكذا وضعت بين معقوفتين في المصدر، والأنسب للمعنى حذف «لا» من الكلام.

23.وقعة صفّين : ص۹۲ .

24.الجَذَلُ : الفَرَحُ ( مجمع البحرين : ج۱ ص۲۸۰ ) .

25.وقعة صفّين : ص۱۱۲ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج1
    المساعدون :
    فرجي، مجتبي
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 107692
الصفحه من 568
طباعه  ارسل الي