515
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

باب حجج اللّه على خلقه

۱.محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن أبي شُعَيْبٍ المَحامِليّ ، عن دُرُسْتَ ابن أبي منصور ، عن بُرَيدِ بن معاويةَ ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :«ليس للّه على خَلْقِه أن يَعرِفوا ، وللخَلْق على اللّه أن يُعَرِّفَهُم ، وللّه على الخلق إذا عَرَّفَهم أن يَقْبَلوا» .

۲.عدّةٌ من أصحابنا ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن الحَجّال ، عن ثَعْلَبَةَ بن مَيمون ، عن عبد الأعلى بن أعْيَنَ ، قالَ :سألتُ أبا عبد اللّه عليه السلام مَن لم يَعْرِفْ شيئا هل عليه شيءٌ؟ قال : «لا» .

باب حجج اللّه على خلقه
قوله: (ليس للّه على خلقه أن يعرفوا) أي ليس ۱ المعرفة واجبةً عليهم؛ لأنّه من صنع اللّه تعالى لا من صنعهم (وللخلق على اللّه أن يعرّفهم) لأنّ استكمالهم ونجاتهم فيما لا يكون تحت قدرتهم لازمٌ على الخالق الخيّر الحكيم القادر، ويحكم العقل بحسنه وقبح تركه، وبأنّه لا يتركه الموصوف بتلك الصفات ألبتّة (و) الواجب (للّه على الخلق) ومن حقوقه عليهم (إذا عرّفهم أن يقبلوا) أي يطيعوا ويَنْقادوا ويعترفوا بأنّ ما عرّفهم حقّ. وهذا الحديث وأمثالُه دالٌّ على التحسين والتقبيح العقليّين.
(من لم يعرف شيئا هل عليه شيء؟) أي مَن لم يعرف شيئا أصلاً بتعريفه سبحانه بإرسال الرسل، أو الوحي والإلهام، هل يجب عليه شيء يؤاخَذ بتركه ويعاقَب عليه؟ أو المراد: مَن لم يعرف شيئا خاصّا بتعريفه سبحانه هل يجب ذلك الشيء عليه، ويؤاخذ بتركه ويعاقب عليه؟ وإن كان عبارة السائل قاصرةً عنه.
والجواب بنفي الوجوب أمّا على الأوّل، فلقوله تعالى: « وَ مَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً »۲ ولأنّه من لم يعرف شيئا حتّى المعرفة باللّه سبحانه التي من صنع اللّه ، كيف يؤاخَذ بعدم المعرفة به وبما يترتّب عليه؟ !

1.في «ل»: «ليست».

2.الإسراء (۱۷): ۱۵.


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
514

۰.«أصْلَحَكَ اللّه ُ ، هل جعلَ في الناس أداةٌ يَنالونَ بها المعرفةَ؟ قال : فقال : «لا» ، قلتُ : فهل كُلِّفُوا المعرفةَ؟ قال : «لا ، على اللّه ِ البيانُ « لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا »« وَلاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَآ ءَاتَـلـهَا » » ، قال : وسألتُه عن قوله : « وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمَام بَعْدَ إِذْ هَدَلـهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ » قال : «حتّى يُعَرِّفَهم ما يُرضيه وما يُسخِطُه».

۶.وبهذا الإسناد ، عن يونسَ ، عن سَعدانَ ، رَفَعَه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :«إنّ اللّه َ لم يُنْعِمْ على عبدٍ نعمةً إلاّ وقد ألْزَمَه فيها الحجّةَ من اللّه ، فمَنْ مَنَّ اللّه ُ عليه فجعله قويّا ، فحُجَّتُه عليه القيامُ بما كَلَّفَه ، واحتمالُ من هو دونَه ممّن هو أضعَفُ منه ، ومَن مَنَّ اللّه ُ عليه فَجَعَلَه مُوَسَّعا عليه فحجَّتُه عليه مالُه ، ثمّ تَعاهُدُه الفقراءَ بعدُ بنوافِلِه ، ومَن مَنَّ اللّه ُ عليه فجَعَلَه شريفا في بيته ، جميلاً في صورته ، فحجَّتُه عليه أن يَحْمَدَ اللّه َ تعالى على ذلك ، وأن لا يتطاولَ على غيره ، فيَمنَعَ حقوقَ الضعفاء لحال شَرَفِه وجمالِه» .

باب اختلاف الحجّة على عباده

۱.محمّد بن أبي عبد اللّه ، عن سهل بن زياد ، عن عليّ بن أسباط ، عن الحسين بن زيد ، عن دُرُسْتَ بن أبي منصور ، عمّن حَدَّثَه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :«ستّةُ أشياءَ ليس للعباد فيها صُنْعٌ : المعرفةُ ، والجهلُ ، والرضا ، والغضبُ ، والنومُ ، واليَقظَةُ» .

قوله: (لا يكلّف اللّه نفسا إلاّ وسعها) فيه إشارة إلى أنّ المعرفة بكمالها لا قدرة للعبد على تحصيلها بإرادته، وأنّ تكليف غير المقدور قبيح وغير واقع.
وقوله: (ولا يكلّف اللّه نفسا إلاّ ما آتاها) أي ما آتاها معرفتَها.
قوله: (فحجّته عليه القيامُ بما كلّفه) أي ما يحتجّ به عليه بعد التعريف قوّة القيام بما كلّف به، أو المحتجّ له القيام بالمكلّف به. وهذا أظهر وأوفقُ بما بعده من جعل التعاهد للفقراء بنوافل ماله، والحمدِ على شرفه وجماله، وعدمِ التطاول على غيره من الحجّة. وحينئذٍ ينبغي حمل قوله: (فحجّته عليه مالُه) على أنّ المحتجّ له إصلاح ماله وصرفُه في مصارفه، وحفظُه عن التضييع والإسراف فيه.

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    المساعدون :
    النائینی، رفیع الدین محمد بن حیدر
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 99529
الصفحه من 672
طباعه  ارسل الي